وأجاب ساخرا: مؤكد ... الزواج من شاب ليس مليونيرا ... وليس كهلا ...
وقاطعته منفعلة: أنت لا تفهمني ... كنت تحبني، أليس كذلك؟
وسكت ... - كنت تحبني ... وكنت ستتزوجني، وتطلق زوجتك ... ثم تدخل حياتي، حياتي كما هي، أو أدخل حياتك ... كما هي ... الذي حدث أنك أنت دخلت حياتي وعشت فيها واحتملتها أياما، و... واعذرني إن قلت لك ... لم أحس لحظة واحدة أن عاطفتي نحوك من القوة بحيث تخرجني من هذه الحياة ... إلى آخر يوم كنا فيه سألت نفسي ... هل أنا على استعداد لأن أتخلى عن كل شيء في حياتي لأدخل في حياتك زوجة تغلق عليها جدران أربعة؟ وكان الجواب دائما «لا» ... معنى ذلك أن زواجي بك لا يكون إلا مغامرة ... - مغامرة ... وهل تخشين المغامرات؟ - مغامرة ستدمر بيتك أنت، وحياتك أنت.
ومضى في سخريته ... - تدمر حياتي وبيتي ... وهل يزعجك تدمير بيت؟ أنت؟
وتملكها الغضب، وقالت ثائرة: طبعا لا يزعجني ... لكن أي بيت ... حين أدمر بيتا، فإني أختار البيت الذي أدمره ... وأختاره بنفسي ... تكون أنقاضه تساوي شيئا ... لكن بيتك أنت ... ماذا كانت تساوي أنقاضه؟ ... مغامرة إن خسر فيها غيري فلن أربح فيها أنا شيئا ذا قيمة.
وكأنما أحست بقسوتها فعادت تقول في رقة: اعذر صراحتي ... لم أكن أحب أن أواجهك بهذا، لكن أنت لا تريد أن تفهم. - بل فهمت يا ماجدة ... عز عليك أن تغامري مغامرة صغيرة ... وعز عليك أيضا أن تكلفي خاطرك مشقة الرفض ... الرفض الصريح ... ولم يكن يكلفك شيئا أن تقولي لن أتزوجك؛ لأنني لا أحبك إلى الحد الذي أضحي فيه بحياتي اللاهية. - أو أضحي فيه ببيتك أنت على الأصح.
ومرت فترة سادها الصمت، قطعها بعد ذلك صوت ماجدة، وكأنما كانت تبكي، لو أني قلت لك إذ ذاك إني لن أتزوجك لأنني لا أصلح لك ... ولأن حياتي لو دخلت فيها فلن تجني خيرا ... لأنني أحرص على بيتك الصغير ... فربما جعلك ذلك تبدو ... وأنا أعرفك طيب القلب ... كمن يأسره النبل، فتتمسك بي ... كنت أستطيع أن أبدو لك بمظهر الفتاة النبيلة فتزيد تمسكا بي، وكنت أيضا أستطيع أن أكذب عليك فأزعم لك أني أحب غيرك ... فأجرحك جرحا ... جرح الرجل يهزم في قلبه وكرامته ... لكنني آثرت أن أنسحب من حياتك دون ضجة ... آثرت أن أترك حبل هواك يرخيه الزمان ... لقد أخطأت مرة واحدة ... أتعرف متى؟
كان غارقا في الصمت، فأجابت هي: حين دعوتك أول مرة لنزهة في الصحراء ... كان أبعد ما أتخيله أن تحبني، وأن ترى في شيئا غير ما يراه الناس ...
وتحركت ماجدة إلى مقصورتها ... وتحركت السفينة في هدوء ... بعيدا عن الشاطئ ...
صفحات من مذكراته
Shafi da ba'a sani ba