47

Awowi Tsakanin Littattafai

ساعات بين الكتب

Nau'ikan

2

أن الملك روفائيل يهبط في يوم الأرواح من كل عام إلى حارس الجحيم التي تحبس فيها آلهة الوثنية المخلوعة فيأمره بإطلاق عرائس الشعر التسع ليصدحن بالقصيد على مسمع من «يهواه»،

3

ورفيق السماء الأعلى، فيتقدم السيدات المسكينات إلى تلك الحضرة المرهوبة الجافية، ويأخذن في إصلاح أعوادهن كارهات متكلفات، ويبدأن بنشيد إغريقي قديم لعله كان بعض أناشيدهن في مهرجان الأوليمب،

4

أو لعله كان بعض أناشيدهن في يوم زفاف قدموس

5

على هارمون، فيلوح على أنغامهن في بادئ الأمر شيء من النشوز تنكره الآذان السماوية الشريفة التي لم تألف في مقرها العلوي غير أصوات التسبيح والعبادة، ولكن ما هي إلا هنيهة حتى يشعر الملائكة على غير علم منهم أنهم أطربوا للنغم، واهتزوا لتلك الألحان التي تبعث الشجن وتحرك رواقد النفوس، وتنوء بكل ما في قلوب بني الإنسان من صرخات وأهواء، ولا يزلن في حنين وأنين حتى تتهاوى الدموع على تلك الوجوه النورانية ويعلو النشيج في باحات السماء.

ففي يوم ليس بالبعيد من هذه الأيام السنوية رغب بعض أدباء الملائكة إلى العرائس المباركات - بعد أن فرغن من أداء البرنامج - أن ينشدنهم طرفا من الشعر الذي ظهر بعد العهد اليوناني وهن لا يعرفنه أو لا يعرفن إلا اليسير منه! فلما بدا العجز على العرائس ولم يقدرن على شفاء ذلك الشوق في نفوس الملائكة الأدباء تقدم الشيطان - وكان في زيارة من زياراته التي رأينا في كتاب أيوب أنه يتسلل فيها حينا بعد حين إلى بلاط يهواه - فألهاهم بضع ساعات بأناشيد شتى مما التقطه هنا وهناك في رحلاته التي لا تنقضي على جوانب الأرض، فطرب سامعوه لأول أصواته واستطابوا روايته وأنشدوه؛ إذ كان الخبيث ماهر الأذن والذاكرة، وكان يعي أحسن الوعي أناشيد الشعراء الذين كانوا يرتلون القصيد على مسامع الأمراء، أو بين سواد الدهماء في العصور الوسطى، ولكنها فترة عارضة ثم يسري إلى غنائه شيء من الاختلاف ويجم القديسون والملائكة ويدب إليهم الضجر والملالة ويحسون أن عنصر التلحين - بل عنصر الترتيل بعد التلحين - يخفى رويدا رويدا حتى يجدوا آخر الأمر أنهم يصغون إلى كلام يقال كما يقال كل كلام عار عن اللحن والتوقيع، وأي كلام؟ لقد كان القديسون والملائكة يألفون السجع في صلواتهم ويحبون سماعه. ولكنهم ما لبثوا أن فقدوا حتى السجع في الشعر الذي كان يلقيه الشيطان عليهم، ثم فقدوا الوزن، ثم فقدوا كل معالم ذلك الكلام المقفى الموزون، وما هو إلا أن ألقى الشيطان عليهم درته الأخيرة من درر الشعر الأمريكي المرسل حتى حيوه كما حيي قبل دهور ودهور في جهنم بصفير مطبق من السخرية والاستهجان! وفر العرائس لائذات بأبواب الجحيم، وابتسم الشيطان، وانحنى ثم تراجع منصرفا؛ لأنه تعود طول عمره أن يجفل من علامات الاستهجان والنفور.

ونقر جبرائيل رئيس العازفين نقرة بعصاه على المنضدة، فإذا الرفيق الأعلى يطهر آذانه المخدوشة بعد فترة قليلة بنشيد غريغوري جليل.

Shafi da ba'a sani ba