Rum
الروم: في سياستهم، وحضارتهم، ودينهم، وثقافتهم، وصلاتهم بالعرب
Nau'ikan
ولم يهمل خلفاء يوستنيانوس الغرب وواجبهم تلقاءه؛ ففي عهدهم كانت حملة بادواريوس على إيطالية في السنة 574-575، وانتصارات جناديوس في أفريقية في السنة 578، وفي عهدهم (عهد طيباريوس خاصة) جرى بذر أموال كثيرة في الأوساط اللومباردية العالية في السنتين 577 و579. وتم أيضا استدراج الإفرنج إلى غزو إيطالية لمصلحة الإمبراطورية، وإن ننس فلا ننس ظهور نظام الإكسرخوسية في إيطالية وأفريقيا لتقوية الدفاع عن هاتين الولايتين.
الحرب الفارسية (572-591)
وكانت قد قضت معاهدة السنة 561 على الروم بدفع مال جزية للفرس عن سبع سنوات تسبيقا، وقد دفع هذا المال في حينه، فلم يكن من موجب، إذن، لبدء الحرب قبل السنة 569، على أن هذا لم يمسك يوستينوس الثاني عن الاستعداد للحرب في حقلي السياسة والتنظيم. وهكذا نراه في السنة 568 يستقبل وفدا مفاوضا من أواسط آسية مما وراء فارس، فيكرمه ويصغي إليه، ويثبت بواسطته علاقات ودية مع أعداء فارس في الشرق، وكان هذا الوفد المفاوض، من قبل الخاقان إستامي، خاقان الأتراك الذين سبق لهم أن قضوا على الهون البيض في ما وراء فارس، قد أم القسطنطينية في السنة 568 ليحالف الروم ضد الفرس، وليعرض استعداد الأتراك للقيام بنقل الحرير الصيني من حدود الصين إلى مياه البحر الأسود مباشرة، دون المرور بفارس.
وفي السنة 570 نرى يوستينوس يتدخل في أمور أرمينية الفارسية وفي مشاكل إيبيرية، فيرد عليه كسرى في السنة 571 بتدخل مماثل في حمير في جنوبي الجزيرة العربية محرضا أبناء هذه المنطقة على التحرر من نير النجاشي صديق يوستينوس وحليفه، وفي السنة 572 ثار الأرمن على الفرس وقتلوا المرزبان، والتجأ زعماء الثورة إلى القسطنطينية فقوبلوا فيها بحفاوة وحرارة، وجاء وفد فارسي يطالب بالجزية المالية وكانت قد استحقت مجددا، فرفض يوستينوس دفعها وأكد لأعضاء الوفد أنه لن يرضى أبدا عن اضطهاد الأرمن أبناء ملته المسيحيين، فوجه إليه كسرى إنذارا بوجوب الدفع، فقابله يوستينوس بإعلان الحرب.
وحالف النصر الفرس في بادئ الأمر؛ ذلك أن الروم هجموا بمعظم قواتهم على أرمينية الفارسية تاركين حدودهم في سورية وليس عليها، إلا قوة صغيرة من الجيش يدعمها حلفاؤهم الغساسنة ومن شد أزرهم من القبائل العربية المتاخمة، على أن هذه القبائل خانت والتوت، فعبر الفرس الفرات واكتسحوا الموقف وحاصروا دارا «حصن الإمبراطورية الحصين»، فسقطت في أيديهم، وأدى خبر سقوطها إلى انهيار عقل الإمبراطور، ففاوضت زوجته صوفية لهدنة في مطلع السنة 574 تدوم عاما، ودفعت في هذا السبيل غرامة حربية كبيرة.
وعند انتهاء الهدنة في السنة 575 قام كسرى - بجيش عظيم وعدد كبير من الفيلة - إلى أرمينية، فحاصر ثيودوسيوبوليس «أرضروم» وهاجم أماسية، ثم دخل قبدوقية وأحرق سبسطية «سيواس»، غير أنه ما لبث أن فوجئ بقوة كبيرة من الروم بقيادة يوستنيانوس بن جرمانوس أكرهته على التراجع بعد موقعة كبيرة دارت رحاها في ضواحي ملاطية، وهلك فيها كثيرون من الفرس، ففاوض كسرى في الصلح، ثم عاد فعدل عن المفاوضة بعد انتصارين صغيرين، فعاد الروم إلى الحرب بقيادة موريقيوس في السنة 578، وقاموا بهجوم خاطف باتجاه أرزنين بين بتلس وبين الدجلة وبلغوا إلى الدجلة.
وتوفي كسرى في السنة 579، فعاد الطرفان إلى المفاوضة، ولكن هرمز الرابع ابن كسرى أساء استقبال الوفد الرومي فاستؤنف القتال، وزحف موريقيوس في السنة 580 يحاول قطع الفرات عند قرقيسية قاصدا طيسفون عاصمة الفرس، إلا إنه ارتد على أعقابه بسبب مناورة ناجحة قام بها الفرس في ما بين النهرين، وبسبب معاكسات لقيها من المنذر الغساني - كما سيجيء في حينه.
على أن موريقيوس عاد في السنة 582، فانتصر انتصارا كبيرا عند قسطنطينة تبعته انتصارات، وفي السنة 586 استطاع قائد الروم فيلبيقوس أن يضرب الفرس ضربة قاسية في سولاخان في أرمينية.
8
ورغب الأتراك في استغلال هذا الظرف وأوجبوا زيادة باهظة في الإتاوة السنوية التي كان يدفعها الفرس لهم، فغضب هرمز وأخذه الألم ورفض أن يدفع الزيادة المفروضة، فقام خاقان الأتراك من دلخ عاصمته بعشائره وجموعه وقصد فارس غازيا، فأنفذ هرمز بهرام بوشين
Shafi da ba'a sani ba