Ruhin Juyin Juya Hali
روح الثورات والثورة الفرنسية
Nau'ikan
واليعاقبة هم الذين قاموا بالحكم حتى أواخر عهد الديركتوار، وقد كانت غايتهم، في نهاية الأمر، أن يحافظوا - مع السلطة - على ما جمعوه من المال عن طريق النهب وسفك الدماء، والذي جعلهم يفاوضون ناپليون على إسقاط مجلس النواب هو إقراره إياهم على تلك الغاية التي لم يعترف لويس الثامن عشر لهم بها.
ولكن كيف استطاعت حكومة شديدة الاستبداد ثقيلة الوطأة، مثل تلك الحكومة، أن تبقى سنين كثيرة؟ لم يتم لها هذا البقاء بتأثير الديانة الثورية في النفوس وإلزام الناس ذلك الحكم ظلما وعدوانا فقط، بل تم لها البقاء أيضا لانتفاع جزء غير يسير من الشعب بذلك الاستمرار، فبعد أن جردت تلك الثورة الملك والأشراف والإكليروس من سلطتهم منحت أبناء الطبقة الوسطى والفلاحين ما كانت الطبقات الممتازة السابقة مستولية عليه من الوظائف والأموال، وجعلتهم بذلك من أعظم أنصارها، وصار هؤلاء يخشون استرجاعها منهم إذا أعيدت الملكية.
لهذه الأسباب استطاعت تلك الحكومة أن تدوم إلى أن ظهر قائد قادر على إرجاع النظام وعدها بإقرار ما نشأ عن الثورة الفرنسية من المكاسب الأدبية والمادية.
استقبل بوناپارت الذي حقق هذه الأماني بحماسة، وأقر تلك المكاسب المادية والأدبية في نظم وقوانين، ولذلك أخطأ من قال إن الثورة الفرنسية انتهت بارتقاء بوناپارت، فهو لم يقض عيها، بل وطد أمرها.
الفصل الثاني
إعادة النظام - الجمهورية القنصلية
(1) كيف أقرت القنصلية أمر الثورة الفرنسية
أثبت لنا تاريخ القنصلية أن عمل الفرد القوي أفضل من عمل الجماعات، فقد أحل بوناپارت النظام محل الفوضى الدامية التي سادت الجمهورية منذ عشر سنين، وأنجز وحده في وقت قصير ما لم تستطع إنجازه مجالس الثورة الفرنسية الأربعة مع ما أتت به من استبداد واضطهاد.
ولم يلبث بوناپارت أن قضى بعزمه على الفتن الباريسية وعلى كل تدبير يؤدي إلى إعادة الملكية، فأعاد إلى فرنسة التي فرقتها الأحقاد والضغائن وحدتها الأدبية، وأقام استبدادا فرديا منظما مقام استبداد الجماعات المشوش، وكانت وطأة هذا الاستبداد الفردي أخف من وطأة الاستبداد السابق؛ فربح الناس من ذلك، واستوجب عطفهم.
ولا نجاري المؤرخين السابقين في القول إن بوناپارت قوض أركان الجمهورية، فقد أبقى بوناپارت منها ما يمكن بقاؤه، وقرر في الأنظمة والقوانين أهم المبادئ الثورية كإلغاء الامتيازات والمساواة أمام القانون.
Shafi da ba'a sani ba