Farin Ciki da Faranta Rai a Tarihin Dan Adam
السعادة والاسعاد في السيرة الانسانية
Shekarar Bugawa
1957 / 1958
Nau'ikan
القسم الأول السعادة والإسعاد و ما ينفع إلى الوصول إليها و ما يضر
بسم الله الرحمن الرحيم
قال أبو الحسن محمد بن يوسف أبي ذر رضي الله عنهما الحمد لله الذي سبقت مشيئته للرحمة منا وفضلا وأظهر سلطانه بالفطرة جودا وطولا ثم عطف على ما خلق بسوابغ آلائه فخمرهم بها ظاهرا وباطنا وأولا وآخرا وابتدأهم بإحسانه وعرضهم لإنعامه ونهج لهم سبل الكرامة ثم نبههم عليه ودعاهم إليه وأمرهم بالجد والمصابرة عند فترة الطلب وخدعة الراحة من النصب وبالمعاونة والمؤازرة عند ظلمة اللبسة وحيرة الشبهة وبالإستقامة والمثابرة عند تبيين الطريقة من بعد أن أودعهم الفطنة وسخر لهم فهم البيان والإشارة وسبيل العبارة والإبانة ليعرفوا ما ينفعهم في الوصول إلى الطوبى والسعادة فيلتزموه وما يضرهم فيجتنبوه وليعرفوا غيرهم ذلك فيسعدوه وقد أودعنا في كتابنا هذا المشروع الذي شرعه الله لعباده الفائزين إلى السعادة والإسعاد
تقسيم السعادة إلى إنسية وعقلية
وعقلية قال أبو الحسن كل واحد من السعادتين ينقسم إلى قسمين إحداهما السعادة المطلقة و الأخرى المقيدة والسعادة المطلقة هي التي ينال صاحبها الأفضل من الخيرات البدنية والنفسية والخارجة ويساعدها الجد والإتفاقات في عمره كله ويفعل صاحبها الأفضل في جميع أوقاته وأحواله وأما المقيدة فهي التي لا ينال صاحبها الأفضل لكنه يفعل الأفضل على قدر حاله وأفلاطن وأرسطوطيلس يصفان المطلقة لا المقيدة قال أبو الحسن السعادة في الجملة استكمال الصورة والصورة صورتان وكلاهما للنفس الناطقة إحداهما التعقل وهي إنما تكون للنفس الناطقة الروية والأخرى العقل وهي استكمال الناطقة النظرية
في السعادة الإنسية والعقلية
هل موضوع واحد أو موضوعان وكل واحد منهما تامة أم احداهما ناقصة
قال فرفوريوس السعادة إنما هي استكمال الإنسان صورته وكمال الإنسان بحسب ما هو إنسان في الأفعال الإرادية وكماله بحسب ما هو ملك وعقل في النظر وكل واحد من الكمالين تام عند كل واحد من الموضوعين فإن قيس أحدهما إلى الآخر كان الكمال الإنسي ناقصا قال أبو الحسن يريد بالأفعال الإرادية الإختيارية وأقول الموضوع للسعادة الإنسية البدن والنفس البهيمية الشهوانية والنفس الناطقة المرتابة وهي التي لها علم الأعمال قلت والموضوع للسعادة العقلية النفس الناطقة النظرية وهي التي تطلب ما تعلم لتعلم فقط لا لشيء آخر سوى النظر فيما يعلم
في الفصل بين السعادتين
قال أرسطوطيلس السعادة الإنسية وإن كانت تامة كاملة فإنها ليست في النهاية الكفاية وذلك أن التامة في النهاية هي المكتفية بنفسها وليست هي كذلك وذلك أن السعادة الإنسية محتاجة إلى البدن للفضائل البدنية ومحتاجة إلى البدن أيضا إذ كان الفضائل الخلقية محتاجة إلى الأبدان وهي محتاجة إلى النفس البهيمية الشهوانية وإلى النفس الناطقة المرتابة قال وأما السعادة العقلية فإنها مكتفية بنفسها وبسيطة ويظن بها أنها شيء إلاهي فإنه ليس يجوز أن ينسب إلى الله شيء من الفضائل إلا العلم قال وأما قولنا في الله أنه عدل فليس من جهة أن له معاملات لكن من جهة أخرى قال أبو الحسن الحكيم قادر على استعمال الرأي وإن لم يكن له العناء والتصرف والحسب والعز وإن لم يكن متصرفا في أعمال النجد ولا في أعمال الحرفة ولا في أعمال العدالة أو كبر الهمة قال وأقول هذه السعادة هي المطلوبة لذاتها فإنه ليس وراء هذه شيء سوى استعمال الرأي المطلوب لذاته هو الذي لا يراد منه شيء آخر سوى الفعل قال والسعيد الفاضل لا يشتهي أن يكون له تمام آخر غير ذاته قال وهذه السعادة لذيذة في نفسها لأن الإلتذاذ هو نفساني
Shafi da ba'a sani ba
في السعادة الإنسية
أنها ما هي من قول متقدمي الفلاسفة
قال أرسطوطيلس قال قوم بأن السعادة هي اللذة وظن آخرون أنها اليسار وظن آخرون أنها الكرامة قال وكان بعضهم ينتقل في ذاته من شيء إلى شيء فكان يرى إذا مرض أن السعادة هي الصحة وكان يرى إذا افتقر أنها اليسار قال وقال بعضهم التمام هو الراحة وقال بعضهم السعادة حسن الفعال مع الفضيلة إلى منتهى العمر
فسخ ما قاله هؤلاء في السعادة
قال أرسطوطيلس الذي قاله في السعادة من حكينا قوله ليس بصواب ومما يبين أن السعادة ليست اللذة أن الكثير من اللذات ضارة وقبيحة والسعادة أقصى المختارات قال ومما يبين أنها ليست باليسار ولا بالكرامة أن اليسار والكرامة من الخيرات الخارجة والخير الذي هو أولى بمعنى الخير هو الذي يكون في النفس لا خارجا منها قال وأقول السعادة مطلوبة لذاتها وأما حسن الفعال وكل فضيلة فأنا إنما نريدها من أجل السعادة قال وكذلك اليسار والكرامة إنما نريدهما من أجل السعادة قال ومحال أن يكون الحرص والتعب من أجل الراحة قال وأقول ليس الفعل من أجل الراحة لكن الراحة من أجل الفعل إذ كنا لا نقدر على إدامة الفعل لما يلحقنا من التعب قال وأنواع التعب كثيرة وهي المضرة بها أكثر من المنفعة ومما يبين أنه ليس الغرض اللذة أنه لو كان الغرض اللذة لم يجز أن يضطرهم إلى الحزن بسببها وأنه ليست من لذة بدنية إلا والحزن يتقدمها وكثيرا ما يتعقبها
ما قاله أفلاطن في السعادة الأدنى وإنها بم تقوم
قال أفلاطن سعادة الإنسان في حياته هي أن تكون حياته فاضلة قال وذلك بأن يحيي مدة ما تكون له من الحياة على أحسن الأحوال قال وإن السعادة لا تحصل للإنسان إلا بأن يكون سعيدا ببدنه وسعيدا بنفسه وسعيدا بذات يده قال وذلك بأن يصير له الخيرات البدنية والخيرات النفسية والخيرات الخارجة من النفس ومن البدن قال ولن يستتم له ذلك إلا بالخلاص من الشرور قال الشر شران غريب وأهلي والأهلي هو الذي ينبعث من داخل والغريب هو الذي يرد عليه من خارج قال ونقول أول المرقاة إلى الخير مفارقة الشر وأقبح الظلم ظلم المرء نفسه وذلك بأن يحرمها الخير ويوقعها في الشر
ذكر ما قاله أرسطوطيلس في السعادة الإنسية إنها ما هي وبم تقوم
قال أرسطوطيلس السعادة فعل النفس بفضيلة كاملة فإنا بالحياة وبالفعل والفعل أبقى من الحيوة قال ومعنى قولي بفضيلة أن يكون بنطق قال ومعنى قولي كاملة أن يكون جميع أفعاله على الفضيلة في جميع عمره وفي جميع أوقاته وأحواله لا في وقت دون وقت ولا في حال دون حال قال وإن الفعل لا يكون بفضيلة حتى يكون مبدأه مستقيما وغرضه مستقيما وحتى يكون السلوك من المبدأ إلى الغرض على الإستقامة قال والمبدأ هو الإختيار الذي منه تكون الحركة والغرض هو الذي إليه تكون الحركة وهو الذي من أجله يكون الفعل وهو المحرك إلى الفعل ولذلك نقول بأن الغرض هو المبدأ بالحقيقة قال واستقامة المبدأ إنما تكون بحصول القوة المنفعلة واستقامة الغرض إنما تكون باستقامة الهيآت الشكلية قال واستقامة السلوك إنما يكون بالصبر وبالثبات على ما يوجبه النطق قال والهيآت قد تكون فاضلة وقد تكون خسيسة وهي تنقسم قسمين بدنية ونفسية قال الهيآت الفاضلة البدنية هي الخيرات البدنية وهي الصحة والقوة الجمال قال والخيرات الفاضلة النفسية هي الخيرات النفسية ومنها ما يكون للنفس البهيمية الشهوانية وهي العفة والنجدة والعدالة ومنها ما يكون للنفس الناطقة التي لها علم الأعمال وهي الهيئة المتعلقة قال وإنما يصير للنفس البهيمية الهيآت الفاضلة بالنفس الناطقة وذلك بأن تطيع النفس الناطقة وتنقاد لها فيما يأمرها به قال أبو الحسن ومن الهيآت الفاضلة النفسية ألف الموالي ومحبته وبغض المعادي والنفار منه والمحبة والبغضة قد يكونان للأنفس الثلثية فإن كل واحد من الأنفس تحب من ينتفع به وما تنتفع به في شهواتها ولذاتها وتبغض من يضارها ويوذيها قال أرسطوطيلس ولا بد للفعل من آلات يكون بها الفعل قال وهذه الآلات هي الأشياء الخارجة من النفس ومن البدن وهي أصناف وانقسامها على قدر انقسام أجزاء النفس وحوائجها فأن الذي تحتاج إليه النفس الشهوانية غير الذي تحتاج إليه النفس الغضبية وكذلك النفس الناطقة تحتاج إلى ما لا تحتاج إليه النفسان الأخريان ومن البين أن فعل كل واحدة غير فعل الأخرى وهذه الآلات متى استعملت على ما ينبغي [؟؟؟؟؟]
في أنه لا ينال السعادة الإنسية من لم يكن نجدا وحكيما
Shafi da ba'a sani ba
أقول النجدة هي الجراءة على الأعداء عند المحاربة وهي الجراءة على الأصدقاء عند المخالفة وهي أيضا الجراءة على النفس الشهوانية بضبطها عن اللذات الضارة والسمجة إذا هاجت وتحركت في طلبها وفي تمتع بها وفي ضبطها على الآلام النافعة إذا أرادت الهرب منها وأقول إنه قد يجوز أن يكون سعيدا من لم يكن جريئا على الأعداء عند المحاربة ولن يجوز أن يكون سعيدا من لم يكن جريئا على الأصدقاء وعلى النفس وأما الحكمة فحكمتان حكمة للنفس الناطقة التي لها علم الأعمال وهذه الحكمة هي التعقل والحكمة الأخرى التي تكون للنفس الناطفة النظرية ولن يجوز أن يكون سعيدا من ليس له الحكمة الأدنى وقد يجوز أن يكون سعيدا السعادة الأدنى من لم يكن حكيما بالحكمة الأعلى
كيف تكتسب السعادة وبم تحصل
أقول إنه لما كانت السعادة فعلا للنفس بفضيلة كاملة كان من البين أن اكتساب السعادة إنما يكون باكتساب الأفعال الفاضلة وأما حصولها فإنما يكون بحصول جميع الأسباب التي ينتظم بها الأفعال الفاضلة ومن هذه الأسباب ما يكون بالفطرة كاعتدال المزاج المفيد للصحة وكصلابة الأعصاب واستحكام العظام المفيدة للقوة وكاستواء مناسبة الأعضاء وحسن التخطيط والشكل المفيدة للجمال والملاحة وأقول وهذه الهيآت وإن وقعت بالصنعة على الجودة فإنها لا تستغني عن الرعاية حتى تبقى على الإستقامة والإنسان في حال الصبا لا يقدر على صلاح نفسه وحسن حاله ولا يعرف ذلك فلا بد من أن يكون القائم برعاية حاله وبتربيته على الإستقامة غيره وذلك الغير إن لم يكن فاضلا في نفسه أفسد ما جودته الطبيعة له ومن هذه الأسباب المقيمة للسعادة ما يكون بالجد والإتفاق كالكسب والأولاد الموافقين والأهل الموافق فإن الموافقة في الأهل غير معلوم العلة فتكون مكتسبة وأما الهيآت النفسانية فإنها إنما تكون بالمربي الأديب الرفيق الماهر بالتأديب فإنها إن لم تحصل من الصبي على ما ينبغي حصلت أضدادها وخاصة الشرة والنذالة فإن الحاجة إلى الغذاء وإلى ما يكون به الغذاء لازمة ودائمة وإذا حصلت الهيآت الفاضلة بحسن التأديب والتربية وبنيه من هي له الفطنة كان كان حفظها على الإستقامة بحسن الطاعة المثبتة للسنة المسنونة وللرؤساء والسادة إلى أن يخرج قوته المتعلقة إلى الفعل فيصير هيئة ثم يلزمه استيفاءها على الإستقامة بحسن الطاعة للقوة المتعلقة وأقول وأما الآلات فإنها قد تقع بالجد وقد تقع بالكسب والفائدة بها لا تحصل باقتنائها وتحصيلها لكن باستعمالها فما لم تستعمل لم تحصل منافعها وأقول الذي يحصل بالأستعمال الحال وأما حسن الحال فإنما يقع بحسن الإستعمال وأقول إن قوام أمر السعادة إنما هو بالمربي والسائس ثم بحسن طاعة المتأدب والمتربي وملاك الأمر الدوام والصبر من السائس ومن المسوس وأقول هذه السعادة التي ذكرناها إنما هي السعادة المطلقة وأما المقيدة فإنها تثبت بالحال الموجود الحاصل في الوقت كيف كان وبالفعل الفاضل على قدر الحال والفعل الفاضل يثبت من دون حصول منه العفة والهيئة المتعقلة وبحصول السائس الفاضل وبحسن الطاعة
لم وقع الناس في الشقاء وكل يهرب منه ولم فاتهم السعادة وكل يطلبها
قال أفلاطن وقد يجب أن ننظر لم فات الناس السعادة وكل يطلبها ولم وقعوا في الشقاء وكل يهرب منه قال وأقول السبب فيه الجهل وعدم التجربة أو الجود وعدم الصبر أو اجتماع هذه قال وذلك لأن الجاهل يحب الخير ولا يؤثره لكن ما ليس بخير ويبغض الشر ويصير إليه لأنه لا بصيرة عنده من التجربة ولا معرفة له بالقياس والعبرة قال وقد يتنبه البعض لما هو أفضل غير أنه يعدل عن الأفضل تجنبا وجورا للجزع من احتمال التعب والضعف من مجاذبة الشهوة قال ومن كان كذلك فإنه معذب بالحقيقة لأن الشهوات لا تهنيه لعلمه بما هو أفضل وليس يطيق الصبر عنهه للضعف والخور وقال في موضع آخر إنما تفوت الإنسان السعادة ويلحقه الشقاء من قبل أن الرياسة يكون للنفس الشهوانية أو النفس الغضبية وذلك أنه متى تأمرت النفس الشهوانية أبطلت العفة والحرية وأظهرت الشره والنذالة قال ومتى تأمرت النفس الغضبية أبطلت الألفة والمحبة وأظهرت الشقاق والبغضة وكلتاهما جابرتان مبيدتان للنعم ومخربتان للديار أما النفس الشهوانية فبسبب المنافع والأموال لأن لهذه النفس الحرص والرغبة في اكتساب الأموال وفي جر المنافع بسبب اللذة والشهوة وأما النفس الغضبية فبسبب محبة الغلبة والرياسة قال وإنما يلحق الإنسان السعادة متى كانت النفس الناطقة الغالبة والآمرة والناهية وكانت الغضبية مؤازرة والنفس الشهوانية مطيعة وسامعة قال ومتى كانت النفس الناطقة المتأمرة على النفسين الآخرين قلنا بأن الإنسان غالب لذاته وحر وسعيد وخير وفاضل ومتى كانت بخلاف ذلك قلنا إنه مغلوب من ذاته ومسترق وشقي وشرير ورذل وقال أنبذقلس النفس الناطقة متى تعبدت البهيمية أظلمت وأوحشت وسمجت وقبحت وطفئت وخمدت قال وإذا استعبدت هي البهيمية أشرقت وأضاءت وزكت وحيت قال أنبذقلس وحيث تكون النفس الناطقة يكون هناك العقل وحيث يكون العقل يكون هناك نور الله فإن نور الله فائض على العقل وإن فاض نور الله فليس هناك جهل قال وإنما يكون هذا في النفس البسيطة وليست تفس الإنسان هكذا ولكنه متركبة مع البهيمية فلذلك صعب على الإنسان التخلص من البلايا و الآفات وقال أفلاطن في موضع آخر معتاد العادات الفاسدة لن يمكنه أن يصير إلى الأمر الأفضل وإن تنبه له واشتهاه فهو يصير إلى ما يضره عن علم منه بالمضرة ويذهب عما ينفعه عن علم منه بالمنفعة وإلى ما يشينه عن علم منه بالسماجة لتمكن العادات الفاسدة منه قال ومنزلته منزلة المفلوج فإنه متى أراد أن يتحرك إلى جهة تحرك بدنه إلى جهة أخرى فالعلم لا ينفع هؤلاء بل يضرهم إلا في النادر وذلك بأن يكون الله يعين الواحد على نفسه حتى يقتلها وهي حية ثم ينشرها على مثال آخر قال ولذلك نقول بأن الجاهل خير من العالم الذي لا ينتفع بعلمه قال وليس يصلح هؤلاء غير القهر والغلبة والإضطرار والمخافة وقال أفلاطن في موضع آخر وأحد الأسباب الموقع في الشقاء الأماني وذلك بأن يظنوا أن ذلك الضار أو القبيح لا يضرهم أو يظنوا بأن يتخلصوا منه أن ضرهم قال وإنه ليس يتخلص أحد من الأماني لا صغير ولا كبير ولا ذكر ولا أنثى قال أفلاطن ومن الأسباب القوية في الفساد أن يعملوا على الخاطر الذي لم يصححه الفكر وذلك بأن يتحركوا أو يسكنوا على التخيل الحسي من قبل أن يصححه الفكر فيقعوا لذلك في الضار وفي القبيح وذلك أنه ليس للحس تمييز الجيد من الرديء والضار من النافع وإنما ذلك للفكر والفكر يستمد من العقل والعقل يأمر بالتزام حدود السنة وبحسن الطاعة للرؤساء فمن لم يستعمل الفكر لم تكن أفعاله نطقية لكن بهيمية وقال بعض الحكماء إنما تعلق النفس بالإنفعالات الشر لثلثة أسباب نية رديئة وتدبر رديء والجهل بما ينبغي وقال أرسطوطيلس الرداءة المفرطة إما سبعية وإما مرضية قال وإنما يعرض ذلك لأجناس العجم البعيدة وقال أفلاطن التربية الرديئة تصير الإنسان رديئا وإنما تقع التربية الرديئة من المربي وذلك بأن يكون رذلا وقال أفلاطن ومن الأسباب المؤدية إلى الفساد أن يعتقدوا بأن اللذة خير وقال حكيم الإسلام إنما وقع الإنسان في الشقوة من بعد علمه بطريق السعادة من قبل أن تركيبه كان من أضداد متعادية الروح وهو خير وتقابله النفس وهي شريرة والعقل ويقابله الهوى وملك ويقابله الشيطان والعلم ويقابله الجهل والإلهام وتقابله الوسوسة والفراسة وتقابلها الظن والذكر وتقابله الغفلة قال والخيرات الطريق إلى السعادة والشرور الطريق إلى الشقاء قال من أعظم أسباب السعادة العقل
القول في علاج الآفات المؤدية إلى الشقاء المانعة من السعادة
وأقول العلاج من العلل إنما يكون برفع الأسباب المولدة للعلل وكل شيء إنما يرتفع ويزول بضده فمن الواجب أن يعلم الأسباب المولدة للشقاء وأن يعلم الأسباب التي تقابل كل سبب من أسباب الشقاء ليكون علاج كل سبب بما يقابله ويزيله وأقول الأسباب التي ذكرناها وإن كانت كثيرة فإنها تنضم إلى سببين الجهل والجور وبيان ذلك أن أحد الأسباب تسلط النفس الشهوانية على النفس الناطقة أو تسلط الغضبية على النفس الناطقة وأي هاتين النفسين تولت السياسة وتدبير البدن كان مجراه على الجهل الصرف لأنه ليس لواحدة منهما بصيرة ولا معرفة وأحد الأسباب اعتياد العادات الفاسدة ومن البين أن ذلك إنما يكون من الجهل والجور وأحد الأسباب الأماني وهي تمني أن لا يضر الضار ولا يشين القبيح إنما تكون من الجهل وقيل تعوذبالله من طمع في غير مطمع وأحد الأسباب العمل على الخاطر الذي لم يصححه الفكر وهل يكون ما هو هكذا إلا الجهل وأحد الأسباب التدبير الرديء وهذا أيضا بين أنه يكون من الجهل وكذلك التربية الرديئة فإنها إنما تكون من التدبير الرديء وأما البنية الرديئة فإنها لا تؤدي عندي إلى الشقاء وذلك أنه ليس الشقاء رداءة البنية كما أنه ليس السعادة جودة البنية لكن الشقاء أن لا يعيش على قدر حالة الحياة التي هي أفضل لكن الحياة التي هي أردى فإن قيل أفيكون من قد فسدت قوته الناطقة بالبنية سعيدا قيل السعادة والشقاء إنما يكونان للإنسان والإنسان بالنطق ومن ليس له نطق فليس بإنسان إلا بالصورة الظاهرة وأقول علاج الجور تعود الصبر وعلاج الجهل اكتساب المعرفة والذي يحتاج إليه الإنسان من المعرفة لصلاح حاله معرفة الخير والشر والنافع والضار والجميل والقبيح واللذة والأذى وسنقول بعد هذا في كل شيء من هذه المعاني التي ذكرناها إن شاء الله فإن قيل أ فينفع معتاد العادات الفاسدة المعرفة قيل نعم ينفعه المعرفة إن أطاع المعرفة وربما احتاج إلى المعونة وقد قلنا من قبل بأن ملاك أمر السعادة بمن يربى على السعادة و يسوس على السعادة ويشبه أن يكون الإنسان محتاجا إلى غيره في أكثر أحواله فإنه مفطور على الحاجة وليس يستوي له صلاح حاله وعيشه إلا بالمعونة
في الجميل والقبيح
قال أرسطوطيلس الجميل هو نهاية الفضائل وهو ما يفعله الإنسان لسبب نفع الآخرين فقط من غير طمع في إجرار نفع إلى نفسه أو في طلب ذكر لها وأنه ليس شيء مما يفعله الإنسان يحاكي فعل الله غير الجميل إذ كان الله إنما يفعل جميع ما يفعله لسبب الخلق لا لشيء آخر إذ هو الغني وجميع ما سواه فقير إليه قال والأشياء الجميلة السخاء والحماية والتعليم والإكرام هذه كلها جميلة إذا لم يرد بشيء منها نفعا ولا ذكرا قال أبو الحسن والقبيح كل ما لحق غيره ضرر بفعله نفعه ذلك الفعل أو لم ينفعه وما فعله لنفع آخر أو آخرين لا لنفع نفسه وضر فعله إنسانا فإنه قبيح أيضا إلا أن يكون الضرر يسيرا والنفع كثيرا ولم يكن أيضا مستجرا من الذين ينفعهم نفعا إلى نفسه ولا حمدا وأما ما يفعله من الأفعال الجيدة بإظهار أنه إنما يفعل ذلك للجميل ولم يكن فعله ضررا البتة على أحد غير أنه يريد في الشر بما يفعل فعل نفع نفسه بمال أو ذكر ففيه نظر وعندي أنه من القبيح وأقل ما فيه أنه كاذب في إيهامه أنه لا يريد بها نفع نفسه وهو خائن مع ذلك بتدليسه وهو جان على أهل الفضيلة بتسميحه إياهم بفعله فإنه متى ظهر على هذا منه ظنوا بغيره أن حاله فيما فعل كحاله و هذا الظن يحمل على توهم أنه لا قوام للجميل بالحقيقة وأنه اسم فقط قال أرسطوطيلس وإن الفاضل ليس يفعل ما يفعله ليحمد عليه لكن للجميل ولو كان إنما يفعل ذلك ليحمد عليه لندم إذا لم يحمد وليس للفاضل ندامة ولا في فعل الخير ندامة ولو كان الفعل بسبب الحمد فاضلا لم يكن الخير أولى بذلك من الشر والأشرار قد يحمدون الشر ويكرمون عليه ولو كان كذلك كان لا يكون مدح الفاضل أولى بذلك من مدح الرذل وقال أرسطوطيلس وإن جميع الناس أو أكثرهم يحبون أن يفعلوا الجيد ولكنهم لا يصبرون عليه بل يختارون النافع والجيد هو أن يحسن لا للمجازاة والنافع هو أن يحسن للمجازاة قال و الفاضل يبذل المال والرياسة والكرامة من أجل الحمد الأجود فإنه إذا بذل المال كان المال لغيره والأجود له وقال في موضع آخر ذو الردى يشتهي أن يفعل الجيد ولا يفعله لكن إنما يفعل الرديء والعلة في ذلك غلبة شهوة اللذات عليه وتمكن العادات الفاسدة منه
حكاية ظريفة في التكرم بفعل الجميل
Shafi da ba'a sani ba
روي أن النعمان بن الممنذذ كان له في السنة مشهوران وكان أحد اليومين يسمى يوم كرم والآخر يوم بؤس فكان لا يستقبله في يوم كرمه أحد إلا منحه وأعطاه وكان لا يستقبله في يوم بؤسه أحد إلا قتله وأنه استقبله رجل في يوم بؤسه فقال له أ ما علمت أي يوم هذا فقال الرجل بلى فقال ما حملك على الخروج فيه فقال التوقي من عار الخلف بعدة كانت قد حصلت علي فيها فقال اقتلوه فقال دعني أنجز وعدي وأجيئك فقال ومن يضمن لك فقال كاتبك فقال لكاتبه أتضمنه قال نعم قال إني أقتلك إن لم يرجع فقال للملك ذلك فخلى عنه فذهب الرجل وأسرع الإنصراف فقال له ما حملك على الرجوع وقد علمت إني أقتلك فقال صيانة الوفاء من هجنة الغدر والخلف ثم قال لكاتبه وما الذي حملك على الكفالة به وقد علمت أني كنت قاتلك لو لم يرجع فقال كرهت أن لا أجيره وقد استجارني فيقال ذهب الكرم فقال النعمان للرجل قد عفوت عنك لئلا يقال ذهب العفو
في الخير والشر والضار والنافع
الخير والشر يتقابلان تقابل الأشياء المتضادة وكذلك الضار والنافع وما كان هكذا فإنه يكفي في تعريفهما تعريف أحدهما وذلك أنه متى عرف أحدهما عرف الآخر به وذلك بأن يتصور ما يضاده ويقابله مثال ذلك أنا متى قلنا بأن الذي يؤدي إلى حسن الحال فإنه خير وما أعان فيه فإنه نافع وجب أن يكون الذي يؤدي إلى سوء الحال شرا وأن يكون المعين على سوء الحال ضارا مثال آخر أنا متى قلنا بأن الخير هو الذي يتشوق إليه الكل من ذوي العلم فإنه يجب أن يكون الشر هو الذي ينفر عنه الكل من ذوي العلم وأقول الخير والنافع قد يترادفان على المعنى الواحد وقد يتباينان وكذلك الشر والضار وذلك أنه قد يقال لكل نافع بأنه خير وليس يقال لكل خير بأنه نافع من قبل أن النافع هو ما يكون معينا على نيل شيء آخر فيكون نافعا فيه وما يراد لذاته ولا يراد لشيء آخر فإنه ليس يقال بأنه نافع تشريفا له ولأنه وراءه شيء آخر فيكون معينا على استدراكه وكذلك حال الشر والضار فيما قلناه
في أقسام الأشياء وفيه بيان الخير المطلق والشر المطلق وبيان ما ليس يخير ولا شر
قال الحكيم الأشياء كلهاثلثة أقسام خير وشر وما ليس بخير ولاشر على الإطلاق قال والخير المطلق هو ما نفع كل وقت كالحكمة والعفة البر قال والشر المطلق هو ما ضر كل وقت كالرعونة والشره والجور قال والثالث هو الذي ينفع أحيانا ويضر أحيانا فيكون خيرا إذا نفع وشرا إذا ضر ومثال ذلك الأشياء اللذيذة فإنها خير متى اكتسبتنا الصحة والقوة وأنا ببقاء الصحة وبثبات القوة نستفيد الخير الذي هو في الحقيقة خير فإن لم تكسبنا ذلك كانت سببا للمرض وللضعف فإنها تكون شرا والأشياء الموذية كالكي والقطع والرياضة والتعب خير متى كانت أسبابا إلى الخير فإن لم تكن كذلك كانت شرا والراحة متى كانت سببا لاستثابة القوة كانت خيرا فإن لم تكن كذلك كانت شرا قال أفلاطن التعب والكد والذلة والأوجاع والهموم في اكتساب الفضائل والعلوم خير من الراحة والسلوة العز والنعمة والسلامة في العطلة واليسار والرياسة والأصدقاء والأهل والأولاد خير متى كانت مفيدة صلاح الحال فإن لم تكن كذلك كانت شرا وإن كانت معينة على السعادة الدنيا غير أنها كانت عائقة عن السعادة القصوى فإنها تكون شرا لأنه قد صار مضرتها أعظم من منفعتها والفطنة والحفظ وخفة الحركة متى كانت سببا للخير خير بإن لم تكن كذلك كانت شرا وأقول الغلظ إنما يقع في هذا النوع فإن الجاهل بحد الضار يظن أنه نافع وبالرديء يظن أنه جيد قال أرسطوطيلس وذلك من قبل أن الرداءة تقلب الأشياء وتصيرها كاذبة قال وسببه أن يكون الطغيان في أكثر الناس من أجل اللذة والأذى فإنهما يفسدان الأعراض قال والفاضل هو الذي يرى الخير الذي هو بالحقيقة خيرا فأما الشرير فإنه يرى ما أدرك قلت يعني ما أدركه بحسه قال وذلك أنه ليس له بصر من التجربة وأيضا فإن هيئته ليست يصحيحة وقد قلنا بأن الفعل إنما يكون على قدر الهيئة الشكلية وعلى قدر الرأي فإن كانت الهيئة الشكلية فاضلة وكان الرأي سديدا فإن الفعل يكون فاضلا ونافعا وإن كان بخلاف ذلك كان الفعل ضارا وسمجا
في أقسام الخيرات
قالوا الخيرات ثلثة أقسام فقسم منها الخيرات التي تكون في البدن وقسم منها الخيرات التي تكون في النفس وقسم منها الخيرات التي تكون خارج البدن وخارج النفس وقال أرسطوطيلس الخيرات ثلثة أقسام هيآت وآلات وأفعال وأقول تريد بالهيآت الخيرات التي تكون للبدن وللنفس إذ كانت الخيرات التي تكون للبدن وللنفس إنما هي الأحوال التي تلزمها وهذه الأحوال هي الهيآت ويريد بالآلات الخيرات الخارجة من البدن ومن النفس وإنما سماها الآلات لأنها إنما تراد للفعل والإنفعال قلت وليس الإنفعال قسم من أقسام الفعل أدخله في الأفعال وأقول الذي تقتضيه هذه القسمة هو أن تكون الخيرات خمسة أقسام فقسم منها الخيرات التي تكون للبدن وقسم منها الخيرات التي تكون بالبدن من الأفعال والإنفعالات وقسم منها الخيرات التي تكون للنفس وقسم منها الخيرات التي تكون بالنفس من الأفعال والإنفعالات والقسم الخامس الخيرات التي هي خارجة البدن وخارجة النفس قالوا الخيرات منها عظيمة ومنها صغيرة والخيرات العظيمة هي التي تكون منها المنفعة العظيمة والإحسان إلى الآخرين كالرياسة والثروة والشجاعة والصغيرة ما كان بخلاف ذلك
في الخير الذي هو أولى بمعنى الخير
قال أرسطوطيلس الخير الذي هو أولى بمعنى الخير هو الذي يكون في النفس وذلك هو العقل والمعرفة فإنه الذي يراد لذاته لا من أجل شيء آخر قال وأما سائر الخيرات فإنما سميت خيرات بسبب هذا الهير إذا كانت أسبابا إليه فإن لم تكن كذلك لم تكن خيرا لكن شرا
القول في حد الخير
Shafi da ba'a sani ba
قال أرسطوطيلس كل صناعة وكل مذهب وكل فعل وكل اختيار فقد يظن بأنه يقصد فيه إلى خير ما وما أجود ما حدوا الخير إذ قالوا بأنه المقصود إليه من كل شيء قال والمقصودات من الأشياء مختلفة وذلك أن منها ما هو فعل ومنها ما هو انفعال
التفسير وفيه بيان الصناعة والمذهب والبدعة والهوى
أقول الصناعة هيئة للبدن والنفس نطقية وعملية والمذهب هيئة للنفس فعلية نطقية وأقول الصناعة تقتضي مصنوعا حسيا وأما المذهب فإنه يقتضي مفعولا وهميا والصنعة تكتسب بالخيرات الخارجة أما المذهب فإنه يكتسب بالخيرات البدنية والنفسية والصانع يعمل في غير المنتفس وأما صاحب المذهب فإنه يعمل في المنتفس وأقول المذهب يؤدي إلى الخير من أطاعه وسلك طريقته وكذلك الصنعة وأما البدعة فإنها توهم الخير ولا تؤدي إليه وذلك لأنها تسلك على غير المسلك وأما الهواء فإنما تجر إلى اللذة ولكنها كثيرا ما تستبطئه وتساريه حتى تخفى على صاحبها مرادها تفسير وقوله وكل فعل وكل اختيار يوهم بأن الإختيار ليس بفعل وليس كذلك فإن الإختيار فعل فكري ولذلك فصل وأقول الفعل قد يكون إلى الصناعة وإلى المذهب وذلك حين يريد اقتناءهما وقد يكون عن الصناعة وعن المذهب وذلك من بعد أن يقتنيهماتفسير قوله المقصود اليه من كل شيء أقول الشيء المقصود هو عين الشيء المقصود إليه من الشيء المقصود وهو إنما يريد ههنا ما يقصد إليه من الشيء المقصود إذ كان ذلك أولى بمعنى الخير والذي يقصد إليه من الأشياء المفارقة فعل أو انفعال وكذلك قال والمقصودات من الأشياء مختلفة وذلك أن منها ما هو فعل ومنها ما هو انفعال وقال في موضع آخر الخير هو المقصود إليه من كل شيء وهو التمام من كل فعل وهمة قال أبو الحسن يريد بالتمام الغرض فإنه المقصود إليه بالفعل وهذا التحزير يوهم أنه بمعنى الأول وهو هو وليس به أما هو هو فلأنه قال ثم [انه المقصود إليه من كل شيء ] وههنا قال الخير هو المقصود إليه من كل شيء وأما ليس به فمن أجل أنه جعل المضصود إليه من الأشياء الفعل والإنفعال ثم وجعل المقصود إليه من الأشياء ههنا ما يراد بالفعل وبالإنفعال
حد آخر
قال أرسطوطيلس الخير هو الذي يتشوق إليه الكل من ذوي الحس والفهم قال أبو الحسن يريد بالفهم النطق الخارج الى الفعل وذلك هو العلم وقد قال في موضع آخر إنما توجد الأشياء ما هي وكيف هي بالعلم ولذلك حد الخير فقال بأنه الذي يتشوق اليه الكل من ذوي الحس والفهم فقد يتبين بما قدم بأنه إنما يريد بالفهم العلم
في الخير والشرير
قال أفلاطن الخير من ملك نفسه الشرير من ملكته نفسه وأقول الخير هو الذي اقتنى الخير الذي هو بالحقيقة خير ولا سبيل الى اقتناء ذلك الخير لمن ملكته نفسه فلذلك قال بأن الخير هو من ملك نفسه قال أفلاطن و أقول ان لذات النشوء تجذب الى اللذات وان كانت ضارة وسمجة والعقل يمنع منها فمن غلبته أخلاق النشوء وخذل العقل فإنه شرير ومملوك لشهواته ومغلوب من ذاته قال ومن انجذب الى ناحية العقل وغلب أخلاق النشوء فإنه خير وفاضل وحر وقد ملك نفسه
في الفرق بين النافع واللذيذ
اللذيذ هو الملايم للطبع وأكثر النافعات مؤذية والنافع هو الذي يكون مؤديا إلى الخير اواللذيذ وأكثر اللذات ضارة
في الساذج والسليم
Shafi da ba'a sani ba
قال أفلاطن الساذج والسليم هو الذي يصدق بما يقال له وينقاد لذلك لأنه يحسن ظنه فيه لزوال الشرية عنه ولذلك نقول بأن الفاضل الكامل هو الذي يعرف الشر والخير من قبل غيره لا من قبل نفسه وأقول الساذج وذو السلامة يسرعان إلى الذم والمدح قال وأقول أن سرعة قبول الشيء ربما كان من قبل ظنون تكون في النفس وذلك بأن يوافق ما يقال له أو يدعو إليه تيك الظنون
في الأشياء اللذيذة
قال أرسطوطيلس الأخلاق لذيذة وكذلك العادات لين الطبيعة لذيذة والخلق والعادة كالطبيعة لكن الطبيعة تكون دائما والخلق والعادة يكونان كثيرا وحسن الأقتدار لذيذ ولذلك يلتذ بحسن الفعل قال وأقول كل فعل تتبعه لذة قال والفضائل لذيذة وكذلك العلوم ولذلك كانت الخرافات لذيذة فإن النفس ستروح إليها متى عدمت غذاها من العلوم قال ومن أجل العلوم والفضائل كان التعب والكد المؤديان إلى العلوم وإلى الفضائل لذيذين والصحة لذيذة ولذلك كان الصبر على بشاعة الدواء لذيذا إذ كان الدواء سببا لإجتلاب الصحة وذكر الكد والتعب من بعد انقضائهما لذيذ ولا سيما إذا كان مع الظفر بالحاجة والوصول إلى البعية وذكر نيل الراحة عند التعب والكد لذيذ فالأشياء المحبوبة لذيذة عند التأميل إذا كن يتوقعن وفي الذكر إذا كن قد سلفن والكرامة محبوبة ولذلك كانت الغلبة لذيذة وكذلك جميع الأشياء التي تؤدي إلى الغلبة لذيذة وكذلك جميع الأشياء التي تؤدي إلى الكرامة والمال محبوب ولذلك كان جميع الأشياء المالية لذيذة قال والحياة لذيذة ولذلك كان جميع الأسباب التي تؤدي إلى الحياة لذيذة والشكل والمثل لذيذان ولذلك كان الأصدقاء ألذاء وقد قيل بأن الشبيه يحب الشبيه ومن هذا الوجه يفرح الصبي بالصبي والطائر بالطائر والسبع بالسبع وكل ما كان أشبه فإنه ألذ كالإنسان يشبه الإنسان الآخر في أفعاله ومعانيه قال والأشياء المستطرفة والفكهة لذيذة ولذلك كان التصوير والمحاكاة والتشبيه لذيذا ولذلك يشتهي الإنسان أن يكون متعجبا منه فإن التعجب منه ظريف والتملق لذيذ ويشبه أن يكون محبوبا
في أقسام اللذات
قال الحكيم اللذات كلها قسمان جسمانية ونفسانية والجسمانية أقسام وذلك أن منها ما هي طبيعية وضرورية كلذة الغذاء والشراب واللباس والكن أيضا ومنها طبيعية ليست بضرورية كلذة الجماع ومنها ما ليست بطبيعية ولا ضرورية مثل لذة السكر ولذة الإنهماك في المطاعم والمشارب والنكاح ومثل الكثير من اللعب قال واللذات النفسانية هي التي يختص بها الفكر غير أن من هذه ما هو سبب اللذات الجسمية وهذه هي التي تلتذ بها النفس عند التأميل والذكر وينفعل بها الجسم عند المباشرة قال ومنها ما هو خاص بالنفس وتلك هي التي إذا نالها لم ينفعل بها جسمه ولا كان مادة لما ينفعل منه الجسم لكن إنما تنفعل بها النفس مثل لذة العلوم ولذة الأصدقاء ولذة الخرافات ولذة الكرامة
في الأشياء الموذية
قال جالينوس الأشياء الموذية هي التي يعرض منها تفريق متصل أو ضم مفترق قال والأسباب الفاعلة لذلك حر أو برد وقطع وتاكل أما الحار المفرط فلأنه يقطع أجزاء البدن ويحللها وأما البارد الشديد البرد فلأنه يضغط أجزاء البدن ويجمعها قال والرطب واليابس لا يولمان لأنهما لا يلقيان البدن بعنف ولذلك لم يولما
القول في الحواس هل يتفاوت حالها في الأذى واللذة
قال جالينوس الذة والأذى في االلمس أقوى منه في سائر الحواس وبعد اللمس في الذوق ثم في الشم ثم في السمع وهما في البصر أضعف
بقية القول في الأشياء الموذية
Shafi da ba'a sani ba
قال وإن الذي يوذي السمع الصوت الخشن والصوت السريع والصوت العطيم قال وهذه الثلثة مجتمعة في الرعد قال ويولم الذوق المرارة والعفوصة والحموضة لأن هذه تفرق اتصال حاسة الذوق قال ويولم البصر شدة الضوء وشدة الظلمة قال وإن الشمس ربما أذهب ضوء البصر في زمان يسير لأنها تبدد أجزاء البصر للطافة أجزائها قال وأما الظلمة فإنها تطفئ ضوء البصر فتذهب به على الجملة أو يغلظ ولكنها لا تفعل ذلك في زمان يسير لكن متى طال لبث الإنسان في الظلمة
القول في الوحشة إنها ما هي وإبانة سببها
قال أرسطوطيلس الوحشة أذى تلحق القوة الفكرية قال والسبب فيها خلو النفس الناطقة مما تحتاج إليه من المعرفة فإنها إذا أخلت من المعرفة قلقت والناس لجهلهم لا يتفطنون لذلك لكن يتوهمون أن وحشتهم إنما هو لفقدهم ما يشتهون ويحبون فيطلبون لسبب ذلك ما يتلهون به ويشتغلون
القول في الأشياء الموذية على وجه آخر
قال أرسطوطيلس جميع الأشياء الموذية شرور إلا أن تكون أسبابا للخير قال وأقول الأشياء الموذية قسمان فمنها ما هي موذية للنفس فقط قال وهذه هي التي لا ينفعل منها الجسم لكن الفكرة قال ومنها ما ينفعل بها الجسم قال والناس يستوون فيما يولم الجسم وإنما يتباينون في مقدار الألم وفي إظهار القلق والجزع قال وأما النفسانية فإنهم يتباينون فيها تباينا عظيما وذلك أن منهم من يتأذى بما لا ينبغي أن يتأذى به كالحاسد ومنهم من لا يتأذى بما ينبغي أن يتأذى به كالوقح قال وإنما تتفاوت الحال فيه لإختلاف أحوال الناس باختلاف الأخلاق والهمم
في الإلتذاذ والتأذي أنهما فعلان أو انفعلان
قال الحكيم الإلتذاذ والتألم انفعلان وقال أرسطوطيلس الإنفعال منه جسماني ومنه نفساني قال ومن النفساني التغلب والغضب والشهوة وقال غيره الإنفعالات أربعة أقسام لذة وأذى وشهوة وفزع قال واللذة إنما تكون للخير الحاضر قال الشهوة إنما تكون للخير المتوقع قال والأذى إنما يكون للشر الواقع قال وأما الفزع فإنه يكون للشر المتوقع
بقية القول في الإلتذاذ والتأذي
قال أرسطوطيلس صورة الشر إذا تحركت ولم تظهر ولدت الفزع وإذا هي ظهرت ولدت اللذة
في الإنفعال أ هو اللذة والأذى أما الإحساس بالإنفعال هو اللذة والأذى
Shafi da ba'a sani ba
قال غرغوريوس الإنفعال ليس بلذة ولا أذى لكن الإحساس بالإنفعال هو اللذة والأذى ولهذا لم يكن بما لا قدر له التذاذ ولا أذى وإن كان من جنس ما يؤلم ويلذ
في الفصل بين الإنفعال النفساني وبين الإنفعال الجسماني
قال الإنفعال النفساني حركة تحدث في النفس من تخيل خير أو شر وأما الإنفعال الجسماني فإنه حركة تحدث في الجسم من ملاقات شيء لذيذ له أو مؤذ
في الفرق بين الإنفعال وبين الفعل
قال الإنفعال إنما يكون في شيء من شيء آخر وأما الفعل فإنما يكون من ذات المتحرك فإن الشيء الواحد قد يكون فعلا وقد يكون انفعالا قال أرسطوطيلس الشيء الواحد قد يكون انفعالا بوجهين أحدهما أن يكون متحركا من ذاته فيكون فعلا لذلك كالغضب ويكون مع ذلك انفعالا إذا كان المهيج له غيره وهذه حالة الغضب فإنه إنما يصح من شيء إلى آخر فقال والوجه الآخر بأن يخرج عن الإعتدال فيكون انفعالا لذلك ويكون من ذات المتحرك فيكون فعلا مثال ذلك حركة الإختلاج فأنا نقول بأن حركة الإختلاج انفعال لأنها خارجة عن الإعتدال وهي مع ذلك فعل لأنها إنما تكون من ذات المتحرك وقد يجب أن ننظر أن النفس البهيمية تحس بذاتها أو بغيرها وأقول أن الإحساس نوع من أنواع العلم يجب لذلك أن يكون الإحساس للنفس الناطقة والفكرة أيضا لهذه النفس ويجب من هذا أن تكون النفس اليهيمية إنما تلتذ بغيرها أقول النفس البهيميةإنما تلتذ بالبدن وبالنفس الحساسة وأما النفس الغضبية فإنها لا تلتذ بالبدن ولكنها إنما تلتذ الناطقة النظارة هل لها حس أم ليس لها ذلك فإن لم يكن لها ذلك وجب أن يكون إحساسها بغيرها وأقول النفس النظارة إنما تلتذ بالنفس المرتابة وهي الحساسة
في الفرق بين النظر وبين الفكر
وأقول الفكر قوة مطرقة للنفس إلى العلوم وأما النظر فإنما هو النظر إلى المعلوم وقياس الفكرة التحدق وقياس الإبصار من بعد التحدق
في اللذة أنها ما هي وفي أنواعها أنها كم هي
أقول اللذة إحساس بالإنفعال ويجب من هذا أن تكون اللذة للنفس الحساسة ولكنه منها ما تكون للتخيل والتخيل ضرب من الإحساس وأقول اللذات أربعة أنواع على قدر أنواع الأنفس وقال أفلاطن أنواع الأنفس ثلثة النفس البهيمية والنفس الغضبية والنفس الناطقة والنفس الناطقة نوعان المرتابة والناظرة
في أنواع اللذات
Shafi da ba'a sani ba
قال أرسطوطيلس اللذة التي تكون للأشياء المختلفة بالصور يجب أن تكون مختلفة بالصور كلذة الكلب فإنه يجب أن تكون غير لذة الفرس ولذة الإنسان يجب أن تكون غير لذة الحيوان قال وأما التي تكون لأشياء بأعيانها كلذة الإنسان والإنسان فيحق أن لا تكون مختلفة بالصورة ولكنها تتبدل في الملتذين لتبدل احوالهم فإن المحموم والصحيح لا يلتذان أيضا بشيء واحد كذلك الفاضل والرديء لا يلتذان بشيء واحد قال وإن العاقل يختار إدراك العقل على الذهب لأن العقل عند العاقل ألذ من الذهب عند الجاهل
بيان أن للإنسان لذة يختص بها وإنها إنما هي لذة المعرفة
قال أرسطوطيلس إنه لما كان لكل واحد مت أنواع الحيوان لذة يختص بها كما قلنا وجب أن يكون للإنسان من حيث هو إنسان لذة يختص بها والإنسان إنما يختص بالمعرفة فأما سائر اللذات فإن سائر الحيوان يشركه فيها ويشبه أن يكون يصيب سائر الحيوان من لذة الشهوة ومن لذة الظفر والغلبة أكثر قال ومن البين أن الصبيان يفرحون بما لا يفرح به الرجال وكذلك النساء يفرحن بأشياء لا يفرح بها الرجال ولا الصبيان قال وإن الحمقى والسكاري وأكثر من لا عقل له إنما يعيش بالخرافات وكل حديث لا يفيد الخير فإنه خرافة وأكثر الأشعار خرافات
بيان العلة في أنه لم صار للإنسان لذات مختلفة
قال أفلاطن وأرسطوطيلس للإنسان لذات مختلفة قال أرسطوطيلس وإنما وجد للإنسان اللذات المختلفة لعلل أحدها من قبل أن طبيعته لم تكن بسيطة لكن مركبة وأيضا فإن حالته لم تكن واحدة لكن مختلفة قال أفلاطن وإن نفس الأنسان ليست واحدة بسيطة كالعقل ولكنها منقسمة إلى ثلثة أنواع النفس الشهوانية ولها محبة لذة المطاعم والمشارب والمناكح قال ولهذه النفس أيضا الحرص والرغبة في جر المنافع واكتساب الأموال بسبب الشهوة واللذة قال والنفس الغضبية ولهذه النفس محبة الغلبة والرياسة والكرامة قال والثالث الناطقة ولهذه النفس محبة الحق وبغض الباطل ومن أجل ذلك تحب العلوم والحكمة قال أفلاطن ومن أجل هذا نقول بأن الإنسان ليس بحيوان واحد في الحقيقة ولكنه ثلث حيوانات وقد غشيت بصورة واحدة في الظاهر فمثال الحيوان الأول وهو الذي له الشهوات ومثل سبع ضار متفنن الخلقة له رؤوس حيوانات كثيرة برية وأهلية وهو أعظم الثلثة مثال الحيوان الثاني مثال أسد هائج الغضب قال ومثال الحيوان الثالث مثال الإنسان وصورته وقد حلي الجميع من خارج بحلية واحدة وهي مثال الإنسان قال وكل واحدة من هذه الأنفس تنازع إلى ما تلتذ به وتشتهيه قال أرسطوطيلس وقد تختلف اللذات في الإنسان لعلل أخر فإن بعض اللذات إنما يكون من جهة الأمراض والجنون كالذين يلتذون بأكل اللحوم النيئة وبعض اللذات يكون من جهة الآفات كالإلتذاذ بأكل الفحم والطين ويعض يكون من جهة العادة كنتف الشعر وجرح الأظفار والإلتذاذ بجماع الدبور قد يكون من جهة الآفة وقد يكون من جهة العادة كالذين يعتادون التفاخذ من الصبى وقد يلتذ بالشتيمة الفاحشون من الأغنياء والرؤساء وأنهم يظنون بأنهم يصيرون أفضل من المشتومين
العلة في ميل الناس إلى اللذات الجسمية وفي هربهم من اللذات النطقية
قال أرسطوطيلس إنما صار الناس يطلبون اللذات الجسمية لأنهم مع هذه اللذات ينمون واياها يألفون قال وإنما ظنوا أنها أكثر في الإختيار لأنها تدفع الحزن قال وأيضا فإن الأكثر منهم لم يذوقوا اذة المعرفة فيعرفونها قال ومن عرف لذة المعرفة يصبر على ما هو أمامها من الكد والتعب والخطر حتى يصل إليها قال وأيضا فإنه لا سبيل إلى لذة المعرفة من غير رفض كثير من الشهوات واللذات ومن غير هجران لذة الراحة والخرافات وليس بهين رفض هذه اللذات وهجرانها
بيان أن لذة المعرفة ألذ من سائر اللذات كلها
قال أفلاطن الطريق إلى معرفة الأشياء التجربة والقياس ومن البين أنه يختص بطريق المعرفة صاحب المعرفة قال وهو الذي يختص بالتجربة لأنه قد جرب لذة الشهوات ولذة الظفر الغلبة والعز والرياسة وقد عرف مع ذلك لذة المعرفة فأما محب الشهوات ومحب الغلبة فإنهما لم يذوقا لذة المعرفة دليل آخر قال أفلاطن وأرسطوطيلس لذة المعرفة ألذ فإنها صافية وأما سائر اللذات فإنها مشوبة قال والدليل أنه ليس للذتها ضد فينغصها ويكدرها وأما لذة المطعم فإنه يقابلها أذى الجوع ولذة المشرب يقابلها أذى العطش ولذة المنكح يقابلها أذى الشبق ولذة الكرامة يقابلها أذى الحسد ولذة التعزز تقابلها لذة التذلل لأن المتعزز يضطر إلى أن يتذلل لمن يكون فوقه ودونه بوجه ووجه قال وإنه يلحق كل لذة من هذه اللذات لواحق تبغضها لما يقع فيها من الخطأ في المقدار الوقت والجهة قال محب المعرفة سليم من هذه الآفات كلها قال أرسطوطيلس لذة المعرفة هي اللذة بالحقيقة وعلى الإطلاق فأما سائر اللذات فإنما هي لذات بالعرض لأنها أشفية من الأحزان
بيان أنه ليس كل لذة بخير
Shafi da ba'a sani ba
قال أرسطوطيلس من البين ان الإستكثار من اللذات يمرض لو كانت اللذة خيرا على الإطلاق وكانت الإستكثار منها خيرا لأن الإستكثار من الخير خير قال ومن البين أن الكثير من اللذات ضارة وأن الكثير منها قبيحة قال ومن البين أنها تشغل عن العقل قال أبو الحسن يعني به اللذات الجسمية قال وكلما كانت أقوى شغلت أكثر قال فليس يجوز من أجل ما قلنا أن نقول بأن كل لذة خير
بيان أنه غير جائز أن نقول بأن اللذات ليست بخير على الإطلاق
قال أرسطوطيلس وغير جائز أن نقول بأن اللذات ليست بخير على الإطلاق لأن الكل يشتهي اللذة والكل يهرب من ضدها وهو الأذى قال والفساد إنما يقع على الأمر الأكثر من جهة الإفراط والإفراط إنما يقع في اللذات الجسمية قال وأقول لما قلنا بأن اللذة خير لكن ليس كل لذة وقال أفلاطن إنه ليس بين اللذات الجسمية وبين العقل مشاركة زالدليل أن اللذة المفرطة يجعل الإنسان هائم العقل مضطربا مثل ما يفعل به الحزن الغالب قال كذلك نقول بأنه ليس بين العقل وبين اللذة مشاركة البتة وإنما تكون المشاركة بينها وبين السفه الغلمة
القول في ما هي اللذة والأذى
قال جالينوس الألم هو خروج البدن عن حالته الطبيعية في زمان يسير وبمقدار كثير فإن خرج قليلا لم يولم وكذلك إن خرج كثيرا ولكن كان خروجه في زمان كثير قال واللذة هي رجوع البدن إلى الحالة الطبيعية في زمان يسير فإن رجعت قليلا أو كثيرا ولكنه في زمان كثير ظن بأنه قد كان ثم ألم ولم تنعقبه لذة وقال غرغوريوس كل وجع وكل راحة فإنما هو من استحالة المتضادات أما الوجع فمن استحالتها إلى خلاف مجرى الطبيعة وأما الراحة فمن استحالتها إلى مجرى الطبيعة وقال أرسطوطيلس قال قوم بأن اللذة تمام النقصان قال وإنما وقعوا إلى ذلك من قبل ضدها وذلك لأنهم رأوا الأذى نقصان الشيء الطبيعي قال أبو الحسن ما قاله جالينوس وغرغوريوس وحكاه أرسطوطيلس كالقريب بعضه من بعض من جهة المعنى وإنما الإختلاف فيه من جهة العبارة وبعد فإن ما فيه من الإختلاف غير بعيد
مناقضة هؤلاء
قال أرسطوطيلس ما قالوه في حد اللذة لا بعم جميع اللذات لأن لذات النفس وهي اللذات بالحقيقة ليست بتمام النقصان قال وما قالوه إنما يختص بلذات البدن وأيضا فليس لجميعها لكن لما يلي الغدا منها قال وأقول إن لذات البدن ليست بلذات حقيقة لكن بالعرض لأنها أشفية من الأحزان والطبيعة هي المخوفة ولو كان كما قالوا لكان يجب أن يكون الذي يلذ هو الذي يلحقه النقصان قال والجسد وحده لا يلتذ من دون النفس وأقول قد قال أفلاطن بأن لذة المعرفة إنما هي تمام النقصان ويشبه أن يكون إنما قاله على سبيل التشبيه والتحقيق فيه ما قاله أرسطوطيلس قال أفلاطن أن للنفس لذات لأن لها نقصان فإنه لا نقصان أشد من نقصان الجهل قال ومن أجل ذلك يلتذ بالمعرفة لأنها تتم نقصانها بالمعرفة
بقية القول في ماهية اللذة
قال أرسطوطيلس قال قوم اللذة تكون في طبيعة حساسة وقال في ريطوريقى اللذة حركة تكون بغتة في طبيعة الشيء نفسها قال وأما الحزن والأذى فبخلاف ذلك
مناقضة هؤلاء
Shafi da ba'a sani ba
قال أبو الحسن وهو أن الحدان قريبان لأن التكون تحرك والكون عنده حركة وقال الحركة والكون لا يقالان على الجميع الذي لا ينقسم كالنقطة والوحدة والبصر قال ولكن إنما يقالان على ما ينقسم لأن الحركة إنما تحدث جزءا من بعد جزء وكذلك التكون قال وإنما يكون تمامه إذا فعلت ما أرادت قال وأما في جميع أجزاء الزمان فإنها لا تكون تامة وكذلك التكون قال وأما اللذة ففي كل زمان تامة من كل مثل الوحدة واليقظة والبصر قال ومن أجل ذلك لا يمكن أحد أن يلتذ في زمان أكثر منه في زمان قال وإنما يلحق ما يظن فيها من الزيادة والنقصان التلذذ لا اللذة قال فإن قيل فمن أين وجدت لذة أقل ولذة أكثر قيل إن الفاعل والمنفعل إذا كانا قويين كان التلذذ واللذة بخلاف أن يكونا ضعيفين قال وأيضا فإن الإنسان متى كان تشوقه إلى الشيء طويلا كان فعله فيه قويا ومتى كان بخلاف ذلك كان فعله بخلاف ذلك
حد ثالث للذة
قال أرسطوطيلس وقال قوم إنها فعل للهيئة الطبيعية غير ممنوع قال أبو الحسن هذا قول فيثاغروس وأفلاطن فإنهما قالا اللذة فعل على مجرى الطبيعة فلا مانع يمنعها
مناقضة هؤلاء
قال أرسطوطيلس اللذة ليست بفعل قال والدليل أن أنواع الأفعال ثلثة حسية وحركية وفكرية قال ومن البين أن اللذة ليست بفكرة ولاحس وقد بينا من قبل أنها ليست بحركة قال فقد بان بما قلنا أنها ليست بفعل قال يفسد هذا الحد من جهة أخرى وذلك من قبل أن السعادة فعل للهيئة الطبيعية لا عائق فيها
ذكر الحد الذي حد به أرسطوطيلس اللذة من بعد ما ناقض القوم
قال أرسطوطيلس فأقول بأن اللذة نهاية أفعال الحي الطبيعية التي لا عائق فيها حتى تكون مقرونة بالسعادة قال أرسطوطيلس وأقول اللذة نهاية لا كهيئة تصير في الملتذ لكن كتمام كالكمال الذي يكون بالمرتبة لا بالصورة وبالجمال الذي يصير في الشباب وقال فرفوريوس مفسرا لما قاله أرسطوطيلس اللذة كالنهاية في المرتبة لأنها تحدث اخراقالت وليست بكاملة لأنا لا نقف عندها ولكنا نطلب شيئا آخر قال أرسطوطيلس وإنما ظن بأن اللذة فعل لأنها تابعة لكل فعل ومتصلة بالفعل وغير منفصلة من الفعل قال وأقول اللذة تابعة لكل حركة لأنها تابعة لكل فعل والحركة فعل قال وإنها تابعة للسكون أيضا لأن السكون أيضا فعل قال وأقول اللذة ليست في الفعل فقط لكن في الإنفعال أيضا كالتعلم فإن التعلم انفعال وهو لذيذ
القول في خاصية اللذة
قال أرسطوطيلس إنها من أجل الأفعال لشهوات الهيئة وذلك لأن اللذة تتمم كل فعل وتصيره أجود من قبل أن فاعلي الأفعال يستقصون في الأفعال بسبب اللذة قال وأقول منفعة اللذات الجسمية الوجود فقط وأما منفعة لذة المعرفة بالوجود الفاضل
حساب ظريف لأفلاطن في بيان زيادة لذة صاحب الحكيم
Shafi da ba'a sani ba
قال أفلاطن إنه لما كانت اللذات ثلثة واحدة صافية واثنتان دعيتان يعني بالدعيتين لذة الشهوة ولذة الغلبة ويعني بالصافية لذة المعرفة قال وكانت الرياسة خمسة وكان المتغلب الثالث هو صاحب النفر اليسير إذ كانت رياسة الجماعة بينهما وكان صاحب النفر اليسير بالثالث من الملك إذ كان صاحب علية الأشراف وسطا بينهما وجب أن يكون بعد المتغلب عن اللذة الحقيقية ثلثة أضعاف الثلثة الأضعاف في العدة قال ويجب أن يكون الرسم والمثال بحسب عدد الطول للسطح المسطوح قال وإنما بحسب القوة والتزيد الثالث فإنه يجب أن يكون الملك ألذ عيشا بسبعمائة وتسعة وعشرين قال ويجب أن يكون المتغلب أكثر أذى بهذا المقدار قال وليبين بهما حساب حق إن كانت الليالي ونهارها والشهور والسنون ملائمة لها قال أبو الحسن وقوله وأما بحسب القوة والتزيد الثالث فإنه يريد تزيد الآحاد وتزيد العشرات وتزيد المئين فإنه الثالث
فصل من حرف اللام
الفعل ألذ من البطالة واليقظة ألذ من النوم والحس ألذ من عدم الحس والعقل ألذ من الجهل قال والسرور واللذة في كل شيء هو أن يفعل فعله من غير عائق قال وكما أن ألذ الأشياء المحسوسة أفضلها كذلك حال المعقولة يجب أن تكون الذها أفضلها
وبيان ما قاله أفلاطن على وجه من التقريب والتخمين
إن اللذت لما كانت ثلثة وجب أن يكون للمتغلب تسعة لأن له ثلثة أضعاف الثلثة ولأن رياسة الجمع متقدمة عليه بالضعف وجب أن يكون لها ثلثة أضعاف ما هو له وذلك سبعة وعشرون ولأن صاحب النفر اليسير متقدم على رياسة الجمع الكثير بالضعف وجب أن يكون له ثلثة أضعاف ما لصاحب الجمع الكثير فيصير له أحد وثمانون ولأن رياسة الأشراف متقدمة بالضعف على صاحب النفر اليسير وجب أن يكون له ثلثة أضعاف ذلك فيكون مأتين وثلثة وأربعين وللملك ثلثة أضعاف هذا وذلك سبعمائة وتسعة وعشرين
في السعادة القصوى أنها ما هي وكيف تكتسب من قول أفلاطن
قال أفلاطن السعادة إنما هي استكمال الإنسان صورته قال والإنسان إنما يستكمل صورته بالعلوم الحقية وأولها الحساب ثم الهندسة وعلم المكعبات وعلم النجوم والموسيقى قال وآخرها علم الجدل قال وإن هذه العلوم يرفع عن الإنسان النذالة والخساسة والأحزان والهموم وتصيره وادعا ساكنا وذلك أنه تخرج عن قلبه محبة العز ومحبة العائدة وتزيل عنه سائر الأخلاق الفاسدة
القول في السعادة العقلية وهي القصوى إنها ما هي وبم تكتسب وتحصل من قول أرسطوطيلس
قال أرسطوطيلس السعادة العقلية فعل للنفس عقلي وفي موضع آخر بدل عقلي رأي وفي موضع آخر نطقي قال أبو الحسن وهذه العبارات كلها متقاربة وإنما تقع من جهة المترجمين قال والخيرات التي تقوم بها هذه السعادة هي التي تختص بها النفس الناطقة النظرية وهي العقل والعلم والحكمة قال والعقل الأوائل قال والعلم هيئة برهانية قال والحكمة هي التمهر في تأليف القياسات وإنتاج النتائج وهي المهن أيضا في الذهاب من الأوائل إلى الأواخر ومن الأواخر إلى الأوائل وحسن الإقتدار على معرفة الأوائل وهي المبادئ قال وليس ينبغي أن يكون فهم الإنسان ميتا إذ هو ميت بل ينبغي أن يصيرها عادمة موت وقال أرسطوطيلس الحكمة علم وعقل فإنه ليس ينبغي للحكيم أن يعلم ما يعلم من المبادئ فقط لكن ينبغي أن يصدق عما في المبادئ قال وقد يقال للذين حذقوا الشيء حكماء وقال أفلاطن العلم وقوع بصر النفس على الأشياء الكلية وقال الإسكندر العلم هو المعرفة بسبب العلوم أنه سبب لذلك المعلوم وقال ثاميطوس ليس العلم غير المعاني المعلومة كما أنه ليست الهندسة غير المعاني الهندسية وقال برقلس سمعت أرسطوطيلس يسمي المعرفة حركة يسمي العلم حركة كما يسمي المشي والإحضار
هل يجوز أن تكتسب السعادة القصوى من غير أن تكتسب السعادة الأدنى
Shafi da ba'a sani ba
إنما يمتنع الوصول إلى الثاني من قبل الوصول إلى الأول في الشيئين الذين يكون أحدهما أدنى والأخر أقصى متى كان ذلك الأدنى موضوعا تحت ذلك الأقصى وليست السعادتان كذلك وبيان ذلك أنهما في موضوعين ليس أحدهما تحت الثاني ولكنه كالبعيد فيمن كان مسترقا لشهواته ومنصرفا بهمته إلى التمتع بلذاته وكانت أوقاته متمزقة بها وببلاياها وآفاتها أن يصل إلى العلوم الفاضلة الرفيعة الدقيقة التي لا يكاد يخلص إليها إلا من أخلص أوقاته لها وانقطع من كل شيء إليها ولم يلوث همته بشيء سواها وأيضا فإن الشره يؤدي إلى البلادة الغباوة وهذه العلوم لا تحصل بغير صفاء الذهن وجودة الطبع والفهم وبقوة الحفظ
ذكر الآفات المانعة من السعادة القصوى ومن استتمامها
قال أفلاطن الحكمة لا تنال إلا بأن ينقطع إليها من كل شيء ومن أكثر الأشياء التي يقال إنها خيرات كالثروة والكرامة والرياسة والإخوان والأهل والأولاد حتى الفضائل كالنجدة والعفة وصلة القرابة والعشرة قال لأن كل شيء من هذا يحتاج إلى زمان في اكبسابه وتربيته وفعله وإلى عناية بحفظه وصيانته ولا زمان عند طالب الحكمة ولا قلب ولا عناية لأن زمانه مصروفة في طلب الحكمة وعنايته مستغرقة في استنباط الحكمة وفي رعاية أمر الحكمة العلاج لذلك أن يعلم أن هذه الأشياء وإن كانت خيرات فإنها قد صارت شرورا عليه لما كانت عائقة له ومانعة عما هو خير منها وأفضل وقال سقراط لتكن عنايتكم بالنفس دائما وبالبدن بقدر ما تدعو إليه الحاجة وأما في الخارجات عن النفس والبدن فلا البتة قال وإن الحكيم لا يكون غنيا ولا ذا مقدرة وقال أرسطوطيلس إن الفلسفة لا تنال إلا بفقر وعناية بالغة وطبيعة جيدة قال سقراط وكل من قلت حاجته فإنه أقرب إلى الله لأن الله ليس بمحتاج قال وينبغي أن يعلم أنه لن يمكنه أن يصل إلى هذا الأمر العظيم إلا بأن ينسل من جميع ما يكون فيه وإن جل مقداره وشرف محله ولا يكفيه ذلك من دون أن يبعد مما ينسل منه ومن دون أن يتنحى من بين معارفه وأن يتوارى من كل ما يخاف أنه يقطعه عنها أو يشغله ثم يقبل على ما يحييه ويسعده ويجتهد في أن يسلم له في هذه الدنيا عيشه وأن يخرج منها إلى الآخرة وادعا آمنا بما قدم من الخير أمامه وقد يجب أن ينظر أنه كيف يجوز أن ينقطع السعيد عن العفة وهل يجوز أن يصل إلى الحكمة الشره وأقول وجه عندي أن العفيف لما كان إنما يتناول ما ينبغي وفي الوقت الذي ينبغي كان المنقطع إلى الحكمة كثيرا ما ينقطع عن التناول في الوقت الذي ينبغي وكثيرا ما ينقطع أيضا عن تناول ما ينبغي فيكون انقطاعه عن العفة من هذا الوجه لا من قبل الشره وقال أرسطوطيلس الفاضل قد يترك بعض لذات العفيف وإن لم تكن رديئة لأن له لذات هي أفضل
ذكر آفة أخرى
قد قلنا فيما سلف إن الحكمة لا تنال إلأ بترك أكثر الخيرات والفضائل ومن فعل ذلك كان عند الناس على غاية البدعة والمذهب الغريب المنكر لأن ايثار هذه الخيرات والرغبة في فعل هذه الفضائل هي الإنسانية فمن زهد فيها فإنه يكون عند الناس أنه ليس بإنسان والناس إنما يعزون ويكرمون من رغب في المممدوحات وعمل الصالحات ووافق أهل الخير وكان على مثل سيرتهم ومن كان على خلاف ذلك أهانوه وأذلوه واستخفوا به وحقروه وربما قصدوه بالمكاره في نعمته وفيمن يتصل به وفي بدنه حتى الضرب والقتل ومن أعظم المحن عليه أنه ليس يمكنه أن يقنعهم بالحجة لأنه ليس بممكن مخاطبة من ليس معه الأمور الإنسية فضلا عن الألفة فأي حدث وأي شيخ يصبر على المهانة والمذلة وعلى الخوف الدائم من الإضرار والجسارة وعلى الغرامة والعقوبة والعلاج الجليل أن يعلم أن جميع الأمور شاقة وعسرة وفي السلوك إليها مخافة ومخاطرة وقال أفلاطن الحكمة لا تنال إلا بتحمل الكد والتعب وركوب الغرر والخطر عند الأعداء إذا وردوا وعند الأصدقاء إذا زجروا وقال أفلاطن إنه ما أضر على الإنسان من الرغبة في الحياة على كل حال فإنها إذا فعلت ذلك يعني النفس انقطعت عن جميع الخيرات الشريفة إذ كانت لا تنال إلا بركوب الخطر مع التزام التعب وذلك يكون بمجاهدة الأعداء وبالصبر على جفاء الأصدقاء في اكتساب الأمور الفاضلة
ذكر آفة أخرى
قال أفلاطن وأحد الآفات العظيمة ما يعرض بمن صبر على الحكمة عند ظهور آثار الفائدة وثمرات الحكمة وذلك بأن يتلقى بالكرامة ويرشح للرياسة ويمكن من الشهوة واللذة فيطرحوه مطرح الجهاد من هذه الجهة فإن لم يسلس خوفوه بأنواع المخافات فمن الذي يبقى بهذا الأمر الجليل الخطير الرفيع إلا النزر القليل بل الواحد من بين الكثير وذلك أيضا بأن تعينه السكينات وذلك بأن يوقع في قلبه شدة محبة الحكمة حى يختارها على كل شيء ولا يختار عليها شيئا وتعضده بالنصر الإتفاقات وذلك بأن يكون كبير الهمة ومدينته تكون مدينة صغيرة أو كان ممن لا يحتمل نفسه كد القيام بأمور الناس أو يكون نجدا فلا يجور ومحمود المنشأ فلا يتخدع وأما العلاج فأن يعلم أنه لا سبيل إلى استصلاح أمر مدينة قد غلبت على أهلها الأخلاق الفاسدة وتمكنت منهم العادات الرديئة إلا بالقهر والإستكراه وفي هذا من الصعوبة ما فيه وذلك أن السبيل فيه أن يقتلهم من غير أن ينزع أرواحهم وذلك بأن يتزعهم عن جميع ما قد ألفوه واستطابوه واستحسنوه وعشقوه ثم يحييهم بحسن التشبيه على الأخلاق المحمودة ومع هذا فإنه لن يمكنه ذلك إلا بأعوان مساعدين ومخلصين في المؤازرة وأنى له أن يفوز بهم فهل تكون حال من يوقع نفسه في مجاهدة قوم كثيرين أردياء جهال وعلى منابذة جماعتهم ومخالفتهم من غير أعوان وأنصار إلا حال من يوقع نفسه بين حيوانات ذوات سموم وضارية فيكون قد أهلك نفسه من غير أن ينفع غيره قال أفلاطن وأمر السلطان في هذا أعظم لأنه يكون محتشيا من الكيس الباطل والعقل الكاذب فمن الذي يطمع في أن يصدق مثل هذا عن نفسه وكيف يطيق استماع ما يقال له أن خاطر مخاطر فيه وإن أصغى إلى ما يقال له واستمرأه فأي مطمع فيمن احترشه وغلب عليه أن تركوه حتى يستقيم على طريقة السعادة وعندهم أن ذلك يحل بهم الهلاك والشقوة وبعد فإن الرئيس ليس يجوز له أن يكون غير راسخ في احكمة قال أبو الحسن يعني أنه ليس يجوز له أن يتقبل بأمر الرياسة إذا لم تكن راسخا في الحكمة وقد ذكرناه نحن في القسم الثالث من صفة الرئيس
ذكر آفة أخرى عظيمة
قال ومن الآفات العظيمة الجزع والقلق من امتداد تعب الطلب ومن تطاول الكد والنصب والسآمة والملامة من بعد المسافة ويزيد في ذلك صعوبة المنفذ ووحشة الإنفراد لعوز المساعد وحيرة الإلتباس لفقد الناصح وال[؟] ثم محادثة النفس بالإياس مرة وبالإقتصار على ما حصله مرة وبالإنصراف عنه إلى ما هو يوهم أنه أعود عليه مرة وبالإنجذاب إلى خفض العيش مرة وبالدعاء إلى فعل الصالحات والمحمودات مرة و العلاج أن يعلم أن شرف كل شيء إنما تكون في استكماله وأنه إن لم يمعن في السير إلى مقصده حتى يصل إلى غايته فقد ضيع أيامه التي أنفقها عليه وأخسر نفسه ما احتمله من النصب والتعب فيه وأنه يكون أكثرغبنا وأبخس نصيبا ممن لم يأخذ شيئا منه ولم يشرع فيه لأن ذلك قد ربح كل الرغبة وسلم من هجنة الخيبة وأمن من فساده بالآراء السقيمة والظنون الفاسدة التي لا يكاد يسلم منها الناظر فيه ولا سيما في أول أمره ومن قبل أن يبلغ إلى تمامه قال وينبغي أن يعلم أنه ليس شيء أعون على درك الحق من الصبر والصدق وذلك بأن يصدق في الطلب ويصبر على ما يقاسي من أنواع التعب والنصب وقال حكيم لشاب اصبر على تعب التعلم فإن احتمال تعب التعلم أهون مما يلحقك من الأذى والذل بالجهل وأيام أذى الجهل أطول وآفاته أكثر وقال أفلاطن نحن مركبون من أربعة إن ولاإن ونعم الآن وبئس الآن قال والحياة الطبيعية جعلتنا إن والموت الطبيعي جعلنا لاإن والإختيار للحياة جعلنا بئس الآن والإختيار للموت جعلنا نعم الآن [blank page]
القسم الثاني العوارض اللتي تعرض للإنسان في الحياة محمودة و مذمومة
Shafi da ba'a sani ba
الحمد لله الذي خلقنا بفضله لفضله وبرحمته لرحمته ثم هدانا لما خلقنا له وعرفنا ما ينفعنا في السير إليه ويعيننا عليه وما يثبطنا عنه ويصدنا منه لنستعين بما ينفعنا في السلوك إلى ما خلقنا له ونتمسك به ونجتنب ما يصدنا عنه ونزايله حمد ناهض بالنية إلى دوامه وأصلي على النبي محمد وآله
قال أبو الحسن
أن كتابنا هذا إنما هو القسم الثاني من الكتاب الذي سميناه السعادة والإسعاد في السيرة الأنسية ونريد أن نبين في هذا القسم العوارض التي تعرض للإنسان في حياته ولا ينفك منها في وقت وإن راقبه وحذره ونقول فيها عارضة عارضة ونبين المحمودة منها والمذمومة ونبين وجه علاج الذميمة منها ونبتدئ إن شاء الله من القول في الفضيلة إنها ما هي وبالله نعتضد في كل أمورنا وعليه نتوكل فإنه لا حول لنا ولا قوة إلا به ونصلي على محمد النبي وآله ونسلم
في الفضيلة ما هي
قال أرسطوطيلس معنى الفضيلة أن يختص شيء من بين ما هو مساو له بزيادة اسم الجودة قال أبو الحسن ومثال ذلك أن الإنسان حيوان وهو أفضل من سائر الحيوانات لاختصاصه بالجودة وتلك الجودة هي قوة النطق فإن هذه القوة أشرف القوى التي أفاضها الله على خلقه والعالم أفضل من الجاهل لاختصاصه بحياة النطق فيه فنقول على هذا بأن الأخلاق الفاضلة والأفعال الفاضلة هي التي يكون لها زيادة اسم الجودة والجودة في الأخلاق والأفعال الصادرة إلى الأخلاق أو عن الأخلاق هي أن تكون إنسية والإنسية هي التي تكون بنطق فإن الإنسان هو الناطق وأنا الأخلاق والأفعال الرذلة فإنها بهيمية وأقول الإنسان الفاضل على غيره من الناس بخلقه أو بفعله هو الذي يكون لخلقه أو لفعله زيادة على خلق غيره بالجودة والجودة إنما تكون لزيادة فطنة له على غيره فيستدرك بتيك الزيادة زيادة منفعة لبدنه أو جمال لنفسه
في أقسام الفضائل
وقال الفضائل قسمان خلقية ونظرية والخلقية كالطهارة والعفة والنجدة قال والنظرية كالعلم والعقل والحكمة وأقول الخلقية هي الإنسية والنظرية هي العقلية وأقول الإنسية هي متركبة من النفس البهيمية ومن النفس الناطقة المرتابة وأما النظرية فإنها بسيطة لأنها إنما تكون من النفس الناطقة النظرية وهي العاقلة فأما الأولى فإنها متعقلة وليست بعاقلة
في الفضيلة الخلقية أنها ما هي
قال أرسطوطيلس يمكن أن يقال في الفضيلة بأنها توسط بين رذيلتين قال وإذا حدت من جهة الأفضل قيل بأنها الغاية
حده الذي اختاره
Shafi da ba'a sani ba
قال ونقول الفضيلة حال لازمة بإرادة في توسط مضاف إلينا محدودة بالقول
التفسير
بيان قوله إنها حال لازمة قال لما كان ما يوجد في النفس لن يخلو من إحدى ثلث أحديهن العوارض والثانية القوى والثالثة السجيات وهي حالاتنا اللازمة عند وقوع العوارض ثم لم يجز أن تكون الفضيلة العوارض ولا القوى ثبت أنها حال لازمة قال وكذلك هذا في الرذيلة وبيان أنه غير جائز أن تكون الفضيلة العوارض أن العوارض هي التي تعرض مثل هيجان الشهوة وفتورها ومثل الجبن والجرأة والمحبة والبغضة ولم يجز أن يقال لمن فرق مرة بأنه جبان ولا لمن لم يفرق مرة إنه شجاع لكن إنما يقال إنه جبان لمن كان ذلك حاله في كل مخافة أو في الأكثر فثبت بذلك أنها حال لازمة قال وأيضا فإن هذه العوارض إنما تكون بغير إرادة والفضائل لا تكون بغير إرادة وبيان أنها ليست بالقوى أنه ليس يجوز أن يسمى أحد شريرا بأنه يقدر على الشر ولا خيرا بأنه يقدر على الخير ولكن إنما يقال ذلك لمن ظهرت الشرية منه بالفعل وكذلك الخيرية قال وليس يطلق عليه ذلك بالفعل ولكن بأن يدوم ذلك الفعل منه على جهة واحدة فيعلم أنها صارت هيئة كالطبع بيان قوله بأرادة قال أبو الحسن وأما قوله بإرادة فليميزه من سائر الأحوال التي تكون بغير إرادة بيان قوله في توسط مضاف إلينا قال وإنما قلت في توسط مضاف إلينا لأن التوسط ليس هو واحد لجميعنا ولكن لكل واحد منا وسط على حياله وهو الذي لا يزيد ولا ينقص منه بيان قوله بالنطق قال وأما قولنا بالنطق فلأن المحمود هو ما كان بالنطق وأما ما كان بالتخيل الحسي فإنه رذل وخسيس وبهيمي في وسط الشيء بذاته قال وسط الشيء يذاته هو المتباعد من طرفيه باستواء وهو شيء واحد في الأشياء كلها لا كثير مثال ذلك أن نفرض بأن عدد العشرة كثير وعدد الإثنين قليل فتكون الستة متوسطة بينهما لأن زيادة الستة على الإثنين مثل زيادة العشرة على الستة في الوسط المضاف إلينا أنه ما هو على وجه آخر قال الوسط المضاف إلينا هو أن يكون على ما ينيغي وفي الوقت الذي ينبغي وعلى الوجه الذي ينبغي وبأشياء بكثرتها ولأشياء توجب ذلك بيان على وجه آخر في أن الوسط المضاف إلينا هو الفاضل قال الوسط المضاف إلينا هو الذي يكون على مقدار ما ينبغي لنا وذلك هو الموافق للصحة ولجودة الهيئة ولذلك كانت محمودة قال وما خالف هذا إلى زيادة أو نقصان فإنه يكون جالبا للمرض ومفسدا للهيئة قال ولذلك يكون مذموما لأنه يكون ضارا أو رديئا بيان أنه ليس في التوسط إفراط وأنه ليس في الإفراط توسط قال أرسطوطيلس إنه لما كان التوسط المضاف إلينا هو الذي يكون على مقدار ما ينبغي وفي الوقت الذي ينبغي وعلى الوجه الذي ينبغي لنا لم يجز أن يكون فيه إفراط قال وغير جائز لما قلنا أن يكون في الإفراط توسط ولذلك كان بعض الأخلاق رديئة كلها مثل الربى والظلم وصفاقة الوجه والحسد فإن هوية هذه كلها رديئة وكذلك هوية سائر الرذائل والعلة فيما يظن به من أن بعض الأطراف أقرب إلى الوسط قال أرسطوطيلس إنما يظن في بعض الأطراف أنه أقرب إلى الوسط لعلتين أحديهما طبيعة الشيء كالتقحم فإنه أشبه بالنجدة قال و العلة الثانية مأخوذة منا فإن الذي نحن إليه أميل يكون أشد مضادا للوسط مثل الشره فيكون على هذا الطرف الآخر أشبه بالوسط مثل كلال الشهوة والعلة في أنه لم صار الخطأ هينا والصواب عسرا قال أرسطوطيلس الخير عسر الثبات لأن الصواب واحد والخير محدود قال وذلك لأن الوسط لواحد واحد منا واحد وأما الخطأ فهين لأن تجاوز الغرض هين قال العلة أن ما جاوز الوسط كأنه لا نهاية له
في الرذيلة أنها ما هي
الرذيلة حال لازمة إلى زيادة على الوسط المضاف إلينا أو نقصان قال أرسطوطيلس الرذائل كلها إنما يثبت بالزيادة والنقصان قال وأما التوسط من الأفعال كلها ومن الأحوال فإنه محمود وأقول الرذيلة قد تكون بإرادة وبغير إرادة فللخور والضعف وللخطأ والجهل وذلك أن العاجز عن مقاومة الشهوة كاره للرذيلة وغير مريد لها وإن كان يأتي في الوقت ما يؤديه إلى الرذيلة قال أبو الحسن ومعنى قولي بإرادة باختيار وأما بإرادة فكالمقامر واللص فإن كل واحد من هذين يحترف بما لا يشك فيه بأنه رذل ويرغب فيه ويوثره ولكنه يفعل ذلك من أجل شيء آخر
في أن الفضائل والرذائل مكتسبة
قال أرسطوطيلس إن الفضائل ليست لنا بالطبع فإنها لو كانت كذلك كانت قائمة بالفعل كالبصر والسمع قال وكذلك الرذائل في هذا قال وأقول أيضا بأن الفضائل الرذايل ليست خارجة من الطبع لأنها لو كانت كذلك لم توجد فينا في وقت من الأوقات ولا في حال من الأحوال قال أبو الحسن فقد بان بما قلنا إنها مكتسبة لأنها قد وجدت فينا وليست لنا بالطبع أعني وليست قائمة فينا بالفعل
في أن الفضائل والرذائل ليست لنا بالطبع ولكنها فينا بالطبع
قال أبو الحسن قد تبين أنها ليست فينا بالطبع لأنها لو كانت كذلك كانت قائمة بالفعل قال أرسطوطيلس ونقول إنها فينا بالطبع قال وما هو هكذا فإنه يكون بالقوة أولا ثم يظهر بالفعل بسبب يخرجه اليه
كيف تكتسب الفضائل والرذائل
Shafi da ba'a sani ba
قال أبو الحسن السبيل في اكتسابها إخراجها من القوة إلى أن تحصل بالفعل قال أرسطوطيلس والسبيل في إخراجها من القوة إلى الفعل الأفعال قال وذلك أنا بالأفعال المحمودة نقتني الفضائل وبالأفعال الذميمة نقتني الرذائل وقال الأحوال إنما تقتنى بالأفعال والجيدة منها تكون بالجيدة والرديئة بالرديئة
الرذائل التي لا يمكن الإقلاع عنها مكتسبة هي أم غير مكتسبة
قال أرسطوطيلس الرذائل كلها مكتسبة وإن كان أصحابها لا يمكن الإقلاع عنها لأن البدو كان إليهم وهم الذين اكتسبوا الهيئات الرديئة كما أن الرامي بالحجر وبالسهم هو الفاعل للرمي وإن كان لا يمكنه من بعد إرسال السهم والحجر أن يرده إلى نفسه قال وإن الذي يتخبط في تدبيره حتى تجتمع في بدنه الأخلاط الرديئة الفاسدة هو الذي يمرض نفسه بإرادة وإن كان لا يشتهي المرض وكان لا يمكنه من بعد اجتماع الأخلاط فيه أن لا يمرض
كيف يعرف الفاضل والرذل
قال أريطوطيلس إنا إذا أردنا أن نعرف شيئا ما أي شيء هو فإنا إنما نعرفه بكيفيته وكيفيته حالته التي يوصف بها وكل شيء إنما يوصف بصفة ما هو منسوب إليه ومنه يشتق اسمه وصاحب الخير ينسب إلى الخير ويوصف به ومنه يشتق اسمه فيقال خير وكذلك الشرير
كيف تعرف الأحوال
قال أرسطوطيلس الدلائل على الأحوال هي الأفعال قال وأقول إذا كان الشيء فاضلا في نفسه فإن فعله يكون أيضا فاضلا كالعين فإنها إذا كانت جيدة كان بصرها أيضا جيدا
في وجه الدلالة
قال وإنما تدل إذا استمرت على جهة واحدة محمودة كانت أو مذمومة
القول في العفة
Shafi da ba'a sani ba
قال أرسطوطيلس العفة هي التوسط في شهوات البطن والفرج قال وأقول العفة لا تكون في جميع اللذات لكن في اللذات التي تكون باللمس قال وهذه إنما هي للمطاعم والمشارب والمناكح قال ويسمى ما كان إلى الزيادة على الوسط شرها وما كان إلى النقصان كلال الشهوة وبطلانها قال والعفة هي جودة الهيئة الشهوانية حتى تكون بحال أن تشتهي ما ينبغي وبقدر ما ينبغي وفي الوقت الذي ينبغي وعلى الوجه الذي ينبغي
في الفرق بين العفيف وبين الضابط
قال أبو الحسن قد قال بأن العفيف ه الذي لا يشتهي ما لا يكون موافقا للصحة ولجودة التدبير وأما الضابط فله شهوات رديئة ولمكنه يضبط نفسه عنها
في افرق بين المتأدب وذي الفضيلة الكاملة
قال أفلاطن من كانت نفسه مائلة إلى اللذات الضارة فامتنع منها وهاربة عنها الأحزان النافعة فأمسكها عليها فإنه متأدب وأما من كانت اللذة والأذى في نفسه من الإبتداء على ما يجب ثم ازداد بصيرة بالعقل والتجارب فذو فضيلة كاملة قال ونقول ذو الفضيلة الكاملة هو الذي لا يعرف الردى والشر من نفسه لكن من غيره
القول في الشره وفي لا ضابط
قال الشره هو في شهوات البطن والفرج قال وهو الذي يشتهي الزيادة على ما ينبغي أو في غير الوقت الذي ينبغي أو على غير الوجه الذي ينبغي قال والشره رديء الإختيار قال وهو لا عفيف قال وإن لا عفيف وهو الشره لا يعلم الأفضل والإختيار وعنده ما يفعل ولذاك لم يكن له ندامة وهو يشبه مدينة حشيت بسنن رديئة وأهلها متمسكون بها قال وأما لا ضابط فليس برديء الإختيار ولكنه رديء الفعل وذلك لأنه يعلم الأفضل ولكنه لا يصبر عليه ولذلك هو ذو ندامة قال وهو يشبه مدينة حشيت بسنن فاضلة غير أن أهلها لا يستعملون شيئا منها قال ولاضابط لا يرجى برؤه قال وقد قيل إذا غص بالماء فما الذي ينبغي أن يفعل قال ومن لا عقل له أفضل من الذي له عقل ولا يفعل ما يوجبه عليه عقله ولا ضابط ضربان أحدهما الذي لا يضبط نفسه على الإختيار وهو الذي يفعل ما يفعله من قبل أن يروي فيه فيعرف المختار والآخر الذي لا يضبط نفسه على المختار قال أرسطوطيلس والشره هو الفاجر لأنه الذي يكون في شهوات بطنه وفرجه على غير ما يجب وبخلاف ما تأمر به السنة قال وخيرات الشره هو الشرور وكذلك خيرات الجائز وقال أفلاطن مثل الشره مثل من غلب عليه سوء مزاج فهل من أجل ذلك يستطيب ما ليس بطيب قال أرسطوطيلس فإن الذي يفعل القبيح لشهوة ضعيفة أردأ من الذي يفعله لشهوة قوية قال أرسطوطيلس وإن من الناس ناسا يعنفون أنفسهم فإنه ينبغي أن يفعل ما يميل إليه أنفسهم وهو الأصلح حالا من جميع من لا يضبط نفسه قال ومن الناس ناس يثبتون على عزائمهم كيف كانت وليس ذلك بصواب بل الصواب أن يتركوا عزائم فيما غيره أفضل منه وأن يثبتوا على ما ينبغي أن يثبتوا عليه قال وأقول الضابط هو الذي يضبط نفسه عن مخالفة النطق وأما الآخر فإنما يضبط نفسه عن مخالفة هواه وقال الله ولا تجعلوا الله عرضة لإيمانكم ان تبروا وتتقوا وتصلحوا بين الناس وقال النبي صلى الله عليه من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها فليأت الذي هو خير وليكفر عن يمينه
القول في كلال الشهوة
قال كلال الشهوة هو أن تكون شهوات من هو كليل الشهوة في بطنه وفرجه إلى نقصان عما ينبغي للصحة أو بطلان وإنما يعرض هذا من فساد المزاج وعلاجه إنما يكون باستصلاح المزاج
بيان أن الشره مع هربه من الأذى غير متخلص منه وأن العفيف مع محبته للذة واصل إلى اللذة
Shafi da ba'a sani ba
قال أرسطوطيلس الذين يتعجبون اللذة ويتعقبون المضرة سخفاء قال والسخيف هو ضعيف الرأي قال والسخيف هو الذي ينقاد لكل ما يتشوق إليه قال وأما ذو اللب فإنه الذي يكون له الموذي والمحسن متقدما والضار واللذيذ متأخرا وقال بعضهم الهوى والطباع يدعوان إلى اتباع اللذة وإن كانت جالبة للأذى من بعد ومانعة من أضعاف تلك اللذة من بعد قال وأما العقل فإنه يشير بالنافع وإن كان محزنا لأنه الذي يعرف حال العواقب قال وإذا كان لا بد من احتمال الأذى فاحتماله مع سلامة البدن وصحته خير من احتماله مع مرض البدن وآفته
ترغيب في الصبر على المجاهدة
قال أرسطوطيلس لا يمنعك عصيانك نفسك من إدامة تأدبيها فإن إلحاحك عليها مع حبها للراحة سيحملها على طلب الراحة منك ببعض الطاعة ثم لا يلبث الذي ينتقض وإن كان كثيرا أن يصبر قليل
التماس الراحة بالراحة يذهب بالراحة ويورث النصب
وقال حكيم النفس الناطقة أقوى من النفس البهيمية ولن تغلب إلا أن تهين ذاتها وتستحذى وقال أرسطوطيلس التماس الراحة يذهب بالراحة
في الحض على العفة من قول سقراط
قال سقراط يا أسراء الشهوة فكوا أسركم بالحكمة وقال من ضبط بطنه انقادت له نفسه وقال حكيم الإسلام إنكم لن تنالوا ما تحبون إلا بترك ما تشتهون ولم تبلغوا ما تأملون إلا بالصبر على ما تكرهون قال أبو الحسن لن تبلغوا ما تأملون ولن تنالوا ما تحبون كالواحد ويكون معناه على ما قلنا إنكم لن تنالوا ما تحبون إلا بترك ما تشتهون وبالصبر على ما تكرهون
في الحض على العفة من قول سقراط
قال سقراط من أحب لنفسه الحياة أماتها فإن النفس الناطة إنما تحيى بموت النفس الشهوانية وقال من لم يقهر جسده فجسده قبر له وقال سقراط من أذنب بعد العلم فحقيق أن لا يغفر له وقال اللذة خناق من عسل نزل سقراط بلدا وبيئا فقيل له في ذلك فقال لأمتنع من الشهوات مخافة الوباء وقال غرض الحكيم من الأكل أن يحيى وغرض سائر الناس من الحياة أن يأكلوا رأى سقراط صيادا واقفا على امرأة حسناء فقال له لتنفعك صناعتك فإن هذه صيادة احذر أن لا تصيدك الذي يريد البرء من العلة ولا يمتنع من الأسباب المولدة للعلة سبيله سبيل من يريد الخروج من البحر وهو يدفع سفينته إلى البحر
في الحض على العفة من قول أفلاطن
Shafi da ba'a sani ba
قال أفلاطن إن الأجساد أضداد للأرواح وإنه لن يعمر هذه إلا ما أخرب هذه فأميتوا الميت منها لحياة الحي قال أفلاطن وإن الأكباد إذا جاعت صارت الأبدان أرواحا وإذا أشبعت صارت الأرواح أبدانا وقال اللذة أشد حلا للفضائل وأبلغ غسلا لها من كل بورق وأقلع للآثار الجميلة من ماء الرماد وقال اللذات تسكر النفس ولهذا لا تنجع العظة في الشره إلا بالتكرار الكثير على الرفق فإنه بمنزلة ما لا يسمع ولايعقل وقال الجنون أفضل من استعمال اللذات وقال الملك الأعظم ملك الإنسان شهوته وقال على حسب ما تنقض شهوات البدن تزيد شهوات المعرفة وقال إني هربت من الجماع كما يهرب العبد من مولى سيئ الملكة وقال أفلاطن حيث ترى بدنا سمينا فإن العقل يكون فيه ناقصا وفي بعض ما أنزله الله أنا لن نحيي نفسا حتى نميتها بإماتة شهواتها وقال الكندي من ملك نفسه أمن الأمن الأعظم ومن حاز ذلك ارتفع عنه الذم والهم
في الحض على العفة من أقاويل أهل الحكمة
قال حكيم العجب ممن يحب الحسنات بدعواه كيف يسعى إلى السيئات بفعله وقال فيثاغورس لا ينبغي أن يفعل قليل الشهوة ولا كثيرها فقيل ولم فقال لأن كثيرها تلف وقليلها دناءة وقال حكيم لشاب إن أردت أن تلتذ بكل شيء لم تلتذ بشيء وقال برقلس لا تعد نفسك من الناس ما دامت شهوتك تغلبك وما دام الغيظ يفسد رأيك وقال آخر الميل إلى الشهوات رأس الفضائح وقال الحر الغني من كف عن الشهوات ورضي من العيش بالأوقات واجتنب اللهو واللذات شر الصرعى صرعى الشهوات لأنها يخرج الحوت العظيم من البحر وينزل بالعقاب من الهواء رأى ذيوجانس امرأة حسناء تحمل نارا فقال خير قليل وشر كثير وحامل شر من المحمول قيل لحكيم إن فلانا يبغض النساء فقال عند القول أو عند الفراش وقال الإسكندر من أراد أن ينظر إلى عمل الله فليعف وقال أوميرس يا بني اقهر شهوتك فإن الفقير من انحط إلى شهواته ترك الذنب أيسر من طلب التوبة ليس العجب ممن انطفت عنه الشهوات وهو فاضل ولكنه العجب ممن الشهوات تجاذبه وهو فاضل وقال آخر إنا لم نخلق للذات والدليل على ذلك أن الحيوان أوفر نصيبا منا فيها اللئام أصبر أجسادا والكرام أصبر نفوسا وصبر النفس أن يكون للهوى تاركا وللمشقة فيما يرجو نفعه محتملا وقال إجالة الفكر في لذات البدن هو الذي يجر إلى الرذائل فليكن من أول أمرك قطع الفكر عنها وليس يمكنك ذلك إلا بقطع الحواس وبمنع اللسان عن ذكرها إذا أردت أن تعلم كيف ضبط الإنسان لشهوته فانظر كيف ضبطه لمنطقه
في الحرية
قال أرسطوطيلس الحرية توسط في أعطاء الأموال وأخذها وذلك بأن يأخذ على ما ينبغي وبمقدار ما ينبغي وعلى الوجه الذي ينبغي فأنه إذا كان الأعطاء للفضيلة لم يجز أن يأخذ إلا على الفضيلة قال ونقصان الأخذ عن العطاء حمق وزيادة الأخذ على العطاء نذالة والأخذ من حيث لا ينبغي وعلى الوجه الذي لا ينبغي نذالة وإن أعطي من ينبغي قال والحرية في العطاء أكثر لأن خواص الفضيلة في أن يفعل الحسن أكثر منه في أن لا يفعل القبيح قال وأيضا فأن الذي يأخذ على الوجه الذي ينبغي إنما يمدح بالعدالة قال وليست الحرية في كثرة العطاء لكن في أن يعطى بقدر الإقتناء ونقصان العطية عما يقتضيه مقدار القنية نذالة ولهذا قلنا بأنه ربما كان الذي يعطي أقل هو الجواد إذا كان من أعطي بمقدار القنية قال و الزيادة في العطاء على ما يقتضيه مقدار القنية حمق قال وكتب أرسطوطيلس إلى الإسكندر والملك حد السخاء أن يبذل ما يحتاج إليه المستحق بمقدار الطاقة قال وحد الطاقة للملك أن يبذل ما يحتمله بذله عند أقوى ما يكون أعداءه قال وليست الحرية في عطاء من أدرك لكن في عطاء من يستحق وإنه إذا أعطى من أدرك لم يبق عنده أن يعطي من يستحق قال والحر لا يمنع المستحق لأنه إنما يأخذ ويمسك ليعطي من يستحق قال وليس يهون على الحر قبول المعروف لأنه إنما يقبل للمعروف وقال سقراط من زجر سائلا فقد مل نعمة الله
في المتلاف
قال أرسطوطيلس المتلاف هو الذي يزيد عطاؤه على أخذه وبحق سموه متلافا لأنه إذا زاد في العطية ونقص من الأخذ لم يبق عنده ما يحتاج إليه فيؤديه ذلك إلى التلف والمتلاف يعطي من أدرك لا من ينبغي ولذلك كثيرا ما يعطي من يجب أن يكون فقيرا لا غنيا وأكثرما يعطي الذين يحتالون له بالسرور كالخداعين والمضحكين قال ونقول إن الذي لا ينظر لذاته ولا لمن يستحق شرير وقال أفلاطن عطاء من لا ينبغي أن يعطى هو كمنع من ينبغي أن يعطى سيان في الوزن والمعنى وأكثر من يكون متلافا الذي وجد المال من غير كسبه
في النذالة
قال أرسطوطيلس هو الذي ينقص عطاؤه ويزيد أخذه وهو الذي يمنع المستحق أو لا يعطي إذا أعطى بمقدار ما ينبغي وعلى الوجه الذي ينبغي قال وإنه يأخذ من حيث لا ينبغي وعلى غير الوجه الذي ينبغي ويأخذ ممن لا ينبغي وما لا ينبغي وذلك بأن يأخذ من الأنذال وأن يأخذ الأشياء الخسيسة قال والبخل لؤم الكبير وكل ضعيف يصير إلى البخل لأنه لا يهون عليهم الإكتساب وإنما يهون الإنفاق على من يهون عليه الإكتساب قال والنذل كشيء لا برء له فأما المتلاف فأنه ربما صار إلى الوسط أذا تأدب قال واللص وقاطع الطريق والذي نبش عن الأكفان كفار قال و القواد ومن يأخذ على جواريه ما لا يجوز أو على نفسه فاسق وخبيث
في أنه ليس يجوز أن يكون الحر غنيا
Shafi da ba'a sani ba
قال أفلاطن غير ممكن أن يكون أحد غنيا وفاضلا وذلك إنه ليس يجوز أن يجتمع المال إلا بأخذ ما لا يجب وبمنع ما يجب قال وكيف يجوز أن يكون غنيا من لا يأخذ بغير الحق ولا يمنع من الحق وكيف يسنغني من لم يدخر ولم يستبق وقال أرسطوطيلس غير ممكن أن يكون الحر غنيا وكيف يمكن أن يكون ذا مال من لا يحرص على الأخذ ولا يشح في العطاء ولهذا كان أكثر من استحق الغنا غير غني
في أن الغني شرير وخسيس وشقي
قال أفلاطن ونقول الغني ليس بسعيد ولكنه شرير وخسيس وشقي أما شرير فلأنه ليس يجوز أن يجتمع لأحد خيرات البدن وخيرات النفس مع المال قال والعلة في ذلك أن يصرف عنايته عن صلاح بدنه ونفسه إلى جمع المال قال ومن استكد بدنه بسبب المال خسيس ومن أهمل صلاح بدنه ونفسه جاهل والجاهل شرير وقال ثنون محبة المال قيد الشرور ولأن الشرور كلها معلقة به
في ان الحريص ليس يغني وإن كثر ماله
قال أرسطوطيلس الغنا في القناعة والقناعة الكفوف ومن طلب ما جاوز الكفاف فقد طلب المحال لأنه يطلب ما لا غاية له وقال أفلاطن من كانت همته في الجمع فإنه فقير وإن كثر ماله لأن حاجته لا تعف لحرصه وحاجة الشره أكثر من حاجة الفقير قال أرسطوطيلس وقد ظن قوم بأنه لا نهاية للمال وغلطوا فإن الذي يحتاج إليه لصلاح الحال ذو نهاية وإنما يقال إنه لا نهاية له لما جاوز الكفاف وقال ذيوجانس أنا أغنى من ملك الفرس لأن لي قليل يكفيني وله كثير لا يكفيه
في صفة الغنى
قال أرسطوطيلس الغنى في القناعة والقناعة الكفاف وحسن استعمال القنية وقال سقراط الغنى تعب محبوب لأن المال مخدوم وأما الفقر فإنه راحة ممقوتة وقال أفلاطن الغنى في الإستمتاع بالمال لا في اقتناء المال قال ومن اقتصر على القناعة تعجل السرور بالراحة وقد يفجعه بالحادثة وقيل لأفلاطن قدركم ينبغي أن يكون للرجل المال فقال قدركم ما لا يحتاج معه إلى أن يعامل النفاق والملق بسبب ما لا بد منه وقال محمد بن زكريا الغنى في الصناعة قال وينبغي للصانع أن يكتسب بمقدار النفقة وزيادة يسيرة لتكون عدة له للنوائب وقال صاحب المنطق خير المال ما يسبح معك إذا غرقت سفينتك سأل الإسكندر بعض الحكماء أن كيف يصنع الرجل حتى لا يحتاج فقال الحكيم إن كان غنيا فليقصد وإن كان فقيرا فليدمن العمل وقال آخر اعمل مدجانا ولا تبطل مكرا وقال الحكيم إنه ليس ينبغي للعاقل أن يعرض عن المقبل ولا أن يشيع المدبر
ذكر ما جاء من كلام أهل الحكمة
قال إن الجد لم يهب الأموال للأغنياء ولكنه أقرضهم إياها افتخر رجل على رجل بماله فقال ما افتخارك بشيء يعطيه البخت ويحفظه اللؤم ويهلكه السخاء وقال آخر تخليف المال للعدو خير من الحاجة إلى الصديق وقال أفلاطن من شكر على غير معروف فعاجلوه بالعطية فقد استعد للذم إن كان السؤال صعب على الطالب فإن الإعطاء على المطلوب أشد قال وهذا من جهة الظاهر وإلا فإن الذي يبذل الطالب أكثر لأن الجاه أكثر من المال وقال ابن المقفع السخاء سخاءان سخاوة الرجل بما في يد غيره قال وسخاوة نفسه بما في يد غيره أكرم وأشرف الفقر مع الفضيلة خير من الغنا مع الرذيلة
في الرفيع الهمة
Shafi da ba'a sani ba