مصابة ببرد. ارتفع صوت أخي ساخطا، ثم سكت، وسمعت صوت باب يفتح ثم يغلق، وساد الصمت تماما. بقيت واقفا أحدق في الظلام، ثم أغلقت باب حجرتي في هدوء وعدت إلى الفراش. تناولت السيجارة التي كانت قد أوشكت على الانطفاء واختفت جذوتها، فأخذت منها نفسين سريعين أعادا إلى الجذوة توهجها. دخنت حتى انتهت السيجارة فضغطتها في المطفأة، وبعد قليل سمعت بابا يفتح، وأضيء نور الحمام، وسمعت صوت انسياب المياه في الحوض، ثم صوت قدمي أخي في الطريق إلى حجرته. انطفأ نور الحمام بعد قليل، وسمعت صوت بابه يغلق في رفق، وتبعه باب حجرة زوجة أخي بعد لحظة. قمت إلى النافذة فأغلقتها وعدت إلى الفراش، فبسطت الملاءة ودخلت تحتها ونمت، واستيقظت في الصباح على صوت الخادمة وهي تغسل الأطباق في المطبخ. اغتسلت وارتديت ملابسي وخرجت إلى الجريدة. اشتريت قطعة بسكوت أكلتها وأنا أصعد السلم إلى مكتبي. وشربت فنجانا من القهوة. حركت التليفون بحيث أصبح أمامي مباشرة. أشعلت سيجارة وتناولت الصحف.
دق جرس التليفون فرفعت السماعة. قالت زوجة أخي: لماذا لم تتصل بي حتى الآن؟ قلت: كنت مشغولا. سكتت لحظة، ثم قالت: ماذا بك؟ قلت: لا شيء. قالت: لماذا تكلمني هكذا؟ قلت إني مشغول الآن وسأتركها. قالت: أنت وقح! ووضعت السماعة في شدة. أعدت سماعتي أنا الآخر. دق الجرس من جديد ورفعت السماعة، وعندما تبينت صوتها أعدتها إلى مكانها في عنف. أتممت قراءة الصحف وأشعلت سيجارة جديدة، ثم غادرت مكتبي إلى الطريق. مشيت إلى شارع
محمد فريد
حيث تعمل دور السينما طول اليوم. اخترت واحدة بها فيلمين؛ أحدهما اسمه «الكابتن
فراكاس »، والثاني اسمه «
ماشيست
والشيطان». وخرجت من السينما بصداع، فاشتريت أسبرين وعدت إلى الجريدة فأخذت قرصين وشربت فنجانا من القهوة، وبدأت أعمل. وجاء
مصطفى
وقال إن زوجة أخي سألت عني مرتين، فقلت إني سأتصل بها واستأنفت العمل. دق جرس التليفون وكانت هي. قالت بهدوء شديد: أريد أن أراك الآن. قلت: عندي عمل. قالت: تعال خمس دقائق وسأعطيك أجرة التاكسي. ترددت لحظة، ثم وافقت. غادرت الجريدة وأخذت تاكسيا إلى
مصر الجديدة
Shafi da ba'a sani ba