وتضحك سعدية قائلة: وماذا ينوبني أنا؟ هو يترقى ويأخذ درجات، وعندما أطلب منه سوارا كهذا الذي رأيته عند الجواهرجي يدعي أنه مفلس.
ونسمع جرس التليفون ... وتصمت سعدية وصديقتها، إن الصوت الوحيد الذي نسمعه هو صوت عبد السميع ... نسمعه يقول لمحدثه: الله يسلم معاليك يا فندم ... - لا والله مش خارجين ... إذا كان معاليك معندكش مانع ما تشرف.
ولنخرج من الدار سريعا ... قبل أن يشرف معالي الوزير.
نخرج لنعود في الصباح ... إن هناك مشادة قد ارتفع فيها صوت الزوجين، عبد السميع يستنكر شيئا، ويصيح: هل هذه أصول؟ تتركينا مدعية أنك متعبة، وتذهبين لحجرتك؟ ماذا يقول عنا الرجل؟ - لا يقول شيئا، يعرف أنني مريضة. - وأنا الذي قلت له يتفضل بالحضور. - جاء ليجلس مع صديقه، لا معي أنا. - هل تنتقمين مني؟ - أنا أنتقم منك؟ لماذا؟
ويصمت عبد السميع، وقد فهم ... فهم أنها انتقمت منه.
ومن المؤكد أنه فهم ... لقد دخل حجرتها بعد دقائق فوجدها في مكانها بالنافذة فخرج دون أن يقول شيئا، ومن المؤكد أنه فهم، فما إن تمضي عشرة أيام حتى نسمع جلبة في منزل عبد السميع بك، ونرى الأنوار تشع من كل الحجرات ... ولا نكاد نلج باب غرفة المائدة حتى نرى منظرا عجبا.
سعدية على رأس المائدة، وعن يمينها فلان باشا، وعن يسارها فلان باشا، وإلى جانبها اعتدال، وبعدها عبد السميع بك، وبعد عبد السميع جلس الشاب ... ساكن الدار المقابلة ... محسن أمين.
ذراع سعدية تلامس كتف فلان باشا، وعيناها تصافحان عيني محسن ... وعبد السميع أيضا ... إنه يختلس نظرات ذليلة إلى كتف اعتدال البيضاء، ولا ترتبك أنها تجلس بين فلان باشا، وفلان باشا الآخر الخصمين اللدودين كما ظن أصحابنا الذين تحدثوا في المقهى منذ أيام ... الخصمان اللذان يختلفان في الرأي، ويهاجم كل منهما سياسة الآخر ... هكذا على مائدة واحدة.
ومحسن الشاب الذي يقف في النافذة، وأمامه سعدية في النافذة المقابلة تقف الساعات في انتظار اللحظة التي يجرؤ فيها على فعل شيء غير التطلع ...
لا شك أن عبد السميع قد فهم ... إن الذي لم يفهم هو فلان باشا حين يسأل: والأستاذ محسن بيشتغل فين؟
Shafi da ba'a sani ba