جيدة حسنة. وهنا يأتي جابي الرسوم فيحصي الأحمال دون فتحها ، فالذين يحملون خرجة (1) عليهم أن يدفعوا عنها رسم نصف حمل ، وإلا يفتح الخرج ليرى إن كان فيه سلعة تجارية ما. وعلى التاجر حينذاك أن يدفع الرسم كاملا.
أورفا عاصمة ما بين النهرين ، وهي كما يقولون مبنية في البقعة التي عاش فيها إبراهيم الخليل ، حيث كانت تقوم أدسا ( Edessa ) القديمة. ويروي أهالي تلك الجهات ، أن بلاط الملك أبجر ( Abagarus ) كان في هذه المدينة ، ولا تزال ترى فيها خرائب حصن ، منه كما يروون أيضا أرسل هذا الملك إلى المسيح طالبا صورته ، وواهبا إياه مملكته وشعبه للدفاع عنه ضد اليهود ، الذين عادوه على ما انتهى إليه (2). وتروي تواريخ الأرمن أن أبجر كان من أبناء جلدتهم وإنهم ، في أيام حكمه ، صاروا نصارى وتعمدوا على يد واحد من التلاميذ ، بعث به المسيح إلى ذلك الملك بعد قيامته. ولم يتخرب هذا الحصن خرابا نهائيا ، إذ لا تزال فيه قاعة فسيحة وثلاث أو أربع غرف جميلة فيها معالم فسيفساء. لقد حثني الشوق على رؤية أجمل ما في المدينة ، فأخذوني إلى فسقية كبيرة كأنها بركة سمك ، وهي تنبع من تحت أسس الجامع الكبير الذي كان بني إكراما لإبراهيم الخليل. ويقول نصارى تلك الأنحاء ، إن في هذا المكان صلى إبراهيم قبل أن يضحي بابنه إسحاق ، وإن ينبوعين من الماء نبعا من البقعتين اللتين وضع عليهما ركبتيه ، وهذان الينبوعان يملآن الفسقية الكبيرة التي أشرت إليها. إن هذه الفسقية مبلطة بالصخر ، وزاخرة بالسمك فإذا رميت إليه قطعة صغيرة من الخبز ، تبعك حيثما تنقلت في ضفاف البركة. وليس من يتعرض لهذا السمك ، فإن الترك يكرمونه جدا ويسمونه سمك إبراهيم. ويفيض الماء من هذه الفسقية فيسقي المدينة كلها. وما حول الفسقية مغطى بسجاجيد جميلة ، بعض نحو عشرين خطوة. أما ماء هذه الفسقية فينصب في الأخير في نهر محاذ للسور. إن الكهوف التي تتفجر منها عينا الماء ، لا يسمح لك بالذهاب إليها ما لم تخلع نعليك. وأنه لفضل عميم
Shafi 33