Yashi Mai Raira Waƙa
الرمال المغنية
Nau'ikan
سألها جرانت وهو يقلب في مفكرة الهاتف: «هل من مكالمات؟» «اتصلت الآنسة هالارد لتطلب منك أن تتصل بها وتتناول معها الطعام بمجرد أن تعود .» «أوه . هل سارت أمور المسرحية الجديدة على ما يرام؟ كيف كانت الملاحظات عليها؟» «رديئة.» «كلها؟» «كل ما رأيت، على أي حال.»
في أيام كانت السيدة تينكر حرة، قبل وجود تينكر، كانت تعمل مساعدة ممثلة في المسرح. وحقا، لولا طقس إعداد وجبة العشاء هذا لكان من المرجح أن تظل تساعد شخصا ما في ارتداء ملابسه كل مساء في المنطقة البريدية الغربية 1 أو الغربية الوسطى 2 بدلا من تنظيف غرف النوم الإضافية في المنطقة البريدية الجنوبية الغربية 1. لذا كان اهتمامها بأمور المسرح يعد اهتمام أحد الخبراء. «هل شاهدت المسرحية؟» «لم أشاهدها. إنها إحدى تلك المسرحيات التي تعني شيئا آخر. أنت تعرف ما أقصد. إنها تبقي كلبا خزفيا على رف الموقد، لكنه ليس كلبا خزفيا على الإطلاق، بل زوجها السابق، وحين ينكسر الكلب، إذ يكسره صديقها الحميم الجديد، تصاب بالجنون. ليس أن تتصرف بجنون كما تعلم، بل إنها تصاب حرفيا بالجنون. لكنني أظن أنها إن كانت تريد أن تصبح سيدة نبيلة فعليها أن تمثل مسرحيات رفيعة المستوى الثقافي. فيم كنت تفكر حين طلبت طعاما للعشاء؟» «لم أكن أفكر في شيء.» «يمكنني أن أعد لك بعض السمك الطيب المسلوق في ماء ساخن.» «لا تعدي سمكا، إن كنت تحبينني. لقد تناولت من السمك في الشهر الماضي ما يكفيني دهرا. لا أمانع تناول أي شيء ما دام ليس سمكا أو لحم ضأن.» «في الواقع، لقد تأخر الوقت الآن على إحضار كلاوي من السيد بريدجز، لكن سأرى ما يمكنني فعله. هل كانت إجازتك جيدة؟» «كانت إجازة رائعة للغاية.» «هذا جيد. لقد امتلأت وزاد وزنك قليلا. وأنا مسرورة لرؤية ذلك. ولست بحاجة أيضا لأن تربت على بطنك بهذا الشكل المريب. فقليل من الوزن لا يضر أحدا. ليس من الجيد أن تكون نحيلا كقضيب حديدي. فليس لديك مخزون كبير من الدهون.»
انتظرت السيدة تينكر بينما كان جرانت يبدل ملابسه ويرتدي أفضل حلة لديه، وأخذت تفشي ببعض القيل والقال الذي تصادف أنه تناهى إلى سمعها. ثم أشار إليها أن تعود إلى لذتها المتمثلة في تنظيف حجرة النوم الإضافية، وتعامل مع أمور صغيرة كانت قد تراكمت أثناء غيابه، وخرج في ساعة مبكرة من أمسيات شهر إبريل الهادئة. انعطف متجها نحو المرأب، وأجاب عن أسئلة عما فعله في صيد السمك، واستمع إلى ثلاث قصص عن صيد السمك كان قد استمع إليها قبل أن ينطلق إلى منطقة المرتفعات الاسكتلندية قبل شهر، واستعاد سيارته الصغيرة ذات المقعدين التي كان يستخدمها في شئونه الخاصة.
تطلب العثور على المنزل الكائن في 5 بريت لين بعض البحث. كانت كافة أنواع التعديل والتهيئة قد أجريت في هذه الجمهرة من المنازل العتيقة. إذ أصبحت الإسطبلات أكواخا، وتحولت أجنحة المطابخ إلى منازل، وأضحت الطوابق الغريبة الشكل من البيوت شققا صغيرة. بدا أن المنزل الكائن في 5 بريت لين مجرد رقم على بوابة. وكانت البوابة في جدار من الطوب، وبدا لجرانت أن أخشاب البلوط المعشقة بالحديد فيها متأثرة بعض الشيء بامتداد بسيط من طوب لندن التقليدي. لكنها كانت متينة وعادية في حد ذاتها، وكانت تفتح بسهولة عند محاولة ذلك. كانت تؤدي إلى ما كان باحة مطبخ حين كان المنزل رقم 5 مجرد جناح خلفي لمنزل في شارع آخر تماما. أما الآن فقد أصبحت تلك الباحة فناء صغيرا مرصوفا به نافورة في المنتصف، وأما ما كان يوما ما جناحا فأصبح منزلا مسطحا صغيرا من الجص يتكون من ثلاثة طوابق، مدهونة بلون أصفر شاحب، وبها نوافذ مؤطرة بأطر خضراء. وبينما كان جرانت يقطع الفناء الصغير نحو الباب لاحظ أنهم استخدموا بلاطات في عملية الرصف، وكان بعضها قديما لكن أكثرها كان جميلا. كما كانت النافورة جميلة أيضا. أثنى جرانت في نفسه على هيرون لويد لأنه لم يستبدل بالجرس الكهربائي اللندني الذي يعمل بالضغط على زر جرسا فاخرا آخر أجمل؛ كان الجرس اللندني يوحي بذوق طيب لم تكن البوابة غير المناسبة قد حسمته.
كان داخل المنزل أيضا يتصف بالعراء والمساحات الخالية التي تتصف بها شبه الجزيرة العربية دون وجود ما يوحي بأن قطعة من الشرق قد نقلت إلى لندن . تمكن جرانت أن يرى، وراء جسد الخادم الذي فتح له الباب، الحوائط النظيفة والسجاد الفاخر؛ إذ كان الطابع العربي طرازا متبعا، وليس ديكورا منقولا. وهنا تعاظم شعوره بالاحترام تجاه هيرون لويد.
بدا الخادم عربيا؛ عربيا من الحضر، ممتلئ الجسد، ذا عينين براقتين وأسلوب مهذب. استمع الرجل إلى استفسار جرانت وسأله بإنجليزية لطيفة صحيحة للغاية إن كان لديه موعد سابق. فأجاب جرانت بالنفي، لكنه لن يأخذ من وقت السيد لويد أكثر من بضع دقائق. إذ يمكن أن يكون السيد لويد عونا في تقديم معلومات ذات صلة بشبه الجزيرة العربية. «هلا دخلت فضلا، وألتمس منك أن تنتظر لحظة.»
أرشد الرجل جرانت إلى حجرة صغيرة في الداخل بجوار الباب الأمامي تماما، وبالنظر إلى مساحتها المحدودة وفرشها القليل قرر جرانت أنها كانت تستخدم لغرض الانتظار فقط. افترض أن شخصا مثل هيرون لويد لا بد أن يكون معتادا على ظهور الغرباء على عتبة منزله طالبين مساعدته أو اهتمامه. أو ربما ليطلبوا توقيعه فحسب. هذا التصور جعل من تطفل جرانت أمرا أقل استهجانا.
بدا أن السيد لويد لم يطل في الجدال بشأن ما إذا كان جرانت مرغوبا فيه؛ إذ عاد الرجل في غضون لحظات. «هلا أتيت من فضلك؟ سيسر السيد لويد كثيرا لرؤيتك.»
كانت تلك العبارة صيغة مكررة، لكنها صيغة لطيفة. بينما كان جرانت يتبع الرجل على الدرج الضيق وإلى الغرفة الكبيرة التي كانت تشغل مساحة الطابق الأول بأسره، فكر في أن الأدب والخصال الحميدة بالفعل يلطفان الحياة.
قال الرجل، وهو يتنحى جانبا من أجل أن يسمح لجرانت بالدخول: «السيد جرانت، «أيها الحاج».» وقعت الكلمة على مسامع جرانت وفكر في نفسه: هذا هو أول مظاهر التصنع: من المؤكد أن الإنجليز لا يحجون إلى مكة.
Shafi da ba'a sani ba