فتوقفت عن الجواب ونظرت إلى أندريا، فرأته يشير إليها برأسه قائلا: قولي نعم.
فأرخت عينيها إلى الأرض من الخجل وقالت: ربما. - سأتقيد بفضلك إلى الأبد، ولا أجحد نعمتك مدى الدهر، فبالله ألا ما استبدلت الشك باليقين واستعضت عن ربما بنعم.
فنظرت إلى أندريا ورأته يشير إليها بأن تعده، فقالت: دعني أتأمل بذلك مليا. - أيطول زمن الافتكار؟
ونهضت عن كرسيها وهي تقول: عد إلي غدا وسنرى.
فأخذ بيرابو قبعته وودعها وهو يقول: إذن تسمحين لي أن أزورك وسترينها ولا ريب. - سأراها. عد إلي في الغد.
فخرج بيرابو وقلبه يخفق خفوق قلب عاشق في أوائل الشباب، ولم يكد يغادر الغرفة حتى خرج أندريا من وراء الستار، فقالت له باكارا: ما هذه الخيانة التي لا تطاق؟! ... أأبيع أختي وأزجها بيدي إلى هاوية الغي والفساد؟! لا، لا. إن ذلك لا يكون ولو هلكت غراما. نعم، إن لي قلبا قد من الصخر إزاء عشاقي، ولكن ذلك القلب يستحيل إلى رقة الهواء وصفاء الماء بإزاء عائلتي التي خرجت عن خطتها بتلك الغواية. ذلك الأب المسكين! كلا إن ذلك لا يكون ولن يكون.
فقال أندريا: اعلمي أنه لا أحد يستطيع حل عقدة الزواج بين فرناند وهرمين غير بيرابو، وأنك ترتكبين أشد الخطأ بمخالفته.
ثم اندفع يحادثها وقد طال الحديث بينهما ساعتين، فلم يعلم شيء مما كان بينهما، غير أنه لما خرج أندريا كان مرتفع الرأس وعليه ملامح النصر، فشيعته باكارا ورأسها مطرق إلى الأرض والدموع تجول في عينيها. أما سريز الطاهرة النقية فقد كانت مجال بحثهما، وقد عزمت باكارا على تضحيتها ذهابا مع تيار حبها الفاسد. (9) حنة
بزغت أنوار شمس الأحد المنتظر بفارغ الصبر من سريز، فنهضت من فراشها، ورتبت غرفتها الصغيرة، وأخذت تشتغل في تزيين ثوبها الجديد إلى أن قربت ساعة الظهيرة فلبسته، وعزمت على الذهاب إلى منزل خطيبها الذي كان ينتظرها مع أمه للذهاب إلى بلفيل على ما قدمناه.
وفيما هي تحاول الذهاب فتح باب غرفتها ودخلت فتاة قابلتها سريز بمنتهى الاحتفاء والإكرام.
Shafi da ba'a sani ba