أما القوة الموجودة في المعسكر فقد علم الدكتور روص أنها تقدر بحوالي عشرة آلاف رجل فقط ، وهى لا تكاد تساوي نصف الجيش الأصلي ، فقد سرح باقي الرجال إلى بيوتهم للقيام بمهمة الحصاد. ولا يمت المعسكر بصلة إلى النظام والنسق العسكريين بشيء ، على أن الشيء النظامي الوحيد هناك كان التفاف حلقة من الخيم الصغيرة حول خيمة الباشا ، وهي تحتوي على حرسه الخاص الذين يبلغون ثلاثة آلاف شخص في عددهم. وهؤلاء يكونون خدامه في نفس الوقت. ويتسلح المشاة بالبنادق والخناجر ، كما يتسلح الفرسان بالرماح والخناجر. وكل رئيس قبيلة تخيم قبيلته من حوله في معزل عن سائر القبائل ، فيؤدي ذلك إلى تشويه منظر المعسكر نفسه لأنه يمتد والحالة هذه إلى مدى يفهم منه بالنسبة لقواعد الحرب الأوربية أنه يحتوي على خمسين ألف مقاتل. ومع هذا ، فبرغم هذا الاحتياج إلى النظام والترتيب لم يكن يسمع فيه ولا صوت واحد ، ومن الممكن أن يصل كل فرد فيه إلى المكان المعين في ظرف خمس دقائق فقط. وقد كان الرجال يتمرنون من تلقاء أنفسهم على الرماية وإصابة الهدف بصورة مستمرة. وفي كل مساء يتناول ما بين المئة والمئتي جندي عشاءهم في خيمة الباشا متبعين في ذلك دورة خاصة تتناول العشائر جميعها. وقد شوهد عدد من الأسرى في المعسكر وهم مقيدون بالحديد في أعناقهم وأرجلهم. ويقول الدكتور روص إن الباشا معتاد على شراء غنائم وأسلاب الحرب جميعها بأسعار تساوي ضعف ما يدفعه لهم الآخرون.
وفي اليوم الثامن من تموز ترك الدكتور روص معسكر الباشا وسلك طريق الموصل. وفي الجانب الآخر من الزاب وجد مئة فارس عربي من قبيلة ألبو سلمان مستعدين لتوصيله خلال ما تبقى من ممتلكات مير راوندوز. فأعترض على هذا العدد الكبير من الرجال لكن رئيس هذه الثلة الكبيرة من الخيالة أفهمه بأن الأوامر التي تلقاها تفرض عليه ذلك ، وأنه لا يستطيع التخلي عن أي رجل منهم. ويغتنم الدكتور هذه الفرصة هنا ليشير إلى التباين الموجود في عادات موظفي هذا الباشا وموظفي المناطق التركية. ففي اللحظة التي دخل فيها هذه الجهات بوهت بطلبات البخشيش ، وبعد تجريده من كل ما كان يمكن
Shafi 26