وقسَت منهم قلوبٌ على من ... بكت الأرضُ فقدهم والسماءُ
فابكهم ما استطعتَ إنّ قليلًا ... في عظيمٍ من المصابِ البكاءُ
ووجد بالحسين ثلاث وثلاثون طعنة، وأربع وأربعون ضربة، ثم نادى عمر من ينتدب للحسين فيوطئه فرسه. فانتدب عشرة فداسوه بخيولهم حتى رضوا ظهره وصدره.
مصائبُ شتى جمعت في مصيبةٍ ... ولم يكفها حتى قفتها مصائبُ
وكان عدة من قتل معه اثنين وسبعين رجلًا، ومن أصحاب عمر ثمانية وثمانين غير الجرحى، ثم دفن في اليوم الثاني بالطفّ حيث قتل، وفي ذلك قيل:
بالطفّ لي أسوةٌ في كلّ حادثةٍ ... فهات يا دهرُ ما أعددت من محنْ
ما كنتُ أدري الليالي في غوائلها ... تسقي الحسينَ الردى والسمَّ للحسنْ
ثم بعث عمر بن سعد برأس الحسين ورؤوس أصحابه إلى ابن زياد، ودخل خوله بن يزيد الأصبحي على ابن زياد برأس الحسين وهو ينشد:
املأ ركابي فضةً وذهبا ... إني قتلتُ السيدَّ المُحجّبا
قتلتُ خيرَ الناسِ أمًا وأبا ... وخيرهُم إذ ينسبون نَسبا
فوضع الرأس بين يدي ابن زياد، فكان ينكت ثنايا الحسين بقضيب كان في يده، وزيد بن أرقم حاضر وهو يقول له: اكفف، فلقد رأيت النبي ﷺ يقبّل هذه الثنايا.
وإذا البيناتُ لم تغنِ شيئًا ... فالتماسُ الهدى بهنٍَّ عناءُ
ثم بعد يومين دخل الكوفة عمر ومعه ثياب الحسين وأخواته، وفيهم عليّ بن
1 / 81