وصمت مصطفى لحظة، وكدت أحس بالجو الثقيل الذي نشره ينزاح بعيدا لولا أنه عاد يقول في تراخ: لو رأيت بعينك ما رأيت لثرت أكثر مني ... هذا إذا كنت تضع سعيدا حيث وضعناه من نفوسنا من زمن ... لو رأيت سهاما، وهي قابعة في سيارة صاحبنا المنتفخ، ولو رأيت صاحبنا المنتفخ نفسه، وهو يصعد إلى السيارة ويجلس إلى جوارها.
وأعترف أني دهشت لهذا الذي يقوله مصطفى ... ومن المؤكد أني ثرت عليه، وقاطعته والتمست لهذا اللقاء الأعذار.
وأعترف أيضا أني تخاذلت، وأنا أسمع أبعد من هذا الذي رواه، سهام تلقى هذا وذاك خلال ساعات النهار حين يكون سعيد في عمله، ليس السيد المنتفخ وحده ... وليس الثري الأمي ... وإنما ثالث ورابع.
ويل للمقدسات الزائفة من لحظات الشك، إن هذه اللحظات تستبدل بعيون الحب العمياء عيونا واعية حذرة ذاكرة.
في خلال بضعة شهور من هذا اليوم كان كل منا يرى في بيت سعيد ما لم يكن قدره من قبل، وكان كل منا يلحظ من تصرفات سهام ما يثير أشد الرجال غباء وغفلة.
ولكن سعيدا كان يفوق أشد الرجال غباء وغفلة، كان لا يثيره شيء بل كان يبدو أنه راض بكل شيء.
وعلل عبد القادر ذلك ذات يوم فقال: إن سعيدا قد تغير، وإنه يريد أن يصل إلى الثراء والجاه معا؛ لأن سهام تريد ذلك.
واندفع علي كعادته: أو لم تقل رأيها بصراحة ليلة كنا في السينما؟ ... إنه لا يريد أن يكون العاشق الذي تتركه في منتصف الطريق.
وخرج حمدي من هامشه فقال: وماذا أنتم فاعلون؟ هذا هو سعيد، إما أن تقبلوه كما هو، وإما أن ندعه في حاله ... هل فيكم من يجرؤ على أن يحدثه بشيء؟ - أنا أجرؤ أن أحدثه لو أن لذلك أية فائدة تعود عليه، إنه راض عن ذلك.
وكان مصطفى هو الذي يتكلم في استنكار. - قد يكون سعيد كما تقولون يمنح زوجته الكثير من الحرية، ويفتح بيته لأصدقاء جدد قد يعاونونه فيما رسمه لنفسه من مستقبل، لكن من يجرؤ منكم على أن يتهمه بأنه يعرف السوء عن سهام ويسكت.
Shafi da ba'a sani ba