وقلت ضاحكا: «لا أراك الله وجهي يا سيد ... إنني كما ترى لا أرى غير السجناء.»
وأسلمت سيد - بعد أن أخرجته من السجن - في دفتري فقط إلى الشاويش عبد ربه ليتولى تسليمه ما أودعه في عهدته، ويطلق سراحه ... وكنت أعرف مقدما ما سوف يحدث، لسوف يتخلى سيد عما تحويه حافظته من نقود، وسوف يستولي عبد ربه على ساعته إن كانت لديه ساعة، أو خاتمه إن كان يملك خاتما جاء به إلى المركز.
وربما قضى سيد ليلة أخرى في السجن إذا لم يقدم لعبد ربه قربانا سخيا، وعبد ربه معذور إذا أبقاه ليلة أخرى ... إنه يخشى عليه من الذهاب إلى القرية بعد الغروب ... أول لعل ضابط المباحث يحتاج إليه لاستيفاء بعض معلومات.
إن هناك ألف حجة لحبس إنسان برأته سلطة القضاء.
وصح ما توقعته ... فما كدت أطأ عتبة باب المركز في الصباح حتى وجدت سيد عبد الغني بقوامه الفارع، ووجهه النظيف يخطر في الممر الضيق متجها نحو الباب.
وبادرني بصوته الجاد الصافي: صباح الخير يا بيه!
وقلت متصنعا الدهشة: ماذا؟! هل جئت إلى المركز ثانيا يا سيد؟
وأجابني، وفي صوته رنة دعابة: لم أكن قد غادرت المركز أمس، لقد قضيت ليلتي هنا في ضيافة الشاويش عبد ربه.
وكادت شفتاي تفتران عن ابتسامة خبيثة، ولعل سيد قد لمح بعينيه بوادرها ... فقد استطرد قائلا: حقك يا بيه تسأل عنه؛ لأنه روح البيت مريض، لقد أصيب بمغص شديد عقب صلاة الفجر.
وتملكتني الدهشة فما أظن أن في الدنيا آلاما تستطيع أن تؤثر في بطن الشاويش عبد ربه الضخم ... وأحسست أن هناك شيئا، فقلت لسيد: ولكن ماذا تفعل هنا الآن؟ ألم يطلق سراحك؟ - إني أنتظر معاون البوليس لأطالبه بحسابي. - حساب؟ أي حساب؟ - جنيه ونصف أخذهما الشاويش عبد ربه من حافظة نقودي حين دخلت السجن اشتري بهما خمسة أزواج دجاج بعث بها إلي معاون البوليس. - ومن قال لك هذا يا سيد، ألا تستحي؟
Shafi da ba'a sani ba