وعند «مي» - على ما نعلم - أنماط عديدة من الرسائل التي تسللت في عداد هذا الأدب الخاص ولا ندري أين موضعها الآن، وإن كنا نخشى أن تكون قد أحرقتها أو ردتها إلى كتابها لتسترد منهم كتبها إليهم، كما صنعت في غمرة من غمرات الحزن، غلبتها على صبرها بعد وفاة والديها.
ولكن الذي بقي منها في موضعه أو عند أصحابه، يساوي الجهد الجميل الذي يبذل في جمعه، وإنقاذه، وتسليمه لأصحاب الحق الأخير فيه، وهم قراء الآداب ومحبو الفنون.
كم كان زوار تلك الندوة العالية؟ وكم كان كتاب الرسائل منها وإليها؟
إنني أعد ممن رأيتهم غير مرة نحو الثلاثين، أذكرهم كما ترد أسماؤهم على القلم في هذه الساعة: «لطفي السيد»، «عبد العزيز فهمي»، «شبلي شميل»، «سليمان البستاني»، «أحمد شوقي»، «خليل مطران»، «أنطون الجميل»، «داود بركات»، «نجيب هواويني»، «توفيق حبيب»، «توفيق إسكاروس»، «أمين واصف»، «مصطفى عبد الرازق»، «مصطفى صادق الرافعي»، «هدى شعراوي»، «إحسان القوصي»، «إدجار جلاد»، «سليم سركيس»، «يعقوب صروف»، «حافظ إبراهيم»، «إسماعيل صبري»، «إدريس راغب»، «فؤاد صروف»، «عبد القادر حمزة»، «منصور فهمي»، «طه حسين»، «ملك حفني ناصف»، «مجد الدين حفني ناصف»، «عبد الستار الباسل»، ونخبة من هذا الطراز على اختلاف التشكيل ومع حفظ المقام. كما يقال في هذا المقام .
وكل زائر من هذه النخبة كان حقا له أن يزور الندوة في موعدها في أصيل يوم الثلاثاء، وكان يرى من حقه، أو واجبه، أن يعتذر لفوات موعده منها بعض الأيام، بل كان من حقه أن يكتب رسائل الاعتذار أو رسائل السؤال والتحية، وإن لم يكن من مطمعه دائما أن يتلقى الجواب.
أكل هؤلاء عشاق؟
وعلى كل من هؤلاء ينبغي ل «مي»، إذا أجابت، أن تجيب جواب المحبوبة التي تتقبل العشق ممن يدعيه.
هذا هو الخاطر العاجل الذي يسبق إلى الوهم كلما ذكرت تحيات الرسائل، أو القصائد أحيانا، من غير واحد في هذه الزمرة المختارة.
وهذا هو الخاطر الذي تصححه لمحة سريعة أيضا، إلى طبيعة الندوة وطبيعة التحية «العرفية» التي تناسبها، بل تستوجبها بقانون الشعر والفن، وإن لم نقل بقانون الجنتلمانية والفروسية!
فتاة جميلة أديبة، يزورها أدباء وشعراء وكتاب قصة وأصحاب ذوق في جمال الكلمة وجمال الطلعة.
Shafi da ba'a sani ba