وفي اليوم الثامن والعشرين ، سرنا ثماني ساعات ، فبلغنا نصيبين المسماة قديما نصيبس ( Nisibis ). فإذا سرت ساعتين أو ثلاثا في هذا الطريق ، رأيت على مقربة منه نوعا من المناسك ، وهو غرفة صغيرة محاطة بسور ، بابها شديد الانخفاض وعلى من يدخلها أن يزحف على بطنه. وقد ذهب ثلاثة أو اربعة من اليهود لأداء عبادتهم في هذا المنسك لاعتقادهم أنه المكان الذي دفن فيه النبي أليشع.
والأرض بين قوش حصار ونصيبين سهل فسيح ، لا تجد فيه عشبا خلال الأيام الأولى من السفر ، ما سوى كزبرة الثعلب. وفي اليوم التالي ، ترى الحقول مغطاة بأوراق كبيرة ثخينة جذورها بصلية ، كبر الواحد كالبيضة ، كما تشاهد كثيرا من الأزهار الصفر والحمر والبنفسجية ، والسوسن بألوانه المتعددة ، وشقائق النعمان والنرجس الأصفر. ومع ذلك ، فإن ما بين النهرين بوجه عام أرض قاحلة ، وما يمكن تحسينه منها بالفن والمثابرة قليل.
ونصيبين الحالية ليست إلا ظلالا لنصيبين القديمة. وهي اليوم عبارة عن قرية كبيرة يسكنها النصارى من الأرمن والنساطرة. وقد نزلت قافلتنا وراءها قليلا ، في رحبة كنيسة ملاصقة لكنيسة أرمنية. وفي اليوم الثاني ، لما سمعت الناس يرتلون ، ذهبت إلى الكنيسة مع الراهبين الكبوشيين ، فرأيت مطرانا أرمنيا بتاجه وصولجانه الخشبي ، يحف به عدد من الكهنة وحشد كبير من المصلين. وفي ختام الصلاة ، تبادلنا التحيات ، ثم أنزلنا المطران إلى مصلى تحت الكنيسة ، أرانا فيه ضريح القديس يعقوب مطران نصيبين (1). وفي صحن الكنيسة رخامة ثخنها قدم وارتفاقها ست أقدام ، فوقها عدة شموع من العسل
Shafi 39