بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم
سؤال رفع للشيخ الإمام العالم العلامة أحمد بن قاسم العبادي رحمة الله عليه
صورته الحمد لله ما قولكم رضي الله تعالى عنكم في
اسم الفاعل المراد به الاستمرار في جميع الأزمنة
إذا أضيف إلى معرفة هل يتعرف بالإضافة بكل اعتبار أو يجوز فيه اعتباران كما نقله شارح التوضيح عن اليمني شارح الكشاف أحدهما أن إضافته غير محضة لصدقه بالحال والاستقبال والثاني أنها محضة لصدقه بالماضي
Shafi 71
وهل الثبوت والدوام غير الاستمرار أو لا وهل بين قول شارح التوضيح تنبيه إذا قصد باسم الفاعل معنى الثبوت عومل معاملة الصفة المشبهة في رفع السببي الخ وبين قول التوضيح تنبيه جميع هذه الصفات صفات مشبهة إلا فاعلا كضارب فانه اسم فاعل إلا إذا أضيف إلى مرفوعه وذلك فيما دل على الثبوت كطاهر القلب وشاحط الدار أي بعيدها فصفة مشبهة ايضا منافاة فإن قول الأول عومل معاملة الصفة المشبهة الخ يدل على أنه حينئذ ليس بصفة مشبهة وقول الثاني أنه صفة مشبهة يدل على خلاف ذلك أو لا وإذا قلتم بأن إضافته حال دلالته على الثبوت معنوية فما الفرق بينه وبين الصفة المشبهة إذا سلمتم أنه غيرها حينئذ مع اتحادهما في الدلالة على الثبوت وهل يصح الفرق بينهما بأن اسم الفاعل حينئذ غير عامل فليست إضافته في نية الانفصال فافادته التعريف أو التخصيص بخلاف الصفة المشبهة فإنها مضافة إلى معمولها في نية الانفصال فلم تفدها الاضافة شيئا منهما وهل يصح تأييد هذا الفرق بأن إضافة اسم الفاعل إذا كان بمعنى الماضي معنوية لبطلان عمل اسم الفاعل حينئذ فلم تكن في نية الانفصال وإن كان دالا على الحدوث ويكون مدار الفرق على الإضافة إلى المعمول وعدمها وهل
Shafi 72
قول العلامة السيوطي في الفرق بينهما وأما كون الصفة المشبهة لا تتعرف مطلقا فلأن إضافتها تقل عن أصل وهو الرفع بخلاف غيرها فإنه نقل عن فرع وهو النصب معناه أنه لما كان المضاف إليه فيها الرفع قوي الانفصال فيها بخلاف اسم الفاعل أوضحوا لنا الجواب فقد اشكلت هذه المسألة على الطلاب لا زلتم بزمام الحق ماسكين ولطريق النجاح سالكين
وصورة الجواب للشيخ أحمد بن قاسم العبادي المرفوع إليه السؤال رحمة الله عليه
الحمد لله وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه اجمعين ذكر في الكشاف في الكلام على قوله تعالى {مالك يوم الدين} أن اسم الفاعل إذا أريد به زمان مستمر كانت إضافته حقيقية واعترض عليه بأنه ذكر في الكلام على قوله تعالى {وجعل الليل سكنا والشمس والقمر حسبانا}
Shafi 73
ما حاصله أن اسم الفاعل إذا أريد به زمان مستمر كانت إضافته لفظية فقد تناقض كلامه قال السيد كالسعد وأجيب بأن الزمان المستمر يشمل الماضي والحال والاستقبال فجاز أن يعتبر جانب الماضي فلا يكون الاسم عاملا وتكون إضافته حقيقية وأن يعتبر جانب الحال أو الاستقبال فكان الاسم عاملا وإضافته غير حقيقية وكل واحد من الاعتبارين يتعلق باقتضاء المقام وقرائن الأحوال انتهى
وفي هذا الجواب الذي أقره السيد كالسعد تصريح بجواز الأمرين بالاعتبارين وقال الرضي وأما اسما الفاعل والمفعول فعملهما في مرفوع هو سبب جائز مطلقا سواء كان بمعنى الماضي أو بمعنى الحال أو الاستقبال أو لم يكونا لأحد الأزمنة الثلاثة بل كانا للاطلاق المستفاد منه الاستمرار نحو زيد ضامر
Shafi 74
بطنه أو مسود وجهه او مؤدب خدامه وإذا كان كذا فاضافتهما إلى سبب هو فاعلهما معنى لفظية دائما ويعمل اسما الفاعل والمفعول الرفع في غير السبب بمعنى الإطلاق كانا أو بأحد الأزمنة الثلاثة نحو مررت برجل نائم في داره عمرو ومضروب على بابه بكر لكن لا يضافان إلى مثل هذا المرفوع إذ لا ضمير فيه يصح انتقاله إلى الصفة وارتفاعه بها فيبقى بلا مرفوع في الظاهر
وأما عمل اسم الفاعل والمفعول في المفعول به وغيره من المعمولات اللفظية فيحتاج إلى شرط لكونها أجنبية وهو مشابهتهما الفعل معنى ووزنا ويحصل هذا الشرط لهما إذا كانا بمعنى الحال أو الاستقبال أو الاطلاق المفيد للإستمرار فإذا ثبت أن اسمي الفاعل والمفعول يعملان في الأجنبي إذا كانا بأحد هذه المعاني الثلاثة فاضافتهما إذن إلى ذلك الأجنبي لفظية لأن ذلك
Shafi 75
مبني على العمل كما تقدم أي في قوله وغيره كون إضافة الصفة إضافة لفظية مبني على كونها عاملة في محل المضاف إليه إما رفعا أو نصبا انتهى المقصود نقله مفرقا في كلامه الطويل وفيه تصريح بأن إضافة الوصف إلى فاعله لفظية وإن كان بمعنى الماضي بخلاف إضافته إلى غير فاعله إذا كان بمعنى الماضي وفيه أيضا التصريح باطلاق أن إضافة الوصف المراد به الاستمرار لفظية خلاف لما تقدم عن الكشاف وأتباعه لكنه قال بعد ذلك فاسم الفاعل والمفعول المستمر يصح أن تكون إضافته محضة كما يصح أن لا تكون كذلك وذلك لأنه وإن كان بمعنى المضارع إلا أن استمرار ملابسة المضاف للمضاف إليه يصح تعينه به أو تخصصه قال سيبويه تقول مررت بعبد الله ضاربك كما
Shafi 76
تقول مررت بعبد الله صاحبك أي المعروف بضربك كما تقول مررت برجل شبهك أي المعروف بشبهك فإذا قصدت هذا المعنى لم يعمل الفاعل في محل المجرور به نصبا كما في صاحبك وإن كان أصله اسم فاعل من صحب يصحب بل تقدره كأنه جامد انتهى
فقد فصل في إضافة الوصف المراد به الاستمرار لكن مدرك تفصيله غير مدرك تفصيل الكشاف وأتباعه المستفاد من الجواب السابق كما هو ظاهر فهو موافق لهم في التفصيل مخالف لهم في المدرك وأما ابن هشام فكلامه في مغنيه صريح في اعتماده أن إضافة الوصف المراد به الاستمرار حقيقة أبدا في غير تفصيل فإنه نقل كلام الكشاف الأول واستحسنه ثم رد كلامه الثاني بعد ادعاء مناقضته للأول ويتحصل من ذلك كله أن صاحب الكشاف وأتباعه كالسعد والسيد على التفصيل في إضافة الوصف المراد به الاستمرار وكذا الرضي لكنه مخالف لهم في مدرك التفصيل كما تقرر وأن ابن هشام على الاطلاق فيها ثم قال السيد بعد ما تقدم عنه ما نصه ويمكن بأن يقال الاستمرار في
Shafi 77
مالك يوم الدين ثبوتي وفي جاعل تجددي بتعاقب أفراده فكان الثاني عاملا واضافته لفظية لورود المضارع بمعناه دون الأول انتهى ويستفاد منه أمور
الأول أن الاستمرار أعم من الثبوت والدوام لأنه يكون تجدديا بتعاقب أفراده وثبوتيا بدوام الثابت وبذلك يحصل الجواب عن قول السائل وهل الثبوت والدوام غير الاستمرار
والثاني ان اسم الفاعل إذا كان للثبوت كان غير عامل وكانت إضافته حقيقية وحينئذ يستشكل ذلك بالصفة المشبهة فإنها للثبوت ومع ذلك فهي عاملة وإضافتها لفظية وجوابه أن مدار كون الاضافة لفظية أو حقيقية على عمل الوصف وعدم عمله كما صرح بذلك الأئمة وتقدم في كلام الرضي والصفة تعمل وإن كانت للثبوت لأن عملها بسبب مشابهتها لاسم الفاعل في أنها تؤنث وتثنى وتجمع وهذه المشابهة متحققة فيها دائما فعملت دائما وكانت إضافتها لفظية دائما لوجود سبب العمل دائما بخلاف اسم الفاعل فان عمله لمشابهته الفعل المضارع فاذا كان بمعنى الثبوت فأتته المشابهة لأن المضارع لا يكون للثبوت فلم يعمل لانتفاء سبب العمل وكانت إضافته حقيقية
Shafi 78
والثالث أنه لا يصح إطلاق أن إضافة الصفة المشبهة لفظية إن جعلنا اسم الفاعل المراد به الثبوت صفة مشبهة حقيقة على ما سيأتي وقد اختلف تعبيرهم فيه منهم من يعبر بأنه صفة مشبهة ومنهم من يعبر بنحو أن له حكم الصفة المشبهة وأنه يعامل معاملتها فيحتمل أن اختلاف هذا التعبير مبني على الاختلاف في اسم الفاعل المذكور هل هو صفة مشبهة حقيقة أو لا ويحتمل أن المراد منهما واحد وأن في أحدهما مسامحة إما بأن يراد بالأول أنه صفة مشبهة حكما وإما بأن يراد بالثاني أنه صفة مشبهة حقيقة والتعبير بأن له حكمها أو أنه يعامل معاملتها لا ينافي أنه منها حقيقة وإنما عبروا بذلك لأن إدخاله فيها أمر طارىء على أصل وضعه وقد قال المرادي قلت ولقائل أن يقول إن ضامرا ومنطلقا ونحوهما مما يجري على المضارع أسماء فاعلين قصد بها الثبوت فعوملت معاملة الصفة المشبهة وليست بصفة مشبهة فقد رد ما ذهب إليه من قال إنها لا تكون جارية لكونهم متفقين على أن شاحطا في قوله
(من صديق أو أخي ثقة ... أو عدو شاحط دارا)
Shafi 79
صفة مشبهة قلت إن صح الاتفاق فهو محمول على أن حكمه حكم الصفة المشبهة لأنه قصد به الثبوت كما تقدم فلذلك أطلق عليه صفة مشبهة انتهى وبما تقرر يعلم أن الفرق المذكور في السؤال هو نص كلامهم حيث صرحوا بأن مدار اللفظية والحقيقية على العمل وعدمه فلا حاجة مع ذلك إلى التأييد وما ذكره السيوطي في الفرق مشكل وفيه نظر لأن نقل إضافة الصفة المشبهة عن الرفع يلزم منه إضافة الشيء إلى نفسه لأن المراد من الصفة ومرفوعها واحد كما هو ظاهر ويخالفه قول التوضيح كغيره لأن الصفة المشبهة لا تضاف لمرفوعها حتى يقدر تحويل إسنادها عنه إلى ضمير الموصوف أي وحينئذ ينصب المرفوع فيتغاير مع الصفة ثم تقع الإضافة فليتأمل والله تعالى أعلم بالصواب وإليه المرجع والمآب
وكتبه الفقير أحمد بن قاسم العبادي
عفي عنهما
وجاء في آخر النسخة م وهذا آخر ما رأيته من السؤال والجواب ونقلته والله أعلم والحمد لله وحده وصلى الله على من لا نبي بعده آمين
Shafi 80