أي إننا نخطئ إذا تصورنا أن روميو يقول ذلك فقط من باب التفكه، أو أن شيكسبير يقدم لنا هذه «المائدة» الحافلة بالمتناقضات لمجرد ولوعه بالطباق في أوائل حياته الشعرية، وقد نضل إذا نحن صدقنا مركوشيو الذي يصفه فيما بعد بأنه «يعشق القصائد التي تسيل من قلم بترارك.» (ف2، م4، 34-35) أي إنه مثل كتاب السوناتا يقول ذلك كله من باب الانصياع للتقاليد الأدبية وحسب، فالواقع أن شيكسبير يستخدم هذه «النغمة» الهازلة ليقدم لنا الموضوع الجاد الرئيسي في المسرحية وهو الانقلاب من الشر إلى الخير (موت العاشقين، السلام) بعد انقلاب الخير إلى الشر (الحب، مقتل مركوشيو وتيبالت) وهو يغير «النغمة» عامدا حين يقدم لنا القسيس - رجل الدين المهيب - ليعظنا بحكمته التي لا بد أن نفترض جديتها:
لا يحيا فوق الأرض خبيث مهما بلغ من الشر
إلا ويفيد الأرض ببعض الخير
وكذاك نرى الطيب إن أجبرناه على ترك الخير
قد ثار على طبع الخير به فتعثر في الشر!
بل إن فضائلنا تتحول لرذائل إن كان يراد الباطل
والشر إذا سخر لفعال الخير فسوف يؤازره العاقل! (ف2، م3، 17-22)
ولذلك فنحن نقترب في حذر من طبيعة المسرحية التي يتغير لونها تماما إذا تغيرت نهايتها، والواقع أن الكثير من المخرجين يلجئون إلى تغيير النهاية كأنما ليقولوا للجمهور: كادت تحدث كارثة ... ولكن الله سلم!
والواقع أن خصائص المسرحية المأسوية لا تنبع من الخطأ الذي وقع فيه القسيس أو والد جوليت (بتقديم موعد الزفاف مما جعل جوليت تتناول العقار المخدر قبل الموعد فلا يدركها روميو) (4، 2، 23) ولكنها ترجع إلى أن نظام الكراهية الذي يحكم عالم فيرونا مأسوي في جوهره، ومع ذلك فلنحاول في هذه المقدمة استعراض أهم النظرات النقدية للمسرحية.
6
Shafi da ba'a sani ba