383

Safwat Azal

صفوة العصر في تاريخ ورسوم مشاهير رجال مصر

Nau'ikan

لا مغالاة إذا اعتبرنا هذا الأستاذ القدير والكاتب النحرير في طليعة كتاب هذا العصر بلا جدال، فهو إذا كتب أطرب النفوس بدرر المعاني وبديع المباني، وإذا تحدث سحر الألباب برقيق ألفاظه وجذب القلوب لجمال أسلوبه، وقد لا يمر يوم إلا ونرى له دررا يحلى بها جيد الأدب يتصفحها القارئ بلذة وشغف عظيمين، وهو يردد بقلبه شكرا لذلك الفكر الثاقب وثناء لتلك الذاكرة الوقادة، والأستاذ رجل عمل كبير، وسياسي خبير حكيم إذا أعطى رأيا، ومفيد إذا عالج حديثا، ولكتابته المقام بين كتاب هذا العصر يخوض بحور السياسة، فيظهر غامضها ولا يشغل قلمه السيال إلا في مهام الأمور يفصح عن مكنوناتها بحجة دامغة وعبارات بليغة، ولا يكتب كلمة أو يبدي رأيا إلا وتكون تلك الكلمة وذلك الرأي دواء ناجعا وحكمة صائبة.

مولده ونشأته

ولد صاحب الترجمة بقرية يحشوش من أعمال لبنان سنة 1870م من أبوين كريمين، غذياه بلبان الأدب والفضيلة وأدخلاه مدرسة المحبة بعرامون لبنان، ثم التحق بمدرسة ماروليس بغزير بلبنان، وانتقل منها إلى مدرسة الحكمة ببيروت ومنها أحرز شهادة البكالوريا سنة 1890، ودخل كاتبا بأحد المحلات التجارية ببيروت، ثم جاء مصر وجرد قلمه للتحرير في الجرائد، والتحق بمصلحة التاريع بطنطا ومكث بها ردحا من الزمن ومنها اشتغل بمهنة التدريس بمدرسة الأفريكان بزفتى إلى أن تولى رئاسة تحرير جريدة المحروسة بالقاهرة، وأنشأ بالاشتراك مع صديقه الشيخ يوسف الخازن جريدة الأخبار، فأحرزت مقاما عاليا في عالم الصحافة وظل مواليا عمله فيها من سنة 1896 إلى سنة 1899م.

وقد طلب إليه بشارة باشا تقلا صاحب جريدة الأهرام أن يكون محررا لجريدته، فأجاب الدعوة ولا يزال إلى يومنا هذا رئيس التحرير يزف كل يوم لكل ناطق بالضاد دررا غوالي، ويضرب على نغمات تترنم لها الهيئة الاجتماعية، فاشتهر اسمه وذاع صيته بين رجال الأدب وأصبح محبوبا ومحترما لدى العامة.

ولم يقتصر الأستاذ على ذلك بل رأى أن يكون له يد عن قرب لمساعدة الفقراء، وإعانة المعوزين فكانت له مآثر جمة إذ أنشأ جمعية خيرية للسيدات المارونيات بمصر، وسعى مع كبار الجالية السورية فأسسوا «الاتحاد السوري» لجمع شتات أبناء وطنهم والسعي إلى توحيد كلمتهم، فكان لعملهم هذا فائدة جزيلة وبالإجمال فإن للأستاذ يدا محمودة في معظم الجمعيات وغيرة كبيرة يعرفها كل من خبره أو احتاج إليه، وقد ألف كتابا نفيسا في «الرد على مندوب التيمس في القضية المصرية»، وكتابا قيما في «المسألة السودانية»، كما له رسائل أخرى عديدة في الأدب والاجتماع.

وفي سنة 1913م أرادت الحكومة المصرية أن تكافئ هذا الكاتب الذي خدم مصر والمصريين حقبة من الزمن بالإخلاص التام، والمقدرة الفائقة، فأنعمت عليه بالنيشان المجيدي الثالث، كما منحه باي تونس نيشان الافتخار.

صفاته وأخلاقه

ممتاز بفرط الذكاء، وسعة الإطلاع، ودماثة الأخلاق، وقوة الإرادة، ومساعدة الفقراء والكفاءة العالية والأدب الجم.

أكثر الله من أمثاله الأدباء وأدامه بالصحة والهناء.

ترجمة فقيد التاريخ والعلم والأدب ومنشئ مجلة الهلال والروائي الشهير المرحوم جرجي بك

Shafi da ba'a sani ba