لكما القنيص، وإني ذكرت قولي في الدّهر الأول:
وإنَّ حديثًا منك، لو تعلمينه،
جنى النّحل في ألبان عوذٍ مطافل
مطافيل أبكارٍ، حديث نتاجها ... تشاب بماٍ مثل ماء المفاصل
فقيَّض الله بقدرته لي هذه النّاقة عائذًا مطفلًا. وكان بالنَّعم متكفّلًا، فقمت أحتلب على العادة، وأريد أن أشوب ذلك بضّرب نحلٍ، تبعن في الجنّة طريقة الفحل.
فإذا امتلأ إناؤه من الرَّسل، كوّن الباري، جلَّت عظمته، خليّةً من الجوهر، رتع ثولها في الزَّهر، فاجتنى ذلك أبو ذؤيب، ومزج حليبه بلا ريب، فيقولك ألا تشربان؟ فيجرعان من ذلك المحلب جرعًا لو فرَّقت على أهل سقر لفازوا بالخلد شرعًا. فيقول عديُّ: الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله. لقد جاءت رسل ربنا بالحقَّ.
ونودوا أن تلكم الجنّة، أورثتموها بما كنتم تعملون.
ويقول، أدام تمكينه، لعديّ: جئت بشيئين في شعرك، وددت أنَّك لم تأت بهما، أحدهما قولك:
فصاف، يفرّي جلَّه عن سراته
يبذُّ الرّهان فارهًا متشابعًا والآخر قولك:
فليت دفعت الهمَّ عنّي ساعة ...، فنمسي على ما خيَّلت ناعمي بال
فيقول عديُّ بعباديته: يا مكبور، لقد رزقت ما يكب أن أن يشغلك عن القريض، إنما ينبغي أن تكون كما قيل لك: " كلوا واشربوا هنيئًا بما كنتم تعملون " قوله يامكبور، يريد: يامجبور، فجعل الجيم كافًا، وهي لغةٌ رديئةٌ يستعملها أهل اليمن. وجاء في بعض الأحاديث: أن الحارث بن هانىء بن أبي شمر بن جبلة الكندي، استلحم يوم ساباط فنادى: يا حكر يا حكر، يريد: يا حجر بن عديَّ
1 / 30