القديس
زرت في حداثتي قديسا في صومعته الهادئة، القائمة بين التلال، وفيما كنا نبحث ماهية الفضيلة أطل عليها لص وهو يتعرج على الجانبين فوق الروابي، والتعب قد أعياه. وعندما وصل إلى الصومعة جثا على ركبتيه أمام القديس، وقال له: «أيها القديس الشفيق، قد جئتك طالبا تعزية؛ فإن آثامي قد تعالت فوق رأسي.»
فأجابه القديس قائلا: «يا بني، إن آثامي أنا أيضا قد تعالت فوق رأسي.»
فقال له اللص: «عفوك يا سيدي! فأنا سارق، وقاطع طريق، ويستحيل أن تكون مثلي.»
فأجابه القديس: «إنك واهم يا بني؛ فإنني بالحقيقة مثلك سارق وقاطع طريق.»
فقال له اللص: «ماذا تقول يا سيدي؟ فأنا قاتل، ودماء الكثيرين من الناس تصرخ في أذني.»
فأجابه القديس: «وأنا أيضا قاتل يا ابني، وفي أذني تصرخ دماء الكثيرين.»
فقال له اللص: «يا سيدي، أنا قد ارتكبت شرورا لا تحصى، وجرائم لا عداد لها، فكيف تساوي نفسك بي وأنت رجل الله البار؟»
فأجابه القديس وقال: «لو أنك عرفت كثرة شروري لما ذكرت شرورك.»
فانتصب اللص إذ ذاك وحدق إلى القديس طويلا، وملء عينيه دهشة وغرابة، ومضى من غير أن ينبس ببنت شفة.
Shafi da ba'a sani ba