Sa'ad Zaghloul Shugaban Juyin Juya Hali
سعد زغلول زعيم الثورة
Nau'ikan
ثم قال: «ماذا تروننا صانعين في مواجهة الإنجليز؟»
قال أحد الحاضرين: «الإضراب العام يشترك فيه الموظفون حتى تجاب مطالب البلاد.»
فسأل الباشا: «وهل يقع هذا الإضراب؟»
فقال بعض الحاضرين: «يقع عاما.» وقال غيرهم: «يقع في بعض الجهات.» وخالفهم آخرون فقالوا: «إنه لا ينتظم ولا يطول.»
قال سعد: «الدليل على أنه لا يقع ولا يصمد طويلا - إن وقع - أنكم مختلفون فيه ... إن هذه الحركات لا تأتي إلا عفوا.» وقالها بالفرنسية
Spontanement ، وعندما يكون الجو مهيأ لن تختلفوا فيها، بل تجيبون بلسان واحد: «إنها أمر واقع لا ريب فيه».
ولتعويل سعد على هذه البداهة كان لا يكرب ذهنه كثيرا بهموم المستقبل، ولا يزيد على أن يعطيها حقها من التفكير والروية، ثم يدع البقية للمفاجأة أو للبداهة أو العناية كما يقول. واطمئنانه إلى المستقبل من هذه الناحية كاطمئنان التاجر الغني الوطيد المكان الذي يعمل عمل الرجاء، ولا يضيره أن تفاجئه السوق بالهبوط أو الكساد؛ لأنها كيفما تقلبت واضطربت لن تجده إلا على استعداد للصعود والهبوط، وغيره قد يطمئن إلى المستقبل مع هذا الاطمئنان فيضيع ويبور، أما هو فالثروة التي لديه ضمان لا يعتريه خذلان، فمن فضول الوهم أن يكرب نفسه طويلا بالوساوس والهموم.
كان لقومه مدد من عزمه، وكان لعزمه مدد من قومه، وكانا كالشحنتين الكهربائيتين كلتاهما بمفردها في سكون، ولكنهما لا يلتقيان حتى تندفع القوة الكامنة التي لا تندفع على انفراد.
ولم يكن أقدر منه على الاتجاه والتوجيه، إن لم يكن بوحي البداهة فبالكلام الذي يبلغ مبلغ البداهة من أخلاد سامعيه.
كان خصومه يدسون عليه في بيت الأمة أناسا من المشاغبين الذين لا خلاق لهم ليلغطوا في مواقف التأثير والاحتدام، فيفسدوا الخطاب عليه وعلى السامعين، وكان الجمهور يحار في تأديب هؤلاء؛ لأنه لا يدري هل يتركهم فيفوته حظ السماع، أو يجاوبهم فينقطع الخطاب. وتمادى سليط من هؤلاء يوما، فضاق الجمهور به ذرعا وأخذوا بتلابيبه وبهم إشفاق من ضياع الخطبة، فهم يترددون ولا يدرون كيف يصنعون: هل يضربونه فيقع الاضطراب، أو يرسلونه فيعود ويجترئ أمثاله السلطاء على مثل عمله ... وكخطف البرق تبدر الكلمة من سعد، فيكون فيها فصل الخطاب مع هذا السليط ومع من تحدثه نفسه من زملائه بركوب هذا المركب العسير، ويقول سعد: «لا يضرب في بيتي!» ويترك مقام الخطابة! وكخطف البرق يفهم الجمهور ما يريد ... وينقطع دابر هؤلاء السلطاء فلا يرجعون.
Shafi da ba'a sani ba