215

Awowi Tsakanin Littattafai

ساعات بين الكتب

Nau'ikan

فإذا لج به الغيظ، واشتد عليه بلاء الحرمان من العمل والحرمان من المثوبة صرخ متعجبا:

أذو آلة؟ فاستخدموني لآلتي

بقوتي، وإلا فارزقوني مع الزمنى

أي ارزقوني مع العجزة، والسقماء، وهذه نهاية البؤش والخيبة ونهاية الحيرة التي لا يهتدي فيها المسكين إلى سبب مريح، فلم يبق له من عزاء إلا أن يوقن أن الدنيا هكذا طبعت على ظلم العارفين، ومحاباة الأغبياء:

رأيت الدهر يرفع كل وغد

ويخفض كل ذي زنة شريفه

كذاك البحر يرسب فيه در

ولا تنفك تطفو فيه جيفه

وكرر هذا المعنى في معارض شتى على قواف مختلفة؛ لأنه سكن إليه، ووجد فيه عزاءه ولو إلى حين.

وينبغي أن نذكر هنا شيئا لا بد من ذكره في هذا المقام؛ لأنه لازم لإدراك حقيقة الغضب الذي كان يستولي على نفس الشاعر المحروم إذا أجاد المديح ولم يظفر بالعطاء، فقد كان حق الشاعر في العطاء معترفا به يقبله الأمراء والوزراء، ويقره العرف وتجري عليه القدوة، فنحن لا نعرف اليوم ذلك الحق للشاعر، ولا نستطيع لهذا أن ندرك غضبه وأسفه إذا حرم وتوالى عليه الحرمان، أما في عهد ابن الرومي، فغضبه من المنع، وأسفه على فوات الربح من هذه المقاصد أمر لا غرابة فيه ولا اعتراض عليه، فالحكم عليه إنما يكون بمقياس أيامه لا بمقياس أيامنا التي لا يجب فيها البذل على ممدوح، ولا يجوز فيها الهجاء لشاعر محروم.

Shafi da ba'a sani ba