93

Yaron da Yake Fuskar Wata

الصبي في وجه القمر: رحلة استكشاف أب لحياة ابنه المعاق

Nau'ikan

كانت إحدى خيالات الموت السرية أن أضع ووكر في حقيبة ظهر لحمل الأطفال أمتلكها، من ماركة سناجلي، وآخذه إلى أعلى جبال جنوب كندا في الشتاء، وهو أحد الأماكن المفضلة لدي على وجه الأرض، ونرقد عند منحدر جليدي، وهكذا تنتهي حياتنا هناك بهدوء بسبب الانخفاض الشديد في درجة حرارة الجسم. تصورت المغامرة بتفاصيلها الكاملة، وكيف أختار لحظة وجود جوانا في السينما وهايلي في المدرسة، وكيف أخرجه من المنزل ثم إلى المطار، مع كل أشيائه وكل أدوات التزلج. لكن لسوء الحظ، أخرج مجرد التفكير ذلك التخيل عن مساره؛ إذا نجحت في تنفيذ هذا الكابوس اللعين، والوصول إلى المطار ومعي ووكر وأدوات التزلج، فلن أدع أحدا يموت، ولا حاجة لي بقتل نفسي. لم يكن هذا بالضبط ما كان يعنيه نيتشه حين قال: إن التفكير في الانتحار ينقذ كثيرا من الأرواح، ولكنه يمكن أن يفعل في حالتي.

على أي حال، لم يكن باستطاعتي فعل ذلك؛ بسبب هايلي، وبسبب جوانا وبسببي، وبسبب ووكر أيضا؛ لأنهم كانوا يريدون مني أن أستمر معهم، ولأنهم كانوا يريدون قدوة حسنة؛ الأنشودة الأساسية لأب سليم الطوية.

من حين لآخر، كانت تطرأ على ذهني فكرة أكثر تطرفا: يمكنني أن أستغرق تماما في رعاية ووكر. كانت تستهويني هذه الفكرة بعض الشيء، وهو شعور محتوم خانق ومريح، وأعتقد أن كثيرا من الأمهات، ولا سيما الأمهات الوحيدات، تطرأ على أذهانهن تلك الفكرة؛ ليس هذا نوعا من التفاؤل أو التشاؤم، وإنما الاستسلام بكل بساطة. على الأقل بهذه الطريقة كان يمكنني تجنب الشعور بالاستياء من عمليات التبديل المخيفة الخاصة برعاية ووكر بيني وبين زوجتي، وكان سيصبح أحدنا مسئولا بالكامل عنه في نهاية الأمر؛ فرعاية ووكر كانت تستنزف كل جهد ووقت، لدرجة أنني طوال الوقت الذي لم أكن أرعاه فيه، كان علي أن أقوم بمهام حياتي الأخرى؛ كالنوم والعمل والمهام والأعمال الروتينية ودفع الضرائب والرد على المكالمات التليفونية، دع عنك الأمور الضرورية والطارئة المتعلقة برعايته. وبغض النظر عمن كان يتولى رعاية ووكر، فالشخص الآخر بحكم الاضطرار كان يقوم بالمهام الحياتية الأخرى؛ ولذا تشعر دائما كما لو أنك تقوم بهذا وحدك، وهذا يجعلك تشعر بالاستياء.

هل تعرف أي شيء عن هذا الأمر؟ كنت في تلك الليالي الصعبة أشك في أن أحدا كان يعرف بما يجري لنا أو يشعر بوطأة معاناتنا؛ تيقنت من أننا كنا بمفردنا. من الصعب توضيح شعورنا عند فشلنا في تعليم ووكر النوم أو الكلام أو الأكل أو التبول أو حتى النظر إلينا؛ هل يمكن أن تتخيل حجم هذا الفشل؟ أدرك أن هذا غير معقول، ولكننا شعرنا بالمسئولية عنه. أنت لا تستطيع التحكم في مشاعرك، في منتصف الليل في الشرفة الخلفية للمنزل الصغير القديم في وسط المدينة، والذي يسطع في فنائه الخلفي الضوء الأبيض الفلورسنتي القادم من مطبخ الأسرة الصينية التي تسكن في المنزل المجاور لنا مثل كشاف الإضاءة الغامرة في معسكر اعتقال، وفرانكنشتاين الصغير نفسه نائم في الدور الثالث، ذاك الدور الذي يشبه قمة إيفرست في الوصول إليه في بعض الليالي. مرت ليال كنت فيها في أشد حالات التعب، والإرهاق، والإنهاك، والضعف، والتي كنت أشرع فيها في الضحك بينما كنت أمشي بتثاقل عبر الردهة، وكنت أستمر في الضحك لعدة دقائق في المرة الواحدة، كأني شخص مجنون، وشعرت بأنني مثل كلب مدرب جيدا يدرك أنه لا يمكنه تعلم هذه المهارة الجديدة الأخيرة. يا إلهي! أنا متعب تماما: أتذكر جيدا رفع رجلي بيدي اليسرى، الواحدة تلو الأخرى، كما لو أنهما قطعتا خشب كبيرتان، جذلا شجرة ثقيلان، وأنا أصعد السلم، وأستند إلى الدرابزين بيدي اليمنى من أجل الحصول على القوة. أتذكر ما كنت أفكر فيه حينها: «لم أعد أستطيع القيام بهذا أكثر من ذلك.» كان عمري حينئذ 44 سنة.

في إحدى الأمسيات كنت منهكا جدا لدرجة أني سقطت من على درج السلم وووكر بين ذراعي؛ حيث انزلق كعبي من على حافة درجة من درج السلم، فوقعت على ظهري، حينها تملك مني الخوف على ووكر وجعلني أحبس أنفاسي، وعندئذ أحطته بقوة بذراعي وجعلت من نفسي مزلجة، وانطلقنا لأسفل وهو على صدري، حتى اصطدمنا بشيء في نهاية السلم. ضحك وأحب ذلك، وأنا كذلك. كان مصدرا للمتاعب، وكثيرا ما كان المخرج منها أيضا. ***

بعد ثلاثة أيام ونصف، غادرت لآرش وعادت الحياة لروتينها المعتاد هناك، فللحياة اليومية هناك إيقاع منتظم وتوجه محدد، مهما بدا غير تقليدي. كان أمامي وقت كبير للتفكير.

ذهبت إلى فرنسا؛ لأنني كنت أريد أن أعرف إن كانت هناك وسيلة معقولة ومريحة لجعل ووكر يحيا في هذا العالم، لأرى بنفسي إن كان من الممكن ليس فقط إيجاد بيت يأويه بعد مماتي، أو حل خاص لحاجاته، ولكن أيضا إيجاد مجتمع وأسرة يمكن أن يعتبر نفسه جزءا منهما، أو حتى وسيلة للتحرر والاستقلال عنا. وهذه هي الفكرة الأكثر تطرفا.

وإذا كان مثل هذا المجتمع ممكنا، فكيف كان يمكن تبرير التكلفة؟ لم تكن العاطفة سببا كافيا تاريخيا . وهل يمكن لوجود مثل هذا النوع من المجتمع أن يوفر أيضا فائدة ملموسة وكبيرة لنا جميعا - نحن غير المعاقين؟ أردت معرفة إن كانت لحياة ووكر قيمة، واتضح لي أن لها قيمة بالفعل، وأكد فانيه ذلك.

سبق «جيل لو كاردينال» خطوة للأمام في هذا الشأن، وأثبت ذلك بالأدلة. ***

يعمل لو كاردينال أستاذا متفرغا لدراسات الاتصالات والمعلومات في جامعة كومبين للتكنولوجيا، وقد ألف العديد من كتب الإدارة القيمة في فرنسا، بيد أنه بدأ حياته المهنية مهندس كمبيوتر في الذكاء الاصطناعي، يصمم برامج روبوتية خاصة باتخاذ القرار لصناعة التنقيب عن النفط. وكل يوم أربعاء، كان يصطحب زوجته إلى الغداء في أحد مقرات لآرش في كومبين حيث كانت تعمل.

Shafi da ba'a sani ba