Risalat Sahil Wa Shajih
رسالة الصاهل والشاجح
ومثْلِ آتِيِّ ضَحضاحٍ الثِّميلةِ من ... نَخْلٍ ابنِ يامِنِ بَيْنِ الحوضِ والقَلعه
إِنَّا أُناسٌ بِبَرٍّ لا بُحورَ لنا ... بحيث تنثُرُ تلك اليُمنةُ الزَّمَعَه
ألم تعلم تلك الحواريات أن رجالهن الجالين إذا عقلوا بحلب، حرسها الله، يضيفون الروذق إلى الخضيمة، ويزيلون الغيم الغالب على الأفئدة بالقارس في حر الظهيرة، ويذهبون الدرن بالناغر من ذات الزبر والصرفان، وينظرون بهاء " السيد عزيز الدولة " - أعز الله نصره - إذا ركب مع الناظرين، وتلك هي الفضيلة العظيمة؟ فما يردن من ظعائن يتبعن البارق ويكافحن الشارق ويحدجن الأينق بنفوسهن ويعددن النظر إلى السراب مغنيًا في البادية عن الشراب؟
ظعائنُ أَبْرقْنَ الخريفَ وشِمْنَه ... وخِفْنَ الهُمَامَ أَن تُقادَ قنابِلُه
ترحض إحداهن ثوبها من " قويق " فلا يدركه الوسب إلا وبيتها مضروب على " دجلة " أو فيض " الأبلة " أو " كافر: نهر الحيرة ".
وترعى شاتها في أول الربيع نبت الشام وترعى في آخره نبت العراق.
وتجني البلس في وعاء الشام فلا تذهب فضوله من ذلك الوعاء حتى يخلط بها شيء من تمر العراق، وذلك بسيرها في البردين لا بما حمله إليها المائر في شهر المليساء:
إِذا الجَوزاءُ أَرْدَفَتِ الثُّرَيَّا ... فظُنَّ بِآل فاطمةَ الظنونا
فالحمد لله الذي جعل " السيد عزيز الدولة " - أعز الله نصره - يصرف على اختيار شخص " أسد الدولة " - أدام الله تمكينه - كما صرف الراجز اسمه على اختيار، فقال:
لَئِنْ خرجتُ من دِمَشقَ صالِحا
وقد تجهَّزتُ جهِازًا صالحا
لأَجذبَنَّ النِسْعَ جَذْبًا صالحًا
وآتِيَنَّ بالعراقِ صالحًا
إِني رأَيتُ صالحًا لي صالحا
ولولا أن الوزن الذي يسمى ركض الخيل وزن ركيك، لوجب على نقيب الشعراء أن يتقدم إليهم ألا ينشدوا " السيد عزيز الدولة " - أعز الله نصره - شعرًا في هذه الآونة إلا على ذلك الوزن. ولكنه وزن ضعف وهجرته الفحول في الجاهلية وفي الإسلام. وربما تكلفه بعض الشعراء، كما قال:
أَوَقَفْتَ على طَلَلٍ طَرَبًا ... فشَجاكَ وأَحزَنَكَ الطَّلَلُ
وقد تأملت عدو الخيل فوجدت هذا الوزن يشابه التقريب الأعلى والتقريب الأدنى، على حسب عجلة المنشد وترسله. وهما تقريبان أحدهما الثعلبية والآخر هو الذي يسمي الإرخاء. وكلاهما إذا سمعته أدى إلى سمعك هذا الوزن بعينه. وذلك أن الفرس يضرب بحوافره الأرض ثلاث ضربات متواليات ثم يثب، فيكون ضربه الأرض موازيًا لثلاثة أحرف متحركات، ويكون وثبه موازيًا للسكون.
والمرجفون بزعيم الروم يزعمون أنه كاسم الفاعل يعمل في ما يستقبل من الزمان. وقد مضى القول في أن " السيد عزيز الدولة " - أعز الله نصره - يصغره إذا خرج، وقد علمنا أن اسم الفاعل إذا صغر بطل عمله، فمن قال: هذا ضارب زيدًا غدًا، لم يجز أن يقول: هذا ضويرب زيدًا غدًا. ولعل المرجفين بذلك، يظنون أن " السيد عزيز الدولة " - أعز الله نصره - قليل العدة؛ وهو بنفسه الخميس اللجب.
وإنما مثله في " حلب حرسها الله " مثل الضمير يضمر فيختصر، فإذا ظهر عظم شأنها. ألا ترى إلى قوله تعالى: " ولو أنهم فعلوا مما يوعظن به لكان خيرًا لهم وأشد تثبيتًا "؟ فالهاء في " به " تدل على أشياء كثيرة مما وعظوا به، ولو ظهرت لا تسع فيها القول وكيف يظن ذلك بسلطان بعض جنوده " بنو عامر بن صعصعة " وهم الذين رأت أمهم في المنام قائلًا يقول لها:
إِذا ولدْتِ عامِرًا وعامِرا
فقد ولدتِ العدَدَ الجَمَاهرا
فولدت " عامر بن صعصعة وعامر الأجرار من كلب ". وحكم حلفائهم وجيرانهم مثل حكمهم الفرزدق النجدة والمسارعة إلى النصرة. ومن بعض حلفائهم طيء، ومن بعض أحياء طيء سنبس، وقد قال " الأخرم السنبسي ":
لَنَا زَارةٌ ضَبِسٌ نَابُها ... يَهونُ على حامِيها الوعيدُ
بِها قُضُبٌ هندوانِيَّة ... وغابٌ تَزَاءَرُ فيه الأُسودُ
ثمانونَ أَلْفًا ولم أُحْصِهمْ ... وقد بَلَغتْ رجْمَها أَو تزيدُ
1 / 101