منهم ريثما نالت من سواهم، فهم شرقيّون بارون بالشرق محتفظون بمخلفات الأصول وآثار الجدود. وبعد أن اِنتهينا من الزيارات ومشاهدة أفخر البيوتات ذهبنا إلى أسواق المدينة
أسواق المدينة
في هذه المدينة أسواق كثيرة تسمّى بأسماء مختلفة، وفي الغالب يسمّى كلّ سوق منها باِسم ما يصنع أو يباع فيه على نحو ما يعرف في المدن الكبيرة. وهذه الأسواق على نوعين مجموعة ومتفرقة. والمجموعة منها يطلق عليها اسم المدينة، وهي شرقية الشكل أكثرها ضيق مسقوف. أمّا سوق الحميدية الجديدة وسوق الخوجه، وسوق محمد علي، فهي من الأسواق الحديثة الجميلة. ويوجد في المدينة من الخانات عدد كبير، أقدمها خان أسعد باشا وخان سليمان باشا. وقد كان أوّل
مرورنا من السوق الأكبر، ورأينا أنّ حركة البيع والشراء متبادلة هناك بين الشرقيّين، وقلّما وقعت العين على أوربي يبيع أو يشتري أو يمرّ في هذا السوق، على أنّه هو أكبر الأسواق في ذلك البلد. ثمّ إننا كنّا نسير بين حوانيت من الجانبين، منها حوانيت السروجية والقصّارين وباعة الخبز واللحوم المشويّة والعطّارين وغيرهم من أصحاب التجارات وأرباب الصنائع الشرقيّة البحتة. كما كنّا نلاحظ أنّ مجموعة المتعاملين بالبيع والشراء كانوا يختلفون بين عرب وأكراد وأعجام وشراكسة ويتميّزون كلّ بلبوسه المعروف. ثمّ إن هناك بعض الأعاجم قد اتّخذوا محال لنقش الأختام، وجماعة كثيرة من الكتاب العموميّين يجلسون متفرّقين في طول السوق ومسافة ما بين الواحد منهم والآخر تبلغ من عشرة أمتار تقريبًا إلى عشرين في الكثير. وحول هؤلاء الكتاب زحام من أهل البلد، إذ يستكتبونهم العروض والجوابات، كما قد يشاهد في الشوارع القريبة من المحاكم
1 / 72