تعالى ، فلم يزل به موسى حتى رجع عن قال عز وجل وقال : سأمضي معكم ، ولم يقنع موسى بمسير الملك معهم إلا بمسير الباري عز وجل معهم . وفي هذا تحقيق النقلة على الباري في الأماكن ، وليست هذه صفة الله تعالى وغنما هي من صفات المخلوقين ؛ وفيه التكليم فما لفم وتحقيق التجسيم والتناقض على الباري تعالى في كلامه وفعله ، دون تأويل . ولا مخرج لهم من هذا .
25 - فلو فكر هذا الوقاح الزنديق في مثل هذا وشبهه لزجره ( 1 ) عن التعرض لما لا سبيل له إليه وحسبنا الله تعالى ونعم الوكيل . ولو ان هذا الزنديق المائق كان له أقل تحصيل ، لما أقدم على المظاهرة ( 2 ) بهذا الدين الخسيس طرفة عين ، ولكنه لم يقره الشيطان من كل ما استبان له من هذا البهتان إلا انسلاخه من جميع الأديان ، وبالله تعالى نعوذ من الخذلان .
26 - الفصل السادس :
ثم ذكر هذا الزنديق الجاهل قول الله تعالى مخاطبا لنبيه عليه السلام : { فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك الكتاب فاسأل الذين يقرءون الكتاب من قبلك لقد جاءك الحق من ربك } ( 3 ) ، ( يونس : 94 ) قال هذا المجنون : فهذا محمد كان في شك مما ادعاه .
27 - قال أبو محمد : كان يلزم هذا الخسيس ( 4 ) أن لا يتكلم في لغة لا يحسنها ، ولكن أبى الله تعالى إلا أن يكشف سوءته ويبدي عورته . وليعلم ان [ إن ] في هذه الآية ليست التي بمعنى الشرط ، لان من المحال العظيم الذي لا يتمثل في فهم من له مسكة أن يكون إنسان يدعو إلى دين يقاتل عليه وينازع فيه ( 5 ) أهل الأرض ويدين به أهل البلاد العظيمة ثم يقول لهم : إني في شك مما أقاتلكم عليه أيها المخالفون [ 154 ب ] ولست على يقين مما أدعوكم إليه وأحققه لكم أيها التابعون ، إلى مثل هذا السخف الذي لا يتصور إلا في مثل دماغ هذا المجنون الجاهل . وإنما معنى ' إن ' ها هنا الجحد فهي هنا بمعنى ' ما ' وهذا المعنى هو أحد
Shafi 53