وقال آخر لمجبر : من نهى عن الزنا ؟ قال : الله . قال : ومن خلقه وأراده ؟ قال: الله . قال : ومن عابه وأوجب عليه الحد ؟ قال : الله . قال : كيف نهى ثم خلق ثم عاب ؟ فانقطع وأنشد :
لا تنه عن خلق وتأتي مثله عار عليك إذا فعلت عظيم
ثم قال العدلي : بلغني أن قوما من بني إسرائيل خرجوا للاستسقاء فأوحى الله إلى نبيهم لا أسقيكم وفيكم رجل غماز , فقال : يا رب ! من هو حتى نخرجه ؟ فقال : لا أعيب شيئا ثم أفعله . وأنشد لمحمود الوراق :
ولا تلزم الذنب المقادير جاهلا فأنت ولي الذنب ليس المقادر
فلو كان للمقدور في الذنب شركة لكان له حظ من الذنب وافر
واختصم عدلي ومجبر بين يدي بعض الولاة , فلما قام المجبر اعتمد بيديه على الأرض وقال : بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء ؟ فقال العدلي : ما هذا الشيء الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء ؟ وعندك لا ضرر إلا من قبله . فانقطع.
وقال مجبر لعدلي : أرأيت لو كان لي قطعة طين ألي أن أعمل ما أحببت ؟
قال : نعم .
قال: ألي أن أعمل منها ثلاث جرار , معوجة ومكسورة وصحيحة , ثم أطبخها بالنار ؟
قال : نعم لكن بشرط أنها لو خرجت كذلك لا تسأل لم صارت معوجة ومكسورة وصحيحة .
ثم قال : وأنا أسألك .
قال : سل .
قال : ما تقول في رجل غرس في بستان له خوخا لم يغرس غيره , ثم قال لغلامه اذهب إلى البستان فائتني بكل فاكهة ، فقال الغلام : ليس في البستان إلا الخوخ , قال اذهب فأحرقه ! لم لم يكن فيه سوى الخوخ, أهذا حكمة ؟
قال : لا .
قال : فكيف جوزت على ربك أن يخلق كافرا ثم يعذبه لم لم يكن مؤمنا ؟
فانقطع .
Shafi 37