وفيما هي كذلك وقد أخذها الحب وأطلقت عقدة لسانها أيدي الصبابة والهوى، طرق أذنها صوت جلبة ووقع أقدام كثيرة تدنو من بابها، فوثبت إلى السرير مسرعة، وارتدت أول ثوب وقع تحت يديها، ودنت من الباب فسمعت صوتا من ورائه يقول: افتحوا باسم الحكومة.
فعلمت أنهم رجال الشرطة على بابها، وداخلها الرعب والخوف منهم، مع علمها بأنها لم تجن في حياتها ذنبا يستوجب دخول حاكم في أمرها، إلا إذا كان ذنب الغرام الذي لا حكومة فيه، ولكنها تجلدت وفتحت الباب، وإذا بكبير الشرطة قد دخل عليها ووراءه اثنان من رجاله، وحياها بأدب ولطف، واعتذر عن دخوله في مثل تلك الساعة وقال: لا تخافي يا سيدتي، فإنما أنا أطلب رجلا يدعى فرناند روشي، فهل هو عندك؟
فأجابه فرناند من سريره: هو أنا يا سيدي فماذا تريد؟ - أأنت فرناند روشي الموظف في وزارة الخارجية؟ - أجل. - إذن البس ثيابك واتبعني، فأنا آت في طلبك بأمر من المدعي العام.
فاصفر وجه الفتى لهذه العبارة، وقال: يا رب ماذا تراني صنعت؟
فأجابه الشرطى بعنف: لا أعلم، فالبس ثيابك واتبعني.
فنهض فرناند راجفا مذهولا وهو لا يدري أنه ارتكب ذنبا، وارتدى ملابسه وهو يضطرب حتى إذا أتمها نظر الشرطي إلى تابعيه وقال لهما: اقبضا على هذا الرجل.
وكان فرناند قد تمالك وتشدد، فقال: ما بالكم تقبضون علي؟ وأي ذنب جنيت؟
فقال له الشرطي: إن رئيسك ائتمنك بالأمس على مفاتيح صندوقه، فاختلست منه محفظة تحتوي على ثلاثين ألف فرنك.
فصاح فرناند صياح الإنكار والدهش وقال: أنا أسرق، أنا أرتكب جريمة الاختلاس! إن هذا زور واختلاق. ثم وهت قواه وسقط بين أيدي الشرطة وهو قريب من الإغماء، فأخذوه بالرغم عنه.
أما باكارا فكانت واقفة منذهلة من شدة ما ترى، حتى إذا خرج الشرطة بأسيرهم وثبت من مكانها وثبته منكرة، وقد استنارت عيناها بفكر خطر في خاطرها، وتجلت لها حقيقة المكيدة على وجهها، وهمت أن تجري في إثر الجماعة وتنزع حبيبها من أيديهم، وتقول لهم: قفوا ليس هو الفاعل بل السير فيليام، ولكن خانتها قواها واحتبس لسانها، وسقطت على الأرض مغشيا عليها.
Shafi da ba'a sani ba