وفي منتصف الطريق بين بغداد والبصرة ، أبصرنا عدة سرادقات منصوبة في المروج بمحاذاة ضفة النهر. ولدى الاستفسار سمعنا ان الدفتردار آت من القسطنطينية لجباية ضرائب السلطان. فمن بغداد إلى القرنة يدفع عن كل رأس جاموس ، ذكرا كان أم انثى ، قرش وربع قرش في السنة ، فيقوم من ذلك للسلطان في السنة مائة وثمانون ألف قرش. وعلى كل فرس يدفع قرشان ، وعلى كل شاة عشرة سوات (1) ( Sous ). ولو لا تحايل أهل البلاد عند دفع الرسوم ، لزاد مجموع الضرائب نحو خمسين ألف قرش عما هي عليه الآن.
ثم انتهينا إلى القرنة ، وهي قلعة عند ملتقى النهرين ، في كلتا جهتيها قلعة أصغر منها. ولا يمكن المرور من هناك بدون إذن. وفي قلعة القرنة المزودة بمدفع ، التقينا بابن أمير البصرة الذي كان حاكم القلعة. وهنا يسجل حساب الجمارك. ومع أن رجال الجمرك يمعنون في تحري السفن ، فإنهم كثير واللطف فلا يفتشون أي شخص. وعند قيامهم بهذا الواجب لا يهملون التفتيش عن البضائع المخبأة بين ألواح السفينة أو المغطاة بالحطب والعيدان. ولموظفي الجمرك مثقب طويل يجسون به جوانب السفينة لاكتشاف ما قد يكون فيها من بضاعة مخبأة. إن البضاعة تسجل في القرنة ، ولكن رسوم البصرة تدفع دائما في البصرة بحسب القائمة المعطاة من قلعة القرنة.
وفي اليوم ذاته ، دخلنا في القناة التي شقت من الفرات إلى البصرة ، فلقينا في طريقنا رئيس المعمل الهولندي الذي كان يتنزه في قارب مغطى بالقماش القرمزي ، فأخذني معه إلى البصرة.
وتقع البصرة في جانب بلاد العرب الصحراوية ، على بعد فرسخين من خرائب مدينة كانت تدعى سابقا طريدون (2) ( Teredon ) وكانت قديما تقوم في البادية ويأتيها الماء من الفرات من قناة مبنية بالآجر لا تزال ظاهرة للعيان.
Shafi 69