طانيوس عبده
مقدمة
دقت نواقيس الدير قبل أن ينبثق نور الفجر مؤذنة بالصلاة، فتهافت الرهبان إلى المصلى.
وبينما الرهبان يصلون صلاة الفجر، كان داغوبير قد بدأ أعماله وامتزجت أصوات مطرقته بأصوات الرهبان.
إن داغوبير هذا كان حدادا وبيطارا في ذلك الدير، ولكنه لم يكن من الرهبان ولا يتصل بهم بغير الجوار.
وهو فتى في الثانية والعشرين من عمره، متين القوى، وافي الذراعين، عظيم الزندين، مدمج المفاصل، تظهر الشجاعة بين عينيه، ولا يخلو وجهه من الجمال.
كان والد داغوبير وأجداده إلى عهد بعيد يتوارثون هذا الاسم توارثهم مهنة الحدادة والبيطرة في جوار الدير، حتى كان نبلاء أورليان يقولون: لو كان نسب الأسرات بتقادمها لكان هذا الحداد مساويا لنا في الحسب.
ثم إن رهبان الدير كانوا يموتون ويحل سواهم محلهم فيه، كذلك أعضاء عائلة داغوبير فإنهم كانوا يتوارثون تلك المطرقة وتلك الدكان، كما تتوارث الملوك التيجان.
ولهذه العائلة حكاية كان يتناقلها الناس كما يتناقلون أحاديث الخرافات، وهي أن جد هذه العائلة كان يتصل تاريخه بعام 1350.
وكان للكهنة والنبلاء في ذلك العهد مطلق السلطان، فاتفق يوما أن حراس غابات الدير جاءوا بهذا الرجل إلى الرئيس مكتوف اليدين، واتهموه أنه اصطاد أيلا في تلك الغابات، فأمر رئيس الدير بجلده خمسين سوطا وبدفع غرامة كانت فوق طاقته، وسجنه إذ لم يستطع دفعها.
Shafi da ba'a sani ba