ولحضرة صاحب الترجمة فضل جميل وأثر لا يمحى في تأسيس جمعية الأطباء المصرية، ونقابة الأطباء المصرية وكان ينتخب دائما في عضوية مجالسها الإدارية بإجماع الآراء، وله كذلك في الجمعية مباحث علمية كثيرة الفائدة وكتابات ومقالات طبية في مجلتها، وكذلك في النقابة التي كان أخص مظاهرها إبداء الرأي السياسي في الأحوال الحاضرة، وقد كان يؤيده في آرائه جميع حضرات الأطباء، وطالما أصدروا من القرارات الجريئة في أشد الأوقات شدة ما حفظ نفسية الجمهور أمام حكم الإرهاب الذي كان سائدا في مصر بمعرفة لورد اللنبي، وقد كان لهذه الآراء أيضا تأثير كبير جدا عند نشرها في جرائد إنجلترا؛ لأن الأطباء كهيئة وطنية لها رأيها المحترم بالنسبة لما هو معروف عند رجالها من صدق النظر ودقة البحث ووزن الأمور.
وقد بعثت إليه نقابة الأطباء الخطاب التالي وقت اعتقاله؛ تقديرا لصادق مواقفه الشريفة ومجهوداته الفائقة نحو خدمة بلاده، ندونه وهذا نصه:
إلى الزميل الأعز في معتقله
إن التضحية التي قدتها من جديد لوطنك ليست الأولى من نوعها، بل هي حلقة في سلسلة تتبع الواحدة الأخرى وقد عرفنا عن روحك العالية أنها مشبعة بحب الوطن المفدى إلى حد التقديس والعبادة، إذ خلقت بطبيعتك مثالا للشهامة والمروءة والنجدة، ونكران الذات بحكم مولدك وماضيك وبحكم مهنتك، فرجل هذا شأنه لا شك يستصغر كل كبير في سبيل بلاده وأمته، ويهون عنده كل صعب في سبيل إعزاز بلاده ونصرتها، وإن قلوب زملائك الأطباء لتحن إليك حنين الطيور لأوكارها والأسود لعرينها، وإن أرواحهم لترفرف عليك فتظلك من لحف الشمس وزمهرير البرد مهما أقاموا دونك من المعاقل والأسوار، ومهما حجبوك عن الأنظار فكن على بركة الله هادئ البال، فقد نلت مكانك من الشمس عن كفاءة وجدارة، ومثل مكانك لا ينال.
هذا وقد انتخبته الجمعية الطبية الملكية في اجتماع جمعيتها العمومية لسنة 1924م لأن يكون عضوا لمجلس إدارتها.
أعماله الاجتماعية
لا يفوتك أيها القارئ الكريم أن حضرة صاحب الترجمة رغما من كثرة أعماله الطبية في عيادته الخصوصية، التي ربما أخذت كل أوقاته، فقد قبل أن يكون طبيبا للأمراض الباطنية والجلدية بالمستشفي القبطي، وهو من أشد المخلصين لإعلاء شأنه، والذي تطوع لخدمته بدون أجر ابتغاء مرضاة الله واختيارا منه لخدمة الإنسانية.
انتخابه عضوا لمجلس النواب
ونظرا لصدق إخلاصه وكبير وطنيته وثبات مبدئه وسمو مركزه الأدبي، انتخب عضوا في مجلس النواب عن دائرة شبرا في كل من أدوار انعقاده، وكان شديد الغيرة على مصلحة هذه الدائرة، كما كانت له الآراء الصائبة والاقتراحات السديدة، ولا بدع في ذلك، فكفاءته الشخصية ومقدرته الأدبية وشهامته التي لا حد لها معلومة لدى الخاص والعام، وقد جاء هذا الانتخاب في محله حيث صادف أهله.
صفاته وأخلاقه
Shafi da ba'a sani ba