217

Risala Fi Lahut Wa Siyasa

رسالة في اللاهوت والسياسة

Nau'ikan

مع أن النظام التيوقراطي للعبرانيين - كما عرضنا في الفصل السابق - كان يستطيع أن يبقى دواما،

1

فلم يكن من الممكن اتخاذه أنموذجا في ظروف تاريخية أخرى وإلا خرج قصدنا عن حدود العقل. فلو أراد بعض الناس تفويض حقهم لله وجب عليهم عقد ميثاق صريح مع الله كما فعل العبرانيون من قبل. فلا تكفي إذن مجرد إرادة التفويض الجماعي للحق،

2

بل لا بد من إرادة الله الذي يفوض له هذا الحق. على أن الله قد أوحى إلى الحواريين بأن حلفه لن يكتب بعد الآن بالمداد أو على ألواح من الحجر، بل بروح الله في القلوب.

3

ثانيا، لا يلائم نظام الحكم التيوقراطي إلا شعبا معزولا يريد أن يعيش دون علاقات مع الخارج مغلقا على نفسه داخل حدوده، ومنفصلا تماما عن باقي العالم، لا شعبا يدخل بالضرورة في علاقات مع الشعوب الأخرى؛ لذلك لا ينطبق هذا النظام إلا على نطاق محدود للغاية، ومع ذلك فإنه لم يكن يصلح أنموذجا في عصرنا الحاضر، فسيظل من الصحيح أنه يقدم لنا بعض السمات التي يجدر ذكرها ويحق لنا أن نتخذها مثلا يحتذى، ولكنه نظرا إلى أنني لم أقصد تناول مسألة الدولة صراحة في هذا الكتاب - وقد نبهت إلى ذلك من قبل - وسأترك معظم هذه السمات جانبا، ولن أذكر منها إلا ما يتعلق ببحثي الخاص.

ألحظ أولا أن حكم الله لا ينبغي مطلقا تعيين سلطة بشرية تتمتع بحق السيادة المطلق في المجال السياسي. فبعد أن فوض العبرانيون حقهم إلى الله، سلموا لموسى بحق مطلق في إصدار الأوامر، وكانت له وحده سلطة وضع القوانين ونسخها واختيار القائمين على شئون الدين، وسلطة القضاء والتعليم والعقاب، أي بالاختصار، القيام بكل أعباء الحكم في جميع الميادين. ومن ناحية أخرى لم يكن من بين اختصاصات القائمين على شئون الدين - مع أنهم مفسرو القانون - ما يسمح لهم بالحكم على المواطنين أو حرمان أحدهم من حقوقه الدينية، فذلك حق القضاة والنقباء الذين اختارهم الشعب وحدهم (انظر يشوع، 6: 26، القضاة، 21: 18، صموئيل، 14: 24).

4

وهناك ملحوظات أخرى كثيرة طريفة نستطيع استخلاصها من تاريخ العبرانيين ومصيرهم. (1)

Shafi da ba'a sani ba