وناله من قريش أذى كثير كما هو مبين في كتب السير. وكذلك عمر ﵁ كان من أعظم القائمين بنصرته بعد إسلامه في السنة السادسة من البعثة، فكان من أعظم الناس شدة على كفار قريش، وإن كان قبل إسلامه شديدا على المسلمين لكنه بعد أن أسلم كان من أشد الناس على الكفار حتى أنزل الله عند إسلامه: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ أي يكفيك من حصل إسلامهم فلا تبال بتأخر غيرهم وكون نزولها عند إسلامه دليل على مزيد فضله حتى كأنه هو المقصود من الآية وحده. وكان ابن مسعود ﵁ يقول: ما زلنا أعزة منذ أسلم عمر. وكان علي ﵁ عند النبي ﷺ صغيرا في أول بعثة النبي ﷺ، وإن كان ﵁ بعد أن كبر كانت منه النصرة المأثورة والمواقف المشهورة، لكنهما كانا مميزان عنه بالنصرة الحاصلة في بدء الإسلام حين اشتدت وطأة قريش على المسلمين. وكذا بقية العشرة السابقين للإسلام. ولو كان ملك من ملوك الدنيا أعانه بعض الناس على تأسيس ملكه ونصرته على أعدائه حتى ظهر أمره وتم مراده لكان يحبه ويفضله على كثير من أقاربه. فما بالك بهؤلاء السابقين بالإسلام الذين قاموا بنصرة النبي ﷺ حتى أظهر الله دينه على الدين كله.
والرافضة قبحهم الله نظروا إلى القرابة وغفلوا عن هذه الاشياء وأهملوا قول علي ﵁: لا يجتمع حبي وبغض أبي بكر وعمر في قلب مؤمن. وأهملوا الآيات والأحاديث التي جاءت في فضل الشيخين وغيرهم من الصحابة فأداهم الأمر إلى إبطال الشريعة التي وصلت إلينا من طريقهم.
(حقوق القرابة وحقوق الصحبة والمؤازرة والنصرة)
وأما أهل السنة والجماعة فإنهم لم يضيعوا حق القرابة ويعترفون بفضلها ولا يضيعون حقوق الصحبة والمؤازرة
1 / 48