Rum
الروم: في سياستهم، وحضارتهم، ودينهم، وثقافتهم، وصلاتهم بالعرب
Nau'ikan
ووقع الخلاف بين ثيودوسيوس الثاني وزوجته إفذوكية فعادت شقيقته بلشيرية إلى القصر، وطرد خريسافيوس الخصي من القصر ثم أعدم، وكان البطريرك فلابيانوس قد نفي وتوفي في منفاه، فحصل عنه الرضى، ونقلت جثته إلى القسطنطينية - بكل إكرام - وسقط ثيودوسيوس عن جواده وتوفي في السنة 450 وخلفه مرقيانوس، وكتب بابا رومة وبطريركها لاوون الكبير إلى مرقيانوس بوجوب عقد مجمع مسكوني جديد، فوافق مرقيانوس وأمر بذلك فاجتمع الأساقفة في مدينة نيقية في السنة 451، ومرض بعضهم واضطر للمعالجة، ولم يستطع مرقيانوس نفسه أن يبارح العاصمة، فأمر بنقل المجمع إلى خلقيدونية في جوار من القسطنطينية.
وعقد المجمع جلسته الأولى في الثامن من تشرين الأول سنة 451 في كنيسة القديسة إفيمية في خلقيدونية، وقد اشترك في أعماله 630 أسقفا بينهم نواب رومة أسقفان وقسان والبطريرك القسطنطيني أناطوليوس والبطريرك الإسكندري ديوسقوروس والبطريرك الأنطاكي مكسيموس وأسقف أوروشليم يوبيناليوس، ووضع الإنجيل في منتصف حلقة المجمع، وتصدر وجهاء الدولة وأعيانها، وفي هذه الجلسة الأولى أقر المجمع أن كل ما قد جرى في إفسس إنما كان جبرا وظلما وأن ديوسقوروس ومن ذهب مذهبه مستحق القطع، وفي الجلسة الثانية تليت رسالة كيرلس البطريرك الإسكندري إلى نسطوريوس ورسالة البابا إلى فلابيانوس بطريرك القسطنطينية.
وفي الجلسة الثالثة قرأ رئيس وفد رومة الأسف باسكاسينوس
نص الحرم الذي كان قد أصدره البابا ضد ديوسقوروس، فوافق عليه المجمع، وفي الجلستين الرابعة والخامسة دار البحث حول العقيدة، وبعد جدال طويل وافق المجمع على النص التالي: «إننا نعلم جميعنا تعليما واحدا تابعين الآباء القديسين، ونعترف بابن واحد، هو نفسه ربنا يسوع المسيح، وهو نفسه كامل بحسب الناسوت، إله حقيقي وإنسان حقيقي، وهو نفسه من نفس واحدة وجسد مساو للآب في جوهر اللاهوت، وهو نفسه مساو لنا في جوهر الناسوت، مماثل لنا في كل شيء ما عدا الخطيئة، مولود من الآب قبل الدهور بحسب اللاهوت، وهو نفسه في آخر الأيام مولود من مريم العذراء والدة الإله بحسب الناسوت لأجلنا ولأجل خلاصنا، ومعروف هو نفسه مسيحا وابنا وربا ووحيدا واحدا بطبيعتين بلا اختلاط ولا تغيير ولا انقسام ولا انفصال، من غير أن ينفى فرق الطبائع بسبب الاتحاد بل إن خاصة كل واحدة من الطبيعتين ما زالت محفوظة، تؤلفان كلتاهما شخصا واحدا وأقنوما واحدا لا مقسوما ولا مجزءا إلى شخصين، بل هو ابن ووحيد واحد، هو نفسه الله الكلمة الرب يسوع المسيح كما تنبأ عنه الأنبياء منذ البدء، وكما علمنا الرب يسوع المسيح نفسه وكما سلمنا دستور الآباء.»
وفي هذا المجمع نفسه رفع أسقف صور المتروبوليت فوتيوس شكوى على أسقف بيروت المتروبوليت افسطاثيوس الذي كان من أنصار ديوسقوروس، مفاد هذه الشكوى أنه بعدما أقدم ثيودوسيوس على ترقية افسطاثيوس من أسقف خاضع لمتروبوليت صور إلى رتبة متروبوليت مستقل، قد وهب بطريرك القسطنطينية أناطوليوس لافسطاثيوس هذا أسقفيات بيبلوس «جبيل» وبوتريس «البترون» وطرابلس وأورثوسياس وعكار واندارادوس وجميعها أسقفيات خاضعة لمتروبوليت صور، فلام المجمع البطريرك القسطنطيني على هذا التعدي، وحكم بإعادة تلك الأسقفيات إلى متروبوليت صور.
وفي الجلسة السادسة حضر مرقيانوس، وخطب محرضا على السلام واستقامة الرأي، ثم تلي التحديد فأمضاه الآباء وصدقه الإمبراطور، وفي الجلسة السابعة سلخت فلسطين الأولى والثانية والثالثة عن أنطاكية وضمت إلى أوروشليم، وتصالح البطريركان الأنطاكي والأوروشليمي وأعيدت فينيقية وبلاد العرب إلى البطريركية الأنطاكية، وعرف أسقف أوروشليم بطريركا لأول مرة، وفي الجلسة الخامسة عشرة سن المجمع ثلاثين قانونا وقررت رتب الأسقفيات الرئيسة ومن يقدم ويؤخر من البطاركة، وأثبت في قوانين المجمع أن تكون لأسقف القسطنطينية «رومة الجديدة» المنزلة نفسها التي لأسقف رومة القديمة، ولكن نواب البابا اعترضوا على هذا القرار وأظهروا عدم الرضا.
الباب الرابع
تطور النظم وتمشرق الفكر والفن والدولة
الفصل التاسع
أباطرة النصف الثاني من القرن الخامس
Shafi da ba'a sani ba