الدسائس ولا تنحته الوساوس. ثمّ إنّهم عندما همّوا بالانصراف قدّموا إلينا قانون جمعيّتهم معنونًا بقانون جمعية التلاميذ المصريّين في كلية الأمريكان، ومصدّرًا بصورة سمو الجناب العالي الخديوي. وسنذكر إن شاء الله هذا القانون بنصّه في خاتمة الرحلة، ليعرف منه حضرات القراء أسماء أعضاء الجمعية وما اشتمل عليه من المواد. وقد قابلت منهم ذلك الإهداء الجميل بالثناء العاطر والشكر الجزيل، ودعوت لهم الله أن يكلّل مشروعهم بالنجاح ويتوّج عملهم بالفلاح. وبعد ذلك خرجوا من عندنا جذلين مسرورين، على أنّ سرورنا إذ رأينا أدبهم ونشاطهم كان في وزن فرحهم أو هو يزيد. كيف لا، وإن أقل ما كان يقتضيني أن أسرّ حينئذ أنّي قابلت شبيبة بلادي تجاهد في سبيل العلم مجاهدة الأبطال، وأنّها لقد تركت وراءها من أجل استحصاله كلّ مرتخص وغال. ورجوت أن يكون ما
تظاهر به أولئك الطلبة النبهاء من محبّة مولاهم ومحبّتنا غير مشوبة بشائبة النّفاق والرياء، وأن يكون ليس من نوع المحبّة العارضة بسبب البعد والاغتراب، ولا من قبيل ذلك النسب الذي اِنتحله اِمرؤ القيس في قوله وقد أناخ بعسيب:
أَجارتنا إنّ الخطوبَ تَنوبُ ... وَإِنّي مقيمٌ ما أقامَ عَسيبُ
أَجارتنا إِنّا مُقيمانِ ها هُنا ... وَكلّ غَريبٍ لِلغريبِ نسيبُ
زيارة المدرسة الحربية
توجّهنا في شباب يوم الأحد ٢٣ ربيع الأول سنة ١٣٢٨ إلى زيارة المدرسة العسكرية الابتدائية وكان موقعها من المدينة في قسم الباشورة وهي تحتوي على سبعين تلميذًا تقريبًا يبلغ سنّ الواحد منهم من سبع سنين إلى أربع عشرة سنة، وقد طفت على كلّ فصول هذه المدرسة ودوائرها وكان المعلّمون يختبرون التلاميذ أمامنا
1 / 40