128

Awowi Tsakanin Littattafai

ساعات بين الكتب

Nau'ikan

تسريح كفك برغوثا ظفرت به

أبر من درهم توليه محتاجا

وكان ينكر على الناس أن يأكلوا الشهد؛ لأنه للنحل قد جمع لا لآكله المشتار:

اتق الله حتى في جني النحل شرته

فما جمعت إلا لأنفسها النحل

وربما تناول عطفه الضاريات، فيعرف لها عذرها فيما تجنيه على الفرائس الضعاف:

ولولا حاجة بالذئب تدعو

لصيد الوحش ما اقتنص الغزال

أما توماس هاردي فكلبه مشهور ككلب شوبنهور، ورفقه بالطير والأوابد يعرفه الذين عرفوا جهوده في تحريم الصيد والرأفة بالحيوان، وعرفوا المقبرة التي أعدها في حديقة بيته للطير والحيوانات الأليفة التي ماتت لديه، وكان أصبر من زملائه، وآلف الناس، وألين جانبا للحب والزواج، فقد تزوج مرتين، وكان زواجه الثاني وهو في الرابعة والسبعين، بعد وفاة زوجته الأولى بعامين، ثم كانت آخر حركة له في الحياة هزة ضعيفة من رأسه إلى ناحية امرأته التي كانت تقوم على سريره.

وقد يكون أغرب ما في عطف هؤلاء المتشائمين، أنهم اشتهروا جميعا بحبهم لآبائهم وهم يحسبون الحياة شرا، ويعدون الولادة جناية، فأما المعري وشوبنهور فأولهما قد رثى أباه رثاء اللهفة والوفاء، وثانيهما قد أهدى إلى ذكرى أبيه كتابه الذي يثبت فيه عقم الحياة! وأما توماس هاردي فقد كانت وصيته أن يدفن مع أبيه وأمه؛ حتى حارت الأمة الراغبة في تقديره كيف تجمع بين رعاية هذه الوصاة وبين القيام بحق ذكراه ودفنه في مدفن العظماء؟! فالمتشائمون الذين من هذا الطراز يجتنبون الناس؛ لأنهم أكبر منهم عطفا، لا لأنهم أقل عطفا من أحلاس المجامع ورواد الزحام، وهم يرفضون الود الرخيص، والود المزيف؛ لأنهم أشوق إلى الود النفيس وأعرف بالود الصحيح.

Shafi da ba'a sani ba