Tafiya ta a Duniya

Nawal Sacdawi d. 1442 AH
162

Tafiya ta a Duniya

رحلاتي في العالم

Nau'ikan

في متحف دار السلام رأيت أقدم جمجمة إنسان في التاريخ، اكتشفت الجمجمة في منطقة «أولدوبي جورج» في شمال تنزانيا، اكتشفها الدكتور «ليكي»، وقدر عمر الجمجمة بحوالي مليون سنة وسبعمائة وخمسين ألف عام، منذ عاش الإنسان «زنجا تروبوس بواسي».

في الصباح زارتني بالفندق صديقتي التانزانية «زين كامل»، أمها أفريقية وأبوها من الهند، يعيشان في نيروبي حيث يملك أبوها ثلاث شركات تجارية كبيرة، هي تعيش في دار السلام وتعمل في وزارة الخارجية، ورثت عن أبيها الشعر الأسود الناعم، وأخذت من أمها القوام الفارع الممشوق.

ذهبنا إلى شاطئ «باهوري» على المحيط الهندي، يشبه شواطئ أوروبا، سبحنا في المحيط وأكلنا السمك المشوي. قالت لي وهي راقدة فوق الرمل إنها لا تحب الحياة مع أبيها؛ لأنه رأسمالي يتعاون مع الأمريكيين، وهي تؤمن بالاشتراكية ونيريري.

وجلست فجأة وهي تقول بحماس: نيريري يسعى لاستقلال تنزانيا الاقتصادي ويعارض سياسة أمريكا وإسرائيل وتعاونهما مع حكومة جنوب أفريقيا العنصرية.

واشترت الجريدة من صبي يبيع الصحف على الشاطئ، مشكلة اللحم في الصفحة الأولى، رأي يؤيد عودة اللحم إلى تجار القطاع الخاص، والرأي الآخر يعتبر ذلك عودة إلى الرأسمالية، وينادي بأن يظل بيع اللحوم في نطاق القطاع العام؛ منعا لزيادة أسعارها أو اختفائها من السوق.

وتناقش الصحف أيضا مشكلة المعاش؛ فالموظف يحال إلى المعاش في سن 45 سنة كحد أدنى، لكن متوسط العمر أقل من 45 سنة، أي إن معظم الناس يموتون قبل أن يستمتعوا بالمعاش، ويسقط حق الموظف في المعاش إذا حكم عليه في قضية أو دخل السجن.

نيريري يصرح في الصحف أن صورة أمريكا أصبحت قبيحة في أفريقيا؛ لأنها تساند الحكومات العنصرية، وتمدهم بالسلاح والأموال، وتشجع الحركات الدينية المتعصبة لإحداث فتن طائفية.

من غرفتي بالفندق كنت أسمع صوت المؤذن، ومن المآذن ينطلق صوت الأذان في شوارع دار السلام، وقالت لي زين: عندنا هنا حرية دينية مثل معظم البلاد في أفريقيا، وبالأمس اعتنق شاب تانزاني المسيحية وحضر تعميده أبوه وأمه، وهما مسلمان، لكن الرجال المسلمين هنا أكثر تخلفا من الرجال الآخرين، والرجل يطلق زوجته بلا سبب، ويتزوج أربع نساء، والمرأة المسلمة يفرضون عليها الحجاب وعدم الخروج من البيت، مع أن النساء هنا يعملن أكثر من الرجال، والمرأة في كثير من الأسر تنفق على أطفالها وتنسبهم إليها ، وعندنا 19 امرأة في البرلمان ووزيرتان: وزيرة للعدل ووزيرة للإسكان، عندنا يوم الفلاحين اسمه «نين نين» ومشاريع للتنمية الزراعية. خلال عامين من 1974 إلى 1976 تم نقل 13 مليون فلاح وفلاحة إلى قرى جديدة، تنزانيا هي إحدى دول المواجهة ضد الاستعمار الجديد، وكانت موطن العبيد، هل زرت ميناء «باجامويو»؟

وأخذتني إلى هذا الميناء، يبعد عن دار السلام 45 ميلا ناحية الشمال، ميناء «باجامويو» كان هو المحط الأخير على الساحل الشرقي لأفريقيا، تقف عنده العربات التي تنقل العبيد من داخل أفريقيا إلى المركب الذي ينقلهم إلى جزيرة زنجبار ومنها إلى بلاد بعيدة مجهولة لا يعرفونها.

على الجدار حفرت كلمات تقول: «هنا أترك قلبي».

Shafi da ba'a sani ba