214

Risala Fi Lahut Wa Siyasa

رسالة في اللاهوت والسياسة

Nau'ikan

24

عندما تجرأ وأقام فيه صنما، ولم يكن الشعب أقل احتراما للقوانين التي كانوا يحتفظون بها بعناية وبدافع ديني في المحراب الأكثر أمنا. ولذلك قل الخوف من القلاقل الناجمة عن انتشار الأحكام المسبقة بين الشعب، ولم يجرؤ أحد على أن يصدر حكما على الأمور الإلهية، بل كان على الجميع أن يطيعوا كل ما أمر الله به، إما بناء على سلطة الرد الخاص الذي يبعث به الله، وإما بناء على سلطة الشريعة التي أوحى بها الله منذ القدم، دون إعمال للعقل.

أظنني الآن قد عرضت المبادئ الأساسية لهذه الدولة عرضا واضحا، وإن كان موجزا، ولم يبق لنا إلا أن نعرف الأسباب التي من أجلها لم يحافظ العبرانيون في كثير من الأحيان على الشريعة،

25

والتي جعلتهم يقعون مرات عديدة تحت نير الأجنبي حتى انهارت دولتهم تماما في النهاية،

26

قد يقال: إن السبب في ذلك هو عصيان هذه الأمة، وهو قول صبياني؛ فلماذا كانت هذه الأمة أكثر عصيانا من الأمم الأخرى؟ لم تكن الطبيعة حتما هي السبب في ذلك؛ لأن الطبيعة لا تخلق شعوبا، بل أفرادا

27

لا ينقسمون إلى شعوب إلا لاختلافهم في اللغة والقوانين والعادات الموروثة، فالقوانين والعادات وحدها هي التي تعطي كل أمة طابعا مميزا، ووضعا خاصا، وأحكاما مسبقة تنفرد بها.

فإذا سلمنا بأن العبرانيين كانوا أكثر عصيانا من باقي البشر، فيجب أن يرجع ذلك إلى أوجه نقص معينة في قوانينهم أو في عاداتهم الموروثة.

Shafi da ba'a sani ba