هو الشاعر الذي يقول في ديوان النزغات:
هذه الدنيا دار كل جزاء
وهو الذي يقول فيه:
عسى الذي عاف أرضه أن
يضمه عالم جديد
وغير ذلك كثير من «الأسلوب النظمي» في سائر منظومات الديوان.
أما الأسلوب «الفكري » فهو كذلك مطابق لأسلوب الزهاوي في كل ما نظم من الشعر منذ عالج نظمه في أوائل حياته، ومما لا شك فيه أن أفكار الديوان المفقود ليست غورا جديدا في تكوين آراء الشاعر مع الزمن، كما قد يتوهم القارئ من قول الزهاوي إنه آخر ما نظم، وأنه يحتوي أفكارا لم ينشرها قبل ذلك في حياته؛ إذ المحقق من معارضة دلائل الشك والتردد ودلائل الإيمان واليقين، أن هذه الدلائل جميعا قد وجدت في مؤلفاته الباكرة، كما وجدت في مؤلفاته الأخيرة، على درجة واحدة من القوة والوضوح.
وأغلب الظن أن العالم الديني المفكر «محمد فريد وجدي» قد أصاب الحقيقة حين قال في مجلة الأزهر مما نقله الأديب «هلال ناجي» في الصفحة ال «300» من كتابه، فإنه لاحظ أن «الزهاوي»: «يكتب الشيء ثم ينقضه بقول آخر كما فعل في كتابه الكائنات؛ فقد جرى فيه على أسلوب الماديين، ثم ختمه بكلمة تحت عنوان «ابتهال» حقر فيها كل الآراء التي قررها في الكتاب، وذكر أنه إنما جرى فيها على أسلوب الماديين لبيان مذهبهم، أما هو فيبرأ إلى الله منهم ومن آرائهم، ويرجو من يقرأ الكتاب ألا يعتد بما قرره فيه.»
ثم عقب الأستاذ وجدي على هذا الأسلوب قائلا: «إنه أسلوب في الكتابة، كل ما يمكن أن يعتذر عنه أنه يلجأ إليه هربا مما قرره.»
وكل ما نزيده على تعقيب الأستاذ «وجدي» أن «الزهاوي» قد يبادر في مفتتح كتابه إلى تحقير آراء المتهجمين على الحقائق الكبرى، كحقائق عالم الغيب وما يسميه الباحثون بحقائق ما وراء المادة، فإنه افتتح كتابه «الكائنات» الذي ألفه في مقتبل صباه بهذين البيتين:
Shafi da ba'a sani ba