هل يخمنون من هما، وهل يعني هذا وجود علاقة بينهما؟ تمتلك روث بعض المال الذي تركه والدها لها، ولديها منزلها. ليست كبيرة في السن بحيث لا يمكنها إنجاب طفلين. هي ربة منزل ممتازة، تستطيع صنع الكعك المثلج المطعم والفطائر المحلاة بمهارة عالية، والتي غالبا ما لا تجدها إلا في السيدات الأكبر سنا. (إشارة توقير لها في معرض الخريف.) لا يوجد ثمة ما يعيب مظهرها، وهي أجمل من معظم النساء المتزوجات في مثل عمرها، فلم يثقل كاهلها بعد بالأعمال المنزلية والأطفال. لكن لم مر قطار الزواج عليها خلال سنوات حياتها الأولى التي كان يمكن أن تتزوج فيها، في بلد يريد من النساء أن يكن متزوجات ومنجبات؟ كانت فتاة كئيبة إلى حد ما، ربما كانت تلك هي المشكلة. أثر موت أخيها وأختها، ثم أمها، التي طار صوابها - في حقيقة الأمر - قبل عام من وفاتها، وكانت ترقد في فراشها تتفوه بالترهات؛ كل هذا أثر عليها ولم تكن صحبة جيدة. أضف إلى هذا كل هذه القراءة والشعر - بدا ذلك مثل عقبة، عائق، هاجس، لدى فتاة شابة أكثر مما هو لدى امرأة في منتصف العمر، التي كانت تحتاج إلى شيء في النهاية حتى تشغل أوقاتها. على أي حال، مرت خمس سنوات منذ نشر كتابها؛ لذا ربما تخطت هذه المرحلة. ربما كان الأب الفخور، المطلع هو الذي كان يشجعها؟
يسلم الجميع جدلا أن ألميدا روث ترى في جارفيس بولتر زوجا مناسبا لها، وستوافق إذا طلب منها الزواج. وهي تفكر فيه. لا ترغب أن ترتفع بآمالها إلى أبعد الآفاق، ولا ترغب في أن تجعل نفسها أضحوكة. ترغب في إشارة. إذا كان يأتي إلى الكنيسة في أمسيات الآحاد، فستكون ثمة فرصة، خلال بعض شهور السنة، للعودة إلى المنزل بعد حلول الظلام. سيحمل مصباحا. (لا توجد بعد إضاءة في شوارع المدينة.) سيؤرجح المصباح لإنارة الطريق أمام الآنسة الكريمة ويلاحظ قوامها النحيف الرقيق. ربما يمسك بذراعها عند نزولهما عن الرصيف. لكنه لا يذهب إلى الكنيسة ليلا.
بل إنه لا يناديها، أو يصحبها إلى الكنيسة في صباح الآحاد. سيكون هذا بمثابة إعلان. يصحبها إلى المنزل، مرورا ببوابة منزله، يرفع قبعته، ثم يتركها. لا تدعوه إلى منزلها؛ فلا تستطيع امرأة تعيش وحدها أن تفعل ذلك أبدا. بمجرد أن يصبح رجل وامرأة من أي عمر وحدهما بين أربعة جدران، من المفترض أن يحدث أي شيء؛ مشاعر ملتهبة عفوية، شهوة فجائية، رغبة متوحشة، انتصار الحواس. أي احتمالات لا بد أن يراها الرجال والنساء بعضهم في بعض لاستنباط هذه الأخطار، أو بالاعتقاد في وجود أخطار، كم مرة يجب أن يفكروا في الاحتمالات؟
عندما يسيران جنبا إلى جنب، تستطيع أن تشم صابون وزيت الحلاقة خاصته، تبغ غليونه، رائحة صوف وكتان وجلد الملابس الرجالية التي يرتديها. تشبه الملابس المناسبة، المهندمة، الثقيلة التي يرتديها تلك التي اعتادت أن تنظفها بالفرشاة وتنشيها وتكويها لوالدها. تفتقد عمل ذلك؛ امتنان والدها، سلطته الأبوية العميقة العطوفة. تجعل ملابس جارفيس بولتر ورائحته وحركاته جميعا الجلد على جانب جسدها المجاور له يقشعر أملا، وتؤدي أي ارتعاشة خفيفة إلى وقوف الشعر في ذراعيها. هل يمكن أن يعتبر ذلك علامة على الحب؟ تتصوره يأتي إلى غرفتها - غرفتهما - في لباسه الداخلي الطويل وقبعته. تعلم أن ملابسه هذه مثيرة للسخرية، لكنه لا يبدو كذلك في عقلها، فهو يحظى بصورة الوقاحة الجليلة لشخص يظهر في حلم. يدخل الغرفة، ويرقد على الفراش إلى جوارها، مستعدا لأخذها في أحضانه. أسيخلع قبعته؟ لا تعرف؛ حيث تتغلب عليها عند هذه النقطة حالة من الترحاب والخضوع، آهة مكبوتة. سيكون زوجها.
شيئا واحدا لاحظته بشأن النساء المتزوجات؛ ألا وهو طريقة تكوين كثيرات لصور محددة لأزواجهن. يبدأن بتحديد تفضيلات أزواجهن، وآراءهم، وطرقهم السلطوية. تقلن مثلا، زوجي مميز جدا. زوجي لا يأكل اللفت. لا يأكل اللحم المحمر. (أو لا يأكل إلا اللحم المحمر.) يفضل اللون الأزرق (البني) في ملابسه طوال الوقت. لا يستطيع احتمال موسيقى الأرغن. يكره أن يرى امرأة تخرج وهي مكشوفة الرأس. سيقتلني إذا دخنت بعض التبغ. على هذا النحو، يجري صنع صورة رجال غير واثقين، لا يرون إلا أنفسهم، يجري صنع أزواج، أرباب بيوت. لا تستطيع ألميدا روث تخيل نفسها تفعل ذلك. تريد رجلا لا يحتاج أن يصنع، رجلا حازما وواثقا وغامضا بالنسبة إليها. لا تبحث عن رفقة. يبدو الرجال - عدا والدها - ناقصين على نحو ما، تنقصهم العاطفة. لا شك في أن ذلك ضروري، بحيث يقومون بما يجب عليهم القيام به. هل ستكتشف هي نفسها، مع معرفتها بوجود ملح في الأرض، طريقة استخراجه وبيعه؟ ليس على الأرجح. ستفكر في البحر القديم. لا يملك جارفيس بولتر ، مثلما هو متوقع تماما، وقتا لتأمل مثل هذه التخرصات.
وبدلا من أن يصطحبها بولتر إلى الكنيسة، يتقدم بفكرة أخرى أكثر جرأة. ربما يستأجر جوادا ويأخذها في نزهة في الريف. إذا فعل ذلك، فستشعر بالسرور والأسف معا؛ بالسرور لأنها تجلس إلى جانبه، يقودها، تتلقى انتباهه أمام العالم بأسره. وبالأسف لعدم قدرتها على تأمل المناظر الريفية بنفسها؛ حيث ستتغلف نظرتها إليها، بطريقة ما، بحديثه واهتماماته. يحتاج الريف الذي تكتب عنه في قصائدها إلى مثابرة وعزم في تأمله. يجب تجاهل بعض الأشياء. أكوام الروث، بالطبع، والحقول السبخية الممتلئة بأجذال الأشجار العالية المحترقة، والأكوام الهائلة من أغصان الأشجار في انتظار يوم مناسب لحرقها. سوي الاعوجاج في الجداول، وتحولت إلى مصارف ذات ضفاف مرتفعة موحلة. وبينما سور بعض حقول المحاصيل والمراعي بأجذال أشجار كبيرة، غير مشذبة، مقتلعة، سورت مزارع ومراع أخرى بسياجات غير مصقولة مصنوعة من قضبان سكة حديد موصولة بعضها ببعض. أعيد زرع كل الأشجار الموجودة في الأحراج؛ لذا فهي تعد زرعة ثانية. لا توجد أشجار بحذاء الطريق أو الممرات الضيقة أو حول المزارع، ما عدا بضع أشجار صغيرة هزيلة، جرى زراعتها حديثا. يجري البدء في بناء مجموعات من المخازن الخشبية - المخازن الكبرى التي ستنتشر في الريف في السنوات المائة التالية - ومنازل خشبية كئيبة، وكل أربعة أو خمسة أميال توجد قرية صغيرة مهلهلة تضم كنيسة ومدرسة ومتجرا ودكان حدادة. ريف نقي جرى انتزاعه انتزاعا من الغابة، لكنه يعج بالناس. توجد مزرعة كل مائة فدان، تحظى كل مزرعة بعائلة، تمتلك معظم العائلات عشرة أو اثني عشر طفلا. (هذه هي الأراضي التي سيخرج منها أمواج تلو أمواج من المستوطنين - بدأت بالفعل في إرسال المستوطنين - إلى شمال أونتاريو والغرب.) صحيح أن بإمكان المرء جمع الزهور البرية في الربيع من الأحراج، غير أن على المرء أن يخوض في قطعان من الأبقار القرناء للوصول إليها.
4
رحل الغجر.
موضع معسكرهم خال.
أوه، سأساوم الآن في ثقة
Shafi da ba'a sani ba