Sacredness of a Muslim to Another
حرمة المسلم على المسلم
Nau'ikan
مما تقدم يتبين لنا منزلة الجار في نظر الإسلام وأنَّ ما نراه عند كثير من الناس الآن من الذين لا يهتمون بحق الجوار، ولا يأمن جيرانهم شرورهم فتراهم دائمًا في نزاع معهم وشقاق واعتداء على الحقوق، وإيذاء بالقول والفعل، كل هذا مخالف لما جاء به القرآن والسنة الصحيحة، وإنَّ ما نراه من ذلك موجبٌ لتفكك المسلمين، وتباعد قلوبهم وإسقاط بعضهم حرمة بعض.
وعلى المسلم إذا ابتلي بجار سوء أنْ يصبر عليه، فإنَّ صبره سيكون سبب خلاصه منه، فقد جاء رجل إلى النَّبيِّ ﷺ يشكو جاره فقال له: «اصبر» ثم قال له في الثالثة أو الرابعة: «اطرح متاعك» في الطريق فطرحه فجعل الناس يمرون به ويقولون ما لك؟ فيقول: آذاني جاري فيلعنون جاره حتى جاءه وقال له: «رد متاعك إلى منْزلك فإني والله لا أعود» (١) وعن أبي هريرة ﵁ قال: قيل للنَّبيِّ ﷺ: يا رسول الله، إنَّ فلانة تقوم الليل وتصوم النهار وتفعل وتصدق، وتؤذي جيرانها بلسانها، فقال رسول الله: «لا خير فيها، وهي من أهل النار، وقال: وفلانة تصلي المكتوبة وتصدق بأثوار من الأقط ولا تؤذي أحدًا، فقال رسول الله: هي من أهل الجنة» (٢) . مما تقدم من نصوص الكتاب والسنة نعلم كيف عني الإسلام بالجار عناية عظيمة؛ إذ حث على الإحسان إليه بالقول والفعل وحرم أذاه بالقول والفعل، وجعل الإحسان إليه ومنع الأذى عنه من خصال الإيمان، ونفى الإيمان الكامل عن من لا يأمن جاره شَرّهُ، وأخبر أنَّ خير الجيران عند الله خيرهم لجاره.
دماء المسلمين:
_________
(١) أخرجه: البخاري في الأدب المفرد (١٢٤)، وأبو داود (٥١٥٣)، وابن حبان (٥٢٠) من حديث أبي هريرة ﵁.
(٢) أخرجه: أحمد ٢/٤٤٠، والبخاري في " الأدب المفرد " (١١٩)، وابن حبان (٥٧٦٤) من حديث أبي هريرة ﵁.
1 / 36