11

رسم الأهداف

رسم الأهداف

Nau'ikan

قال:" ولا النّاس يحبونه لخالاتهم". قال: فوضع يده عليه وقال:" اللهم اغفر ذنبه، وطهر قلبه وحصن فرجه". فلم يكن بعد ذلك الفتى يلتفت إلى شيء " (١). فعالجه النبيّ ﷺ بواقعية تامة، وجعله يقيس الحكم على نفسه، فقال (أترضاه لأمك ..) فالمقياس واقعي، لذا جعل الشاب ينأى بنفسه عن هذا العمل القبيح. أما إذا كان الحل (الهدف) خياليًا متقاطعًا مع الفطرة الإنسانية فإنه سيفشل حتمًا، لذا فشلت الكنيسة في تحقيق هدف (الرهبنة)، وكلنا سمع ويسمع وسيسمع بالشذوذ الجنسي والاغتصاب من قبل كثير من المترهبنين في كنائس الغرب والشرق، نسأل الله العافية. فالمشكلة أنهم خالفوا الفطرة ونقضوا المنطق وعارضوا الواقع، فالانسان مجبول بالفطرة على الميل إلى المرأة والأسرة والأولاد، وقد زُين ذلك لهم، قال تعالى: ﴿زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ﴾ آل عمران١٤ لذا فالنبيّ ﷺ حث على الزواج وشجع الشاب على الانجاب، ورفض كل مظاهر الرهبنة؛ لأنها لا تمت إلى الحياة بصلة، وديننا هو دين الحياتين الدنيا والأخرة، ولهذا عنف النبيّ ﷺ أولائك النفر الذي استقلوا عمل النبيّ ﷺ وأرادوا الانحياز عن الفطرة، فأخرج مسلم وغيره من حديث أنس ﵁ أنّ نفرًا من أصحاب النبيّ ﷺ، سألوا أزواج النبيّ ﷺ عن عمله في السر؟ فقال بعضهم: لا أتزوج النساء، وقال بعضهم: لا آكل اللحم، وقال بعضهم: لا أنام على فراش، وقال بعضهم: أصوم ولا أفطر، فقام ﷺ فحمد الله، وأثنى عليه، ثم قال:" ما بال أقوام قالوا كذا وكذا، لكني أصلي وأنام، وأصوم وأفطر، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني" (٢). رابعًا: أنْ يكون الهدف محددًا بوقت معين: الأهداف الناجحة هي التي تحمل خطة زمنية محددة، لها نقطة انطلاق ونقطة انتهاء. وكل هدف ليس له زمن محدد يكون عشوائيًا غير منضبط، فمثلًا: من أراد حفظ كتاب الله تعالى فلابد أن يضع لنفسه خطة زمنية مرسومة يومية وأسبوعية وشهرية، وهكذا كل مشروع لابد له من خطة زمنية ليحقق هدفه. ومن يتأمل في سيرة النبيّ ﷺ يلمس ذلك بوضوح، فمنه: قوله ﷺ:"لا هجرة بعد الفتح، ولكن جهاد ونية وإذا استنفرتم فانفروا " (٣).

(١) أخرجه أحمد ٥/ ٢٥٦ باسناد صحيح. (٢) أخرجه مسلم ٤/ ١٢٩ (٣٣٨٤)،وغيره. (٣) أخرجه أحمد ١/ ٣٥٥، من حديث ابن عباس ﵁ باسناد صحيح.

1 / 11