Yaron da Yake Fuskar Wata
الصبي في وجه القمر: رحلة استكشاف أب لحياة ابنه المعاق
Nau'ikan
قالت ناتالي: «هذا هو بيتي الأول، وأسرتي الأولى.» فقد بدأت حياتها المهنية معلمة في المدارس الحكومية، ولكن العمل في مؤسسة لآرش غيرها، وهي تعمل هناك منذ أحد عشر عاما. قالت: «أول مرة أعمل مع المعاقين كانت أول مرة أشعر فيها بالارتياح الداخلي.» واندهشت عندما سمعتها تقول ذلك؛ فهي جذابة، واجتماعية، ومتحدثة لبقة، ولديها ثقة بالنفس. «كنت خجولة، ولكن معهم فأنا القائدة، أتخلص من خجلي وأصبح أكثر ثقة بنفسي.» كانت تعتقد بأن هناك جانبا من عملها مرتبطا بالدين، قد منحها فرصة «لكي أتعرف على الرب في حياتي، وفي حياة الآخرين. وأذكر ذلك أيضا.» ولكن الدين أمر شخصي، ولم تكن تريد أن تفرضه على أحد. قالت: «يتمثل أكبر تحد لي في أن أكون مع الناس غير المعاقين، ويصعب علي أكثر أن أتقبلهم، والأمر أيسر مع إيزابيل. حين تقوم إيزابيل أو جيمي بأشياء غريبة، أقول في نفسي: أوه، هذا لأن لديهما إعاقة. ولكني لا ألتمس هذا العذر للأشخاص الطبيعيين الذين ليس لديهم إعاقات، حين يقومون بأشياء غريبة.»
قال جان لوي مشيرا برأسه لجيمي: «الناس الذين يقومون بأشياء غريبة؟ هل تقصدين هذا الشاب الجالس هناك؟» «في بعض الأيام نعم، وفي أيام أخرى لا.» كانت هذه مزحة. «أنت تعلم، يا جيمي، أن جان لوي يعرف أم إيزابيل.»
يرد جيمي: «لا تعرف إيزابيل ذلك.» «لا، لكنك تعرف ذلك.» «أجل.»
قالت ناتالي: «مممممم.»
إيزابيل، الساكنة في نهاية الطاولة، كانت تسطع مثل النجم الوديع، تراقب ما يقال، ولم يكن لديها سوى طريقتين من طرق التواصل؛ فقد كانت تحرك عينيها لأعلى، للدلالة على الموافقة، ولأسفل للدلالة على الرفض، وأحيانا كانت تخلط بين الاثنتين، بهدف مداعبة الآخرين. كانت هذه من المداعبات القليلة التي كانت تستطيع أداءها، وقد نجحت في أدائها. كانت مسمرة في الكرسي المتحرك مثل العينات التي يجمعها عالم الحشرات، ولكنها مثل الفراشة كانت جميلة. أخبرتني سيجولين، الراهبة الزائرة، بأن رعاية إيزابيل وإلباسها وتحميمها ومصاحبتها، جعلها تدرك كم هي تحبها. إن سيجولين المثابرة ذات الشعر الأسود والتي كانت في أوائل الثلاثينيات من عمرها راهبة في أخوية القدس في باريس. وقد جعلها التعامل مع إيزابيل في مؤسسة لآرش تسأل نفسها عما إذا كانت تريد العودة إلى الأخوية، وفيما إذا كانت تستغل وقتها على نحو جيد في هذا العالم. قالت : «أحيانا عندما أرى إيزابيل، تتولد لدي رغبة في رعايتها وحبها، وأريد أن أفعل ذلك من أجلها؛ لأن هذا لا يجدي نفعا إذا فعلته لأي سبب آخر، ولكن تدعوني عقيدتي لأن أقوم بهذا من أجل المسيح. ولا أريد أن أحب إيزابيل من أجل المسيح.» ولقد هزت إيزابيل إيمان سيجولين وما تراه مهما، ولقد تركت سيجولين العمل المعتاد في الكنيسة لكي تنضم إلى العالم الخارجي بسبب شابة لا تستطيع الحركة أو الكلام.
وأضافت: «كانت هذه أول مرة أقابل فيها شخصا مصابا بإعاقة في مصحة نفسية، وكان هذا الشخص ضعيفا ورقيقا جدا، ومما أدهشني أنه استدعى ما بداخلي من حنان، خرج مني بسبب هذا الشخص. أرى أن هذا الحنان، الذي كان هائلا جدا، يخرج من شيء أكبر مني. هذا ما جعلني أبقى هنا، تلك اللحظة، ذلك الحنان. فإيزابيل في حاجة إليه، ولهذا السبب هي هنا. هي التي علمتني الفرق بيننا نحن الذين نستطيع الاختيار وبين الشخص الذي لا يستطيع أن يختار. وأعتقد أنها بالنسبة إلي قديسة حقا. وتعلمنا إيزابيل أن نكون أنفسنا؛ لأن إيزابيل نفسها تفعل ذلك، وهي منسجمة مع ذلك.»
بوصفي صحفيا، أقضي معظم حياتي في الحديث إلى الناس الذين يحاولون جذب انتباهي، ونادرا ما يكون هناك أشخاص يستحقون هذا، وفي تلك اللحظات، يحيط بالحوار سكون، وليس لدي أي رغبة في أن أكون في مكان آخر، حيث أكون في صحبة الشخص الذي أتحدث معه. والشيء الملحوظ بشأن هذه الدار في فيردان هو السكينة التي حلت علي كثيرا في أمسية واحدة، ولمدة طويلة لم أكن أرغب في الانصراف.
ولكن في النهاية اضطررنا إلى ذلك، وودعناهم أنا وجان لوي. كان الجليد يتساقط في الخارج في شوارع فيردان، ماحيا ما قام به الناس من أعمال إزالة للجليد في النهار. لم أستطع نسيان ما قالته سيجولين، وظللت أفكر: هل كان من الممكن أن يكون ووكر بمنزلة إيزابيل بالنسبة إلى شخص آخر؟ وهل يمكن أن يكون بمنزلة إيزابيل بالنسبة إلي؟ لا يمكن لووكر أن يكون غير ووكر ، فليس له خيار. فلو كان في مقدوري أن أجعله يتصرف على طبيعته، وأتخلص من فكرة أن أجعله كما يفترض أن يكون، لربما فعلت الشيء نفسه.
كانت هذه أفكار شاردة في ليل يتساقط فيه الجليد. ***
بعد ستة أسابيع، في كويز-لا-موت، وهي قرية تبعد تسعين كيلومترا شمال شرق باريس، رأيت تصورا أدق لمستقبل محتمل لووكر.
Shafi da ba'a sani ba