فجلست في سريرها ودار بينهما الحديث الآتي، فقال أندريا: أيعجبك هذا القصر الذي أنت فيه؟ - كل العجب. - وثلاثمائة ألف فرنك تضاف إليه. - إن هذا لقليل، فإن فرناند يعطيني أكثر من هذا. - إنك منخدعة، ولو كانت ذاكرتك جيدة لعلمت أن فرناند لم يكن له اتصال بك لولاي. - هذا لا ريب فيه، ولكن ... - بل إن هذا يدل على أن فرناند لا يستطيع أن يفيدك بشيء إلا إذا أردت. - كيف ذلك، أليس له الحق أن يصنع ما يريد؟ - كلا. - إذن تريد أن تقول أنك الوصي عليه، ولكن هذا ليس أكيدا، ولو شئت أن أنهب جميع أموال فرناند لقدرت.
فقال لها أندريا بصوت الهازئ المستخف: لقد كنت أحسب أن لك عقلا راجحا، وأنك تعلمين بأني أشتغل لنفسي لا لسواي.
فعضت على شفتها من الغيظ وقالت: لقد نسيت أنك تريد سمسرة. - نعم، وإن سمسرتي تبلغ ميلونين.
فوثبت الفيروزة من مكانها قائلة: لا شك أنك مجنون، فإن من يطمع بالكثير فاته القليل، وما دام فرناند يحبني فهو يصنع دون شك ما أريد.
فقال أندريا دون أن يبدو عليه شيء من علامات التأثر: إنك منخدعة، فإن كلمة واحدة تصدر مني إلى فرناند تكفي لهجرانه لك إلى الأبد، فإن لدي إحدى رسائلك إلى ليون رولاند.
فاصفر وجه الفتاة من الغيظ، ثم قالت: ولكني أقر له بكل شيء، وهو يحبني ولا بد له من الصفح عني.
فأخرج أندريا خنجرا وقال لها بأتم السكينة: بقي هذا الخنجر، فإنه يفعل دون شك أشد مما تفعله الرسالة.
فمدت الفيروزة يدها إلى الحائط تحاول أن تضغط على زر كان فيه قصد مناداة الخدم، ولكن أندريا عرف قصدها، فقهقه ضاحكا وقال: فاتك أيتها الحسناء أن جميع من في القصر من أعواني، وأني إذا أردت قتلك فهم يساعدونني على إخفاء آثارك.
فسقطت يد الفيروزة عن الزر وتنهدت تنهدا عميقا، فقال لها أندريا: أصغي إلي وخففي من مطامعك وانظري إلى ماضيك منذ عهد قريب تجدي أنك كنت في أشد حالة من الفقر، ثم انظري إلى حاضرك تجدي أنني قد وهبتك قصرا يبلغ ثمنه مع رياشه نحو المليونين، وفوق ذلك فإني سأهبك أيضا ثلاثمائة ألف فرنك، أفلا يكفيك جميع هذا، أم أنت تؤثرين العودة إلى حالتك السابقة؟
فأطرقت الفيروزة إطراق الواجم المقنع، ثم قالت: أمل علي شروطك، فإني راضية بما تريد.
Shafi da ba'a sani ba