ذلك، أن من اتخذ وليا من دون اللَّه، وإن كان ذلك على أساس أن عبادته تقربه عند اللَّه كان مشركا بالله، كاذبا، كافرا بنعمة اللَّه.
وقال اللَّه تعالى: ﴿قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ ﴿سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ﴾ [المؤمنون: ٨٨ - ٨٩] .
وقد تبين من هذه الآية، أن اللَّه ﷾ لم يمنح أحدا من خلقه قدرة التصرف في العالم، وأنه لا طاقة لأحد أن يدافع عن أحد.
حقيقة شرك أهل الجاهلية وضلالهم:
وكذلك تبين أن الكفار الذين كانوا في عصر النبي ﷺ، لم يكونوا يعدلون آلهتهم بالله، ويرونهم مع اللَّه بمنزلة سواء، بل كانوا يقرون بأنهم مخلوقون وعبيد، ولم يكونوا يعتقدون أبدا أن آلهتهم لا يقلون عن اللَّه قدرة وقوة، وهم، والله في كفة واحدة، فما كان كفرهم وشركهم إلا نداءهم لألهتهم، والنذور التي كانوا ينذرون لها، والقرابين التي كانوا يقربونها بأسمائهم، واتخاذهم لهم شفعاء، ووكلاء، فمن عامل أحدا بما عامل به الكفار آلهتهم، وإن كان يقر بأنه مخلوق وعبد، كان هو وأبو جهل في الشرك بمنزلة سواء.
خلال الشرك وأعماله:
فاعلم أن الشرك لا يتوقف على أن يعدل الإنسان أحدا بالله، ويساوي بينهما، فلا فرق، بل إن حقيقة الشرك أن يأتي الإنسان بخلال وأعمال (خصها اللَّه بذاته العلية، وجعلها شعارا للعبودية)، لأحد من
1 / 54