Shafuka Daga Hakurin Malamai Kan Wahalhalun Ilimi da Samu
صفحات من صبر العلماء
Nau'ikan
158 - شهدنا فى هذه الصفحات ان العلم الحق ياخذه الناس من عالمه وحافظه، دون تمييز بين ان يكون ذلك العالم من سادات البيوتات، او من الموالى الذين اعتقتهم السادات، فالعلم فى ذاته شرف وسيادة، ونسب رفيع لحامله وشهادة، فبعد ثبوت الامانة من ناقله، لا يتلفت الى عنصره او جنسه، او كونه حرا او رقيقا، او مولى او معتقا، او فقيرا او غنيا، او متقشفا او متبسطا او مخشوشنا. فالعلم سدة رفيعه تحنى لها الجباة، @ وحكم عدل يخضع له المتكبرون والكبراء، والملوك والعظماء:
ان الملوك ليحكمون على الورى... وعلى الملوك لتحكم العلماء
159 - شهدنا فى هذه الصفحات: المفارقة الكبيرة بين حالنا اليوم وحال طلاب العلم فى القديم، فقد كانوا يضربون اباط الابل، ويقطعون الفيافى والقفار فى الليالى والهواجز مشيا على الاقدام، ويقعون فى المتاعب والمهالك حتى يلقوا عالما، او يسمعوا محدثا، او ياخذوا عن فقيه، او يتلقوا من اديب.
كل ذلك يكون منهم وهم صامتون، فلا تشهد منهم غرور المغرورين، وانتفاخ المدعين، كالذى تبلى به من بعض الناس اليوم، وقد اوتوا - رحمهم الله- من دقة العلم وكثرته واتقانه ما يبهر الانظار، ويخضع لعظمته ومتانته وتحقيقه واستيعابه المجدون المنصفون ذوو الالباب، قد ونوا كل ذلك، بصمت العابد، وتواضع العالم، وامانه الفطن الصالح الدقيق البصير، الذى لا يفرط فى قير ولا قطمير (1) .
(1) واحب ان اطلعك على صورة صادقة من الموازنة بين جهود المجدين النابهين المعترفين منا اليوم، وجهود بعض ائمة العلم الذين جاوز تعداد مؤلفاتهم المئة، مثل الحافظ شمس الدين الذهبى رحمة الله تعالى، لتشهد منها حال المدعين منا المتطاولين على الائمة العباقرة الماضيين.
قال العالم الثبت المتقن المتتبع الاستاذ سعيد الافغانى، عميد كلية الاداب بجامعة دمشق سابقا، فى مقدمته التى كتبها لترجمة (السيدة عائشة رضى الله عنها) ، المستخرجة من كتاب " سير اعلام النبلاء " للحافظ الذهبى. قال حفظه الله تعالى: ما يلى:
" ترجم للسيدة عائشة كثيرون من اعلام المؤرخين، الا ان هذا المصدر: (سير النبلاء) يتفرد بمزايا ليست فى مصدر اخر، انها ترجمة فنية من الوجهة الحديثة ".
ثم اشار الى عظم جهود المحدثين وبالغ تفننهم فى خدمة التاريخ فى الحضارة الاسلامية بما يدهش الالباب، الى ان قال:
Shafi 125