وأخيرا فمع أن هؤلاء الملوك لم يكن لهم الحق نفسه الذي كان لموسى، فقد كانوا هم الذين يصدرون القرارات الخاصة بتنظيم شئون الدين واختيار الكهنة. كان داود هو الذي اتخذ قرار تشييد المعبد (انظر الأخبار الأول، 28: 11-12 وما بعدها)
18
واختار ثمانين ألفا من اللاويين لإنشاد المزامير، وستة آلاف لكي يكون من بينهم القضاة ورجال الإدارة، وأربعة آلاف لحراسة الأبواب، وأربعة آلاف للعزف على الآلات الموسيقية (انظر السفر نفسه، 23: 4-5)
19
وهو الذي وزعهم في جماعات عين لكل منها رئيسا، ويقوم كل منها بخدمة المعبد بالتناوب، لفترة من الوقت (انظر الإصحاح نفسه 9)،
20
كما نظم الكهنة في جماعات مماثلة. ولكنني لما كنت لا أود الدخول في كل هذه التفصيلات فإني أحيل القارئ إلى سفر الأخبار الثاني، الإصحاح 8، الآية 13، الذي جاء فيه: «حينئذ أصعد سليمان محرقات للرب ... بحسب وصية موسى ويشهد الراوي الخزائن.» من هذه النصوص ومن الروايات الأخرى عن الملوك يتبين في الآية 15 بأنه «لم يعدل عن وصية الملك للكهنة في كل أمر وفى.» بوضوح تام أن العبادة وشئون الدين كانت من اختصاص الملك وحده، وعندما قلت من قبل: إن الملوك لم يكن لديهم الحق نفسه الذي كان لموسى في تعيين الحبر الأعظم وفي مخاطبة الله مباشرة أو في إدانة الرعايا الذين يدعون النبوة في أثناء حكمهم، فإني لم أقل ذلك إلا لأن الأنبياء بما لهم من سلطة كان لهم الحق في اختيار ملك جديد والعفو عن قاتل الملك (السابق)، ولكن هذا لا يعني أنه كان باستطاعتهم تقديم الملك للمحاكمة أو اتخاذ أي إجراء ضده لو سمح لنفسه بخرق القوانين.
21 ⋆
فلو لم يكن هناك أنبياء باستطاعتهم بفضل وحي خاص بهم العفو عن قاتل الملك لكان للملوك العبرانيين الحق المطلق في كل الأمور الدينية والدنيوية.
أما اليوم، فإن الحكام لما كانوا لا يجدون أنبياء أمامهم، ولما كانوا بحكم تشريعاتهم، غير ملزمين بالاعتراف بهم (لأنهم لا يلتزمون بقوانين العبرانيين) فإن لهم الحق المطلق في الأمور الدينية، مع أنهم لا يحيون حياة العزوبة، وسيحتفظون بها دائما بشرط ألا يسمحوا بحدوث زيادة مفرطة في عقائد الدين، أو بالخلط بينها وبين المعارف العلمية.
Shafi da ba'a sani ba