Sa'ad Zaghloul Shugaban Juyin Juya Hali

Abbas Mahmud Al-Aqqad d. 1383 AH
80

Sa'ad Zaghloul Shugaban Juyin Juya Hali

سعد زغلول زعيم الثورة

Nau'ikan

فعاجله سعد سائلا: «ولماذا تطلب أن ينار؟!»

وبهذه الأجوبة الحاسمة وهذه الفكاهة السريعة، كان يحفظ النظام في المجلس، ويحفظ الألسنة في الأفواه.

واستطاع من ثم أن يقف في ميدان الفصل بين جميع السلطات وجميع الهيئات، فيفصل بين الأعضاء من أنصاره ومعارضيه، ويفصل بين المجلس والوزارة، ويفصل بين الوزارة والإنجليز، ويمشي بالوئام بين القصر والنواب والوزراء، ويأخذ من كل لكل حسبما تتجه الحوادث، وتتبدل الأحوال .

ومن أخطر الأزمات التي وقعت في أثناء رئاسته لمجلس النواب وعالجها بما له من النفوذ والحنكة أزمة الوزارة العدلية، وأزمة ميزانية الأزهر، والمخصصات الملكية، وأزمة الجيش التي أثارها اللورد جورج لويد عقب الحملة التي حملها عليه مجلس النواب.

فأما أزمة الوزارة العدلية فقد نجمت من اقتراح اقترحه بعض النواب لشكر الوزارة على مساعدتها بنك مصر، ثم قيل في الرد على هذا الاقتراح إن الشكر غير لازم؛ لأنه من قبيل تحصيل الحاصل. فاغتنم عدلي باشا هذه المناسبة واستقال؛ لأنه كان على ضجر وامتعاض من مطالب اللورد جورج لويد التي لا تجري على قانون ولا اتفاق.

وبذل سعد باشا زغلول جهده في إقامة وزارة أخرى - هي الوزارة الثروتية - قبل أن يتسع الأفق للدسائس والمناورات التي لا تنقطع في السياسة المصرية.

والذي نعتقده نحن أن أزمة الوزارة العدلية وافقت رضى من سعد في تلك الآونة؛ لأنه لم يستحسن من عدلي تهديده بالاستقالة إذا تعرض المجلس لتصرفه في مسألة كتاب «الشعر الجاهلي» للدكتور طه حسين، ولم يكل إليه الرأي كله في هذا التصرف. وقد كان علي الشمسي باشا وزير المعارف من قبل الوفد، وكان رأيه كرأي عدلي باشا في هذه المسألة على خلاف المظنون والمقدور، فكان نصيبه أيضا من المجلس تجريح قوانينه التي عرضها لتعديل برامج الدراسة، وإفهامه من ثم أن اضطرار وزير إلى الاستقالة أمر غير عسير، ولو دخل في حماية رئيس الوزراء وحسب له حسابا قبل حسابه لزعيمه.

وسلك سعد في مسألة ميزانية الأزهر ومسألة المخصصات الملكية مسلك المجاملة للقصر مع المحافظة على نص الدستور؛ فقد كان كثير من النواب يلحون في وجوب عرض الميزانية الأزهرية على المجلس، وكان المجلس يكاد أن يتخذ قرارا بتأييد هذا الطلب؛ فذكر لهم سعد أن الدستور ينص على أن المعاهد الدينية تنظم بقانون؛ فالاقتراح سابق لأوانه قبل وضع ذلك القانون.

وفي مسألة المخصصات الملكية، كان بعض الأعضاء ينسى الدستور، ويطالب الحكومة بنقصها في الميزانية، وهو ما لا يجوز؛ لأنه مخالف للمادة المائة والحادية والستين من الدستور ، فكان سعد يسمح للأعضاء بالمناقشة في هذه المسألة ويمنع الشطط فيها، ويكتفي بتوجيه المجلس إلى التماس تعديل المخصصات من جلالة الملك رعاية للاقتصاد، ويصبغ احترام النصوص التي لا محيص عنها بصبغة المجاملة على هذا المنوال.

أما أزمة الجيش، فهي أعجب الأزمات وأدلها على العنت الذي يلقاه الساسة المصريون من ألاعيب السياسة البريطانية؛ حيث تعمد إلى خلق الأزمات؛ فكل ما حدث من أسباب هذه الأزمة أن لجنة الحربية في مجلس النواب اقترحت زيادة عدد الجيش وتحسين سلاحه، وهو اقتراح قديم عرضه سبنكس باشا نفسه في عطلة الدستور، وليس فيه خروج على حدود النيابة ولا سوابق الاتفاق بين الحكومتين المصرية والبريطانية.

Shafi da ba'a sani ba