أطاعته قبيلة ابن همام وبنى جوارة وبنى عابد واتخذوا من مصر العليا وطنا وقدم الملك المقوقس إلى عمرو خزانة من ذهب وبسط إليه الرجاء أن يقيم على جبل المقطم وسفحه فى الجانب القبلى من مصر ، ولم يقبل عمرو ما قدم إليه المقوقس من ذهب ، وعرض ذلك على عمر بن الخطاب فى المدينة ولم يرض عمر بذلك وكتب إليه يقول : «إن هذه أرض مباركة وأقم لموتى المسلمين فيها مقبرة ، لأن فيها سيدنا عامر أو مغافر وفى السفح دفن خمسة رجال وحذافة بن عبد الله السهيمى وعبد الله بن حارث الزبيدى من زبيد وهى مدينة من مدن اليمن ، كما دفن فيها أبو نصر الغفارى وعامر بن عقبة الجهينى ، كما دفن فيها كثير من الأنبياء قبل الطوفان ، وكم من أبناء الأنبياء دفنوا فيها بعد الطوفان ، ولا تكون المقبرة إلا للمسلمين».
هذا ما كتب عمر فى رسالته إلى عمرو ، فما أعطى عمرو هذا المكان للمقوقس إنه الآن المقبرة الكبرى ، وفيها يدفن عظماء مصر وسوف نكتب عن هذا بمشيئة الله فى موضعه.
وبناء على قول ابن الحكم رحمه الله إن جبل خليل الرحمن فى القدس وجبل طور سيناء وجبل ينبع وعرفات وإلى ساحل نهر مراد والرها وحلب وربح ومن اللاذقية إلى ساحل البحر حتى مصر كل هذا أرض مقدسة ، هذا قول ابن الحكم ، ويذهب إلى هذا كذلك كعب الأحبار ، ولكن بعض المفسرين والمحدثين والمؤرخين يقولون : «أرض حاسان هى مدينة بلبيس وما بعدها إلى مصر أرض غير مقدسة» ؛ فافهم بقول صحيح ..
أما فى تواريخ القبط فمن يدفنون فى جبل المقطم يدخلون الجنة بلا حساب ولا عذاب ، وهذا ما تبينه أحاديث سيدنا إدريس عليه السلام ودانيال والعزيز والنبى قفاح.
وإذا ما دخل مصر من اشتد به العلة ورقد فى ظل جبل المقطم سبعة أيام شفى بإذن الله ، وعند طلوع الشمس من وراء هذا الجبل يمتد ظله إلى مصر القديمة الواقعة على ساحل النيل ، وعلى حد قول وهب بن سفيان أن ما يقع عليه ظل هذا الجبل فى مصر يعد أرضا مقدسة ، لأن فى هذه المنطقة دفن أنبياء وبنوهم وما أكثرهم ، والحق أنها جديرة بأن تكون أرضا مقدسة ففى داخل مصر وخارجها دفن من الصحابة ثلاثمائة وأربعون.
Shafi 76